يسري عبدالله: لا نريد ردة ثقافية ولا فساد جماعات المصالح
أكد الناقد الأدبي د.يسري عبدالله؛ أستاذ الأدب الحديث والنقد بجامعة حلوان أن اختيار وزير الثقافة السابق لم يكن موفقا على الإطلاق، وهذا ما حذرنا منه قولا وكتابة، ومعنا بعض المثقفين الطليعيين وخاصة في الإشارة إلى فكرة إعادة إنتاج نظام مبارك الثقافي، والتكريس للثقافة الكرنفالية، وهدم المعنى وتآكله، وامتداد حالة التدجين الثقافي.
وأضاف في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط: "من هنا، رأينا جملة من الأخطاء الكارثية التي أعادت الثقافة المصرية للوراء، خاصة في ما يتعلق بالفشل في مجابهة الإرهاب والتطرف ودعم الدولة المصرية في حربها الضروس ضد عصابات الرجعية المتحالفة مع قوى الاستعمار الجديد".
وقال: "من ثم، تبقى وزارة الثقافة بحاجة إلى عمل دءوب، يقاوم حالة الترهل في الأداء الثقافي الرسمي، وبداية لا يجب أن يجعل الوزير الجديد من خلفيته الأزهرية محركا له في إدارة العمل الثقافي الجسور والمتمرد بطبيعته، ولذا فإن عليه أن يدرك أن الثقافة والحرية لا ينفصلان، وأن الأمة المصرية بحاجة لمشروع ثقافي وطني الملامح والهوى، وللبدء في ذلك فإن عليه أن يتخلص من شبكات الفساد التي استباحت وزارة الثقافة وتعاطت معها بوصفها غنيمة متجددة، ومجابهة الجيتو الثقافي المسيطر على الشأن الرسمي للثقافة والذي أودى بها للهاوية".
وتابع قائلا: "على الوزير الجديد أيضا أن يسعى لخلق صيغة وطنية للثقافة المصرية مؤمنة بالتراكم الحضاري المصري وجذوره المختلفة، ومنفتحة على المنجز الحداثي العالمي، بوصفها جزءا أصيلا في سياق إنساني عام، دون أن تقع في فخ التبعية الذهنية، كما يجب تحرير الوعي المصري من كافة الأغلال، والقيود التي تكبله، والانحياز بلا مواربة لكل قيم التقدم والحداثة والاستنارة والإبداع، وبما يوجب عليه أن يتخلص من الصيغة المشبوهة لذلك التحالف بين الفساد والرجعية والتي تملأ جنبات الوزارة".
ورأى د.يسري عبدالله أن هناك حاجة ملحة أيضا لإدراك التحديات التي يفرضها السياق الراهن بمعطياته المختلفة، ومن ثم لا يجب أن يقف الوزير موقف المشاهد، كما حدث من قبل مع الوزراء السابقين، على الصراع الضاري الذي تخوضه الأمة المصرية بتنويعاتها المختلفة ضد عصابات الرجعية والإرهاب، عبر امتلاك مشروع ثقافي طليعي وطني الملامح والهوى، يتم فيه تفعيل بيوت وقصور الثقافة المنتشرة على امتداد الأقاليم المصرية، من خلال العروض المسرحية التي توظف إمكانات البيئة المحلية وتعبر عنها في آن "عروض مسرح السامر على سبيل المثال"، فضلا عن إعطاء جهد أكبر للعروض السينمائية والموسيقية التي تسهم في تغيير الذائقة العامة، وتقديم الكتابات الإبداعية الطليعية والتكريس للقيم الجمالية والمعرفية التي تحويها.
وأوضح أنه لابد كذلك من إعادة الاعتبار للقيمة فيما يخص المطبوعات التي تصدرها الهيئات المختلفة التابعة لوزارة الثقافة بعد أن تحولت إلى نشرات سرية لا يقرأها أحد، وخاصة في هيئة الكتاب، التي تفتقر لاستراتيجية واضحة وممنهجة في التكريس لمشروع ثقافي، ابن وعي مختلف، وخيال جديد.
واختتم بالقول: باختصار.. يجب الخروج من حيز الثقافة الكرنفالية استهلاكية الطابع والتعاطي مع اللحظة من منطق أكثر جدية وبما يليق بثورتين مجيديتن "يناير 2011، ويونيو2013"، وأن تدرك وزارة الثقافة أنها بالأساس وزارة لتثقيف الناس وليست لمجموعة من المثقفين، وأن تلعب الهيئات الثقافية المختلفة دورا حقيقيا لا مزيفا نستعيد من خلاله القوة الناعمة المصرية، في لحظة مفصلية وفارقة من عمر أمتنا المصرية والعربية.