تعرف على الفرق الناجية من «إغواء الشيطان»

أخبرنا الله تعالى فى القرآن الكريم عن إبليس وكيف عصاه عز وجل وأصبح من الملعونين المطرودين من رحمته، بعد أن كان من المقربين، ولكن الشيطان لم يتوقف على هذا الأمر بل يريد أن يجعل جميع بنى آدم يدخلون إلى النار حقداً عليهم لأن آدم أبو البشر كان سبباً فى طرده من رحمة الله بعد عصيانه لأمر الله وأنه لم ينجوا من إغواء الشيطان ووسوسته إلا المخلصون فى عباده الله تعالى.
وذلك مصداقا لقوله تعالى: «قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ» سورة الحجر: آية 39 و40.
وقال الإمام محمد متولي الشعراوي، في تفسيره للآية الكريمة، إن المقصود من قول الله تعالى: «قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ»، أن إبليس أقر بالربوبية لله تعالى ولكن هذا الإقرار متبوع بعد الاعتراف بأنه قد سبّب لنفسه الطَّرد واللعنة والحق سبحانه لم يُغوِه بل أعطاه الاختيار الذي كان له به أن يؤمن ويطيع أو يعصي ويُعاقب فسبحانه قد مَكّن إبليس من الاختيار بين الفعل وعدم الفعل فخالف إبليسُ أمرَ الله وعصاه وفي هذا إيضاح أن كُلّ وسوسة للشيطان تقتصر فقط على الحياة المترفة وفي الأشياء التي تُدمّر العافية.
وبين إمام الدعاة أن تزيين الشيطان لن يكون في الأمور الحلال لأن كل الضرورات لم يُحرِّمها الحق سبحانه بل يكون التزيين دائماً في غير الضرورات، ولذلك فالاستقامة عملية اقتصادية تُوفّر على الإنسان مشقة التكلفة العالية من ألوان الإنحراف ولذلك نجد المسرفين على أنفسهم يحسدون مَنْ هم على الاستقامة، فإن إبليس ينتبه إلى مكانته ومكانة ربه أيدخل في معركة مع الله، أم مع أبناء آدم؟ لقد حدّد إبليس موقعه من الصراع فإن مجالَ معركته مع الخَلْق لا مع الخالق، وكلمة "أَجْمَعِينَ" تفيد الإحاطةَ لكل الأفراد وهذا فوق قدرته بعد أنْ عرف مُقَامه من نفسه ومن ربه.
وأضاف الشعراوى فى تفسير الآية أن المراد من قوله تعالى: «إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ»، أى فهؤلاء العباد الذين خلَّصتهم لنفسك يا ربّ فلن أقدر عليهم لأنك أخذتهم من طريق الغواية وقد وصلوا إلى مرتبة من الإخلاص التعبُّدي درجةً يصعب بها على الشيطان غوايتهم.
وتابع: «ويقول أهل المعرفة والإشراق "أنت تصل بطاعة الله إلى كرامة الله" ولو شاء الله أن يكون جميع خَلْقه مهديين ما استطاع أحد أنْ يُضلّهم ولكن عِزَّة الله عن خَلْقه هي التي أفسحت المجالَ للإغواء ولذلك نجد إبليس يُقِرّ بعجزه عن غواية مَنْ أخلصوا لله العبادة».