الثانوية العامة ... الفشل الذريع

لا حديث فى مصر الآن إلا عن مسخرة الثانوية العامة، واستمرار تسريب الأسئلة وإجاباتها قبل وأثناء الامتحانات التى يخوضها أكثر من نصف مليون طالب، تعذبوا على مدار العام وأنفقوا وأسرهم الآلاف فى الدروس الخصوصية.
فقد أصيب الطلاب بالإحباط لما يحدث من تخبطات من قبل وزارة التربية والتعليم وعدم تمكنهم من وضع آليات تمنع تسريب الامتحانات والأدهى من ذلك قرار تأجيل الامتحانات إلى شهر يوليو القادم.
إن مستقبل الطلاب وأحلامهم ضاعت ودمرت بسبب مسئولين ليسوا على قدر المسئولية فبعض الطلاب قرروا عدم الاستمرار فى المذاكرة بعد اليأس والإحباط المتسبب فيهما مسئولين وزارة التربية والتعليم".
ناهيك عن ما تيكبده الأهل من حجز المدرسين للدروس الخصوصية من بداية الصيف وما يتحملونه من أعباء مادية آملين أن ينهوا ابنائهم الأمتحانات على خير وان يلتحق أبنائهم بكليات تحقق طموحاتهم وأحلامهم .. ولكن كل هذه الامال والأحلام تتهاوى أمام فشل وزارة التربية والتعليم حماية ورق أمتحان.
الشعب ينتظر الكثير من الدولة على أن تعمل على وضع حلول سريعة لمعالجة الأزمة وحماية الطلاب وحفظ حقوقهم فى تساوى الفرص، و يجب تطبيق القانون بشكل رادع حتى لا يتكرر الأمر مرة أخرى.وعلى وزارة التربية والتعليم أن تتخذ كافة التدابير اللازمة لمواجهة تلك الأزمة والتحقيق فى الأمر لمعرفة المتورطين ومحاسبتهم.
فكيف تم اختراق منظومة التعليم، خاصة أن وزير التربية والتعليم تعهد من قبل بعدم حدوث أى تسريبات بامتحان الثانوية العامة وأن الغش لن يكون كما كان فى الأعوام السابقة.الكارثة الكبرى أن وزارة التربية والتعليم اعترفت فى بيان رسمي لها أن التسريب من داخلها، ولكن من وراء هؤلاء الذين يسربون الأمتحانات ؟ لا أحد يدرى..؟.القوا القبض على بعض المشتبه فيهم .. ولكن هل هم بالفعل المجرمون الذين أصابوا الأمن القومى للبلد فى مقتل؟ فمازال التحقيق مستمرا ..
والطلاب وأولياء الأمور يدفعون الثمن من أعصابهم. . لصالح من كل هذا ؟ وماذا يريد من يلعب هكذا بالدولة والمجتمع؟ إذا كانت الوزارة تشير إلى أشخاص منها وراء العملية؟ أين كان الوزير؟ وعلى أى أساس كان يجزم قبل الاختبارات بأنه وأجهزة وزارته جاهزون للغشاشين ولمواقع التغشيش بجميع أنواعها ؟هناك كارثة بكل المقاييس لأنها تتعلق بصناعة جيل فقد الثقة فى كل شىء، فى المدرسة والبيت والجامعة والمؤسسة الدينية والتشريعية، بمعنى جيل أجريت له في السنوات الأخيرة عمليات تجريف عقلى، قادتهم إلى ارتكاب أبشع الجرائم بحق أنفسهم والوطن.
إن الوزارة التي لا تستطيع حماية ورقة الامتحان، ووقف هذا التسريب لا يستحق أن يظل مسئوليها في أماكنهم فهم فشلة ويستحقون المحاسبة لأنهم قصروا في حق الطلبة.
فهذا الجيل الضائع يستحق من الدولة أن تعتني به وتحتويه فلابد من غربلة ملف التعليم فى مصر، وإعطائه الاهتمامه اللازم ، فإن صح التعليم صح كل شيء، والعكس صحيح.. فهناك دول كثيرة كانت حتى عهد قريب متخلفة تعليميًا، وأصبحت فى سنوات قليلة من الدول المتقدمة فى جميع المجالات بفضل التعليم بعد أن وضعت يدها على الداء لأنها عالجت جرحها بنفسها ولم تخجل من أن تعالجه علنًا ولو استعانت بخبراء من خارجها، لأنها ببساطة دول تحترم شعوبها، وتصنع أجيالًا لا يظهر فيها آفات الغشاشين ولا قراصنة الغش .
فلابد من الدولة ان تعترف بفشلها وتبدأ في إيجاد العلاج الصحيح فكل عناصر المنظومة التعليمية (الطالب والمدرس والمدرسة) تحتاج معالجة جذرية. فالإنفاق على التعليم لن يخسر الدولة شيء بل بالعكس سنجنى ثماره في الأجيال القادمة وتكون ثمرة هذا المجهود جيل يضم المخترعين والعلماء والمفكرين وسوف يكتب التاريخ أن مصر أصبحت من الدول المتقدمة بفضل أبنائها.