قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

أنا حر إذا أنا موجود


عندما خلق الله سبحانه الإنسان وهبه نعمة "العقل" ليكون قادرا على التمييز بين الصواب والخطأ، وبين الحق والباطل، كما ان العقل لا ينحصر دوره في هذه الأمور فقط، بل وضعه الله في الإنسان ليبحث وينقد وينقض ويبتكر ويبدع.
والفكر ميزة يتفرد بها الإنسان دون غيره من المخلوقات، وهي ميزة فريدة ترتبط ارتباطا وثيقا بالعقل، ويمكن اعتبارها أحد أبناء العقل العظام، ومن لا يمتلك القدرة على التفكير فهو لا يفكر بالضرورة، أي لا يستعمل عقله فيكون تابع وأداة ودمية في أيادي تريد تجريده من أعز ما يملك وهي "إنسانيته"، فيصبح للأسف اسيرا للجهل والتخلف والرجعية ومخاصما للحضارة والتقدم" وعدوا للمستقبل وعبدا للماضي، ومن لا يفكر لا يمكن أن يكون يوما حرا، والحر لا يمكن أن يكون يوما بلا فكر، كما أن الحرية كقيمة إنسانية هي عطية إلهية خص الله بها الإنسان دون مخلوقاته، ولا يمكن لكائن من كان أو سلطة زمنية أودينية أو سياسية أن تسلبها أو تستلبها عنوة من الإنسان لاستعباده أو استبعاده، لأن الطغيان والقهر والاستبداد أمور ضد نواميس التطور الحضاري والبشري، لأن النصرة والغلبة في النهاية للحرية.
وإن كان الفيلسوف "رينيه ديكارت" قال: "انا أفكر إذن أنا موجود"، فأنا ايضا يمكنني القول دون أدنى مبالغة "أنا حر إذن أنا موجود" فلا يمكن بأي حال من الأحوال ان يكون الإنسان إنساناً إذا سلبنا منه حقه في الحرية، ولا يمكن للمرء أن يكون إنسانا إن لم يكن حرا يبدع ويبتكر وينتقد ويعبر عن رأيه في كل شيء وفي كل أحد، فإذا سلبنا الإنسان حريته وحقه الأصيل في الرأي التعبير والابداع والنقد والمعارضة البناءة فوجوده وعدمه سواء، وهناك نقطة جوهرية يجب أن لا نتغافلها او نتناساها وهي أن دائما هناك من يتربصون بالحرية وخاصة من اتباع السلطة من أصحاب المناصب الكرتونية والكراسي الورقية والفاسدين واصحاب المصالح والطغاة والمستبدين والظلاميين، فالحرية دائما هي السيف الذي يشهره الأحرار في وجه السلطات الفاسدة، لذلك سيظل الصراع بين الحرية والسلطة صراعا مستمرا وممتدا .
وعلينا جميعا أن ندرك حقيقة مهمة وهي ان الحرية لا يمكن أبدا أن تكون مطلقة أو بلا ضابط، وإلا تحولت إلى نقمة ونكبة، ولو أطلقنا العنان للحرية لتكون بلا ضابط ستتحول إلى فوضى عارمة وخطر داهم، وهذه الفوضى لا تقل خطورتها عن خطر القمع والاستبداد والحروب غير التقليدية لاشعال واسقاط الدول، فكما أن القهر والاستبداد والطغيان وكبت الحريات موبقات تُرتكب في حق الحرية، إلا أن الحرية المفرطة وغير المسئولة والمنفلتة وغير المنضبطة بالقانون وقواعد الأخلاق والدين والعلم هي موبقات ايضا ترتكب في حق الحرية.
فلا يمكن أن تكون حرية الرأي مثلا ستارا للنيل من المجتمع وأمنه وسلامته ووحدته واستقراره؟، أو مبررا للاساءة للأديان والرموز الدينية وثوابت الدين وما هو معلوم من الدين بالضرورة؟، وإلا أصبح السلم والامن الاجتماعي مهددا ومستباحا، خاصة في الدول المتدينة بالفطرة، ولا يمكن ان يندرج التحريض على هدم الدول والمؤسسات الوطنية والجيش والشرطة والمؤسسات الدينية تحت بند حرية الرأي والتعبير، وإلا اصبحت هذه المؤسسات تحت مرمى الاستهداف والسقوط بل يجب ان يواجه بالقانون وبلا هوادة، ولا يمكن ان تطلق للتجارب العلمية العنان لإجراء تجارب علمية ضد الدين وضد الأخلاق والقيم الإنسانية، وإلا أصبح جسد الإنسان مستباحا، فالتجارب العلمية ايضا لها ضوابط علمية وقانونية.
يا سادة فكروا وانتقدوا وعارضوا وحاسبوا حكامكم ووزرائكم ومسئوليكم الفاسدين بلا هوادة، لكن دون المساس بالوطن، عارضوا رجال الدين وانتقدوا أراء الفقهاء، لكن دون تعارض وتعرض لثوابت الدين، فالحرية مسئولية وليست فوضى.
[email protected]