قراءة وتحليل في أعماق شخصية السيسي.. المبادئ والوطنية والصدق والثقة بالنفس عنوانه.. ودائما يردد:"سأحاجيكم يوم القيامة"

لقاءات السيسي خلال الحملة الانتخابية تكشف أسرار شخصيته
التنوع الكبير بين الأطياف الدينية والثقافية في الجمالية لعبت دورا كبيرا في نشأة السيسي
الاجتهاد والطموح في تحقيق الأفضل كان هدفه داخل الحياة العسكرية
الأمانة والإخلاص والصدق مبادئه.. ويكره النفاق والكلام المعسول
أبرز الجمل التي رددها خلال لقاءاته: "ربنا يقدرني على حكم البلاد بكل صدق وأمانة وإخلاص" حظى الرئيس عبد الفتاح السيسي بشعبية جارفة بين المصريين بل وأصبح محل اهتمام دولي كبير بعد ثورة 30 يونيو 2013 وعزل جماعة الإخوان المسلمين من الحكم، لكن هذه الشعبية لم تتوقف فقط عند هذا المنعطف بل يعود جزء كبير من هذه الشعبية إلى طبيعة شخصيته التي لاقت قبولا كبيرا لدى المصريين ورأوا فيه المنقذ للبلاد والشخص الوحيد القادر على تحقيق الأمن والاستقرار وآمال المصريين.
ويكمن سر شخصية الرئيس عبد الفتاح السيسي التي أحبها المصريون في كلماته التي تمس العاطفة وتظهر معدن المصري الأصيل الذي طالما كان يبحث عنه المصريون طوال السنوات الثلاث لماضية.
ومن الضروري عند التعمق في شخصية السيسي العودة إلى نشأته في منطقة الجمالية التي لعبت دورا كبيرا في تكوين شخصيته، حيث شهد هذا الحي تنوعا كبيرا بين الأطياف الدينية والثقافية.
وعاش السيسي طفولته فى منزل عائلته بحارة البرقوقية الذى بناه والده الحاج سعيد السيسى، وصار هواء القاهرة التاريخية عالقا بذهنه، حيث ترعرع بين أهلها وتعلم منهم الفضيلة والخلق الكريم.
وفي شوارع الجمالية، التي خرج منها العديد من العباقرة أمثال الكاتب الكبير نجيب محفوظ، يفتخر أهالي المنطقة بنشأة السيسي بينهم ويكنون له الاحترام منذ صغره وكانوا يفضلون استشارته في بعض مشاكلهم، وذلك لتميزه بالاحترام والذكاء الشديد.
كما يروي العديد من جيران وأصدقاء والد الرئيس الحاج سعيد السيسي أن الرئيس السيسي اكتسب عدة صفات منذ الصغر من بينها الصبر والذكاء في التعامل مع المشاكل والأزمات، كما كان يتميز بالهدوء والوعي السياسي وبعد النظر والوطنية منذ الصغر.
وتدرجت شخصية الرئيس السيسي في اكتساب الصفات والقيم الأصيلة للشعب المصري على مدار عمره، حيث اشتهر داخل الحياة العسكرية باجتهاده الشديد في العمل وطموحه المستمر في تحقيق الأفضل، وهو ما كان واضحا في حصوله على عدد من الدرجات العلمية والعسكرية المتميزة في مصر وبريطانيا والولايات المتحدة، فضلا عن تدرجه السريع في عدد من المناصب العسكرية.
ولم تكن شخصية المشير السيسي قبل خلعه البزة العسكرية معروفة بشكل واضح للمصريين سوى أن خطاباته كانت تمس العاطفة بشكل مباشر، وهو ما كان يعد أمرا طبيعيا بسبب حساسية منصب وزير الدفاع، إلا أن هذه الشخصية بدأت تتضح بأدق تفاصيلها بعد ترشحه للرئاسة وعقده لقاءات مكثفة مع مختلف القطاعات وشرائح المجتمع، حيث كانت هذه اللقاءات كفيلة بحصول الحاضرين على انطباع دقيق حول شخصيته.
وكان الحاضرون في كل لقاء مجمعين على أنه شخصية فريدة، حيث كانت كلماته دائما صادقة تصل بشكل مباشر لعقول وقلوب الحاضرين، كما أجمع كل من التقى به على أن كلماته مليئة بالصدق والإخلاص والوطنية.
ولم يحاول الرئيس طوال فترة حملته الانتخابية اتباع أو تقبل أسلوب النفاق أو تصدير الكلمات المعسولة لتحسين صورته لدى الحاضرين، وكان الدافع لديه دائما توضيح الحقائق والتحديات وكيفية معالجتها وتحفيز دافع الوطنية والإخلاص للوطن لكل من يجلس معه، وهو ما كان يعطي انطباعا دائما لدى الحاضرين بأنه رجل قوي ملم بالتحديات والمشاكل التي تواجهها البلاد بشكل تفصيلي ولديه وسائل واضحة لمواجهتها وحلها.
