تعرج!...قصة جديدة لـ محمد القليوبي

حجرة مغلقة . نجفة متدلية من السقف كتب عليها بالخط الكوفي الله جل جلاله . اللون أزرق .
تنبعث منها تلك الخطوط الضوئية الضئيلة التي بالكاد تنير أسفلها . جالسا . ممسكا بسيجارته .
تتحرك خيوط الدخان الى أعلى ببطء. ينظر الى فراغ محيطه الجالس فيه .
كرسي قديم أشتراه من دكان المهملات الزمنية .
كذلك هذا الجرامافون الذي تدور عليه أسطوانة سوداء بطريقة ميكانيكية متعرجة .
نغمات السوناتات لموتزارت . تتمايل بيديها وباقي جسدها كما لو أنها تتحكم بالكونشيرتو .
أوتار الكمان والتشيلو الهادئة . يزداد تمايلها . حركات متزنة من بحر هادئ .
تتحرك كل ثنايا جسدها النحيف. شعرها كما لو كانت ساحرة غجرية . ينظر . يشعر باغواءها . فستانها الأبيض الوردي .
عينيها الباسمتان بلون الفضة مرسومتان كما يريد بيكاسو لباروناته العاريات أحيانا . يرفع سيجارته . يتحرك خيط الدخان مع يده . تتعالى أصوات الكونشيرتو . تزداد تمايلا مع حركات الأوتار .
يعرف انه لن يمسسها ولو بأطراف أنامله . تبتسم . يبتسم . تقف العذراء . مريم . تهيمن . ينظر لها . تنظر . يهدل يديه جانبي الكرسي القديم . يستند برأسه .ينظر الى الفراغ الأعلى . مجرد فراغ . تبتسم . يبتسم . يغمض عينيه . يضمحل حضورها . تبتعد . يبتعد . تتباطأ أنفاسه .تتراقص . يبتسم . تتهاوى دقات قلبه . تسمعها ويسمعها . يخبو اداركه . تختفي . ينتهي . أزيز الجرامافون . سير الدخان الصادر من السيجارة الملقاه.
محمد القليوبي .