هذا المزيج من المبادئ والأخلاق والوطنية والصدق والإخلاص والأمانة والثقة بالنفس اختلط ببعضه ليبرز شخصية ينصت لها الجميع باهتمام بالغ، فطوال اللقاءات المختلفة، كانت ملامح وجه المشير السيسي تعكس شخصية رجل قوي حازم واثق في نفسه محدد التفكير سريع البديهة يحمل هموم الوطن، ويصرعلى مواجهتها بكل عزيمة وإصرار.
كما عكست اللقاءات المختلفة أيضا عن شخصية دبلوماسية سريعة البديهة، فقد كان الرئيس السيسي يلتزم طوال الوقت بالإنصات باهتمام لكل أحاديث الحاضرين والرد على كل واحد على حدة وتدوين الاقتراحات والأفكار التي يراها فعالة خلال المرحلة المقبلة.
وكان من الملاحظ أيضا خلال اللقاءات المختلفة للرئيس السيسي، خلال فترة حملته الانتخابية، أنه كان يحاول التكيف في كل لقاء مع طبيعة الحاضرين، فعلى سبيل المثال كان يلتزم الجدية ومناقشة الأفكار البناءة مع قطاعات رجال الأعمال والمستثمرين، في حين كان رحب الصدر ومتبنيا لروح الدعابة في لقاءاته مع الصعايدة والشباب، إلا أن هذا كان لا يعني محاولته خلال هذه اللقاءات عرض الوقائع والتحديات والأفكار المطروحة لحلها.
كلمات رددها كثيرا خلال اللقاءات
- "ربنا يقدرني على حكم البلاد بكل صدق وأمانة وإخلاص".. كلمات ترددت كثيرا خلال لقاءاته المختلفة، وهى في الواقع كانت رسالة يكررها باستمرار ليؤكد على منهجه الذي يعتزم تطبيقه في الحكم، كما كان المشير يكرر دائما جملة "سأحاجيكم يوم القيامة" وهى رسالة قوية تنم عن عزمه تطبيق منهج الحاكم العادل في جميع قراراته وخطواته التي يعتزم اتخاذها بعد توليه منصب الرئاسة.
- "يا ريت نكون عملنا عمل يرضي ربنا ".. هذه الجملة هى الأخرى كان يرددها الرئيس باستمرار في معظم لقاءاته لتوصيل رسالة واضحة بأنه يراعي الله في كل خطواته وقراراته، كما تعكس عمق الشخصية الدينية المحافظة.
ولم يجد المشير طوال الوقت غضاضة أو مللا في تكرار توضيح الأحداث التي وقعت في 30 يونيو 2013 وما تبعها من إجراءات حتى تصل الرسالة بشكل مباشر للجميع وحتى يعي الحاضرون الأسباب الحقيقية للخطوات التي اتخذها خلال هذه الفترة.
كما لم يشعر المشير السيسي بالكلل أو الملل في إيصال رسالة واضحة في كل لقاء هى مطالبة الجميع بتحمل مسئولياتهم والمشاركة الفعالة في بناء الوطن ومواجهة التحديات بكل إخلاص وجهد لإعادة بناء مصر.
لغة الجسد
لا يمكن تجاهل لغة الجسد من حركة اليد ونظرات الوجه التي تمثل جزءا من فهم شخصية السيسي، فقد كان يعمد دائما إلى التواصل بعينيه مع الحاضرين، وهو ما يمثل سمة مميزة لاستحضار أذهان الحاضرين للاستماع بشكل مستمر لكلماته.
ومن أهم ملامح لغة الوجه لدى الرئيس السيسي هى شعوره بالتواضع حين يعبر له أحد عن حبه له أو الإشادة به، فكان دائما ينظر إلى الأسفل ويحاول أن يتجنب النظر إلى هذا الشخص وهو ما ينم عن تقديره لهذا الحب وتفكيره في ترجمة هذا الكم من المشاعر إلى خطوات حقيقية على أرض الواقع تضاهي آمال وتوقعات المصريين.
أما لغة الجسد لدى المشير السيسي خلال إلقائه خطاباته ولقاءاته، فقد كانت تبرز بشكل دائم نبرته الحاسمة والهادئة لتعكس شخصا يدرك بشكل عميق معني كل كلمة يوجهها للحاضرين، كما يعتمد على تحفيز عقل المتلقي بشكل دائم من خلال استخدام أسلوب الأسئلة، وهو ما يمثل أسلوبا جاذبا للحاضرين، كما يتعمد بشكل دائم شرح السؤال قبل الإجابة عنه لإيصال المعلومة بشكل كامل، وهو ما يعطي مصداقية شديدة لكل إجاباته.
ومن خلال هذا العرض، يمكن تلخيص شخصية الرئيس السيسي بأنها تعكس الشخصية الحقيقية للمصري الأصيل الذي يدرك حجم الأمانة الملقاه على عاتقه، كما تعكس إصراره على إعادة بناء الوطن وتحسين الحياة المعيشية للمصريين الذين عانوا من أوضاع مضطربة أرهقتهم على مدار أكثر من ثلاث سنوات كادوا يفقدون خلالها الأمل في تحقيق حياة كريمة آمنة.
نقلا عن "الأهرام اليومى"