قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الخلاص من الحصاد المر


لم تكن قضية صوامع القمح.. وأزمة الدولار وارتفاع الأسعار بكل تفاصيلهم المثيرة للسخط والاشمئزاز سوى أحداثًا كاشفة لما وصلت إليه الحالة الداخلية كنتاجًا لسنوات طوال من "التيه" مرت على مصر، ضرب خلالها الفساد بجذوره السرطانية فى كل أنحاء الجسد الإدارى للدولة..ثم امتد إلى المجتمع. القصص والتفاصيل المحزنة كثيرة جدًا، وفى كل القطاعات والملفات..سنوات من التدمير الممنهج والمتعمد لكل ما هو نافع..ومحاربة كل من هو صالح، فكان منطقيًا ألا نرى سوى فاسدين وفاشلين وخائنين وضالين و مرتزقة.

فقد تُركت بلادى عبر عقود ٍأربعة لمراكز القوى من أصحاب المال وعرّابِىيِهِم من كهنة الجهاز الإدارى من ناحية..وللأمريكان وأزنابهم من تجار الأديان وحاملى مشاعل الحريات الزائفة من ناحية أخرىٍ.. عاثوا جميعًا في أرضها الطيبة فسادًا وتجنيدًا وتآمرًا..فكادت أن تنهار وتسقط فى نار الفوضى والدمار.. بعدما أصبحت على شفا جرفٍ هار.. لولا كلمة سبقت من الله بشأن كنانته.

أعلم أنكم تعلمون وتصبرون أملًا فى قادم أفضل..فلا بديل عن الصبر مشفوعا ًبالأمل والعمل والضمير الحى..حتى نرى دائرة التغيير الحقيقى تكتمل فى بلادنا..والتى لن تكون إلا برقابةٍ محكمة وقوانين مفعلة تسرى على الكافة بعيدًا عن المساومة أو الموائمة..
وبتطبيق قاعدة الإحلال والتجديد مع الإعتراف بصعوبتها وإستغراقها زمنًا قد يطول.. نظرًا لتوحش الفساد واستفحاله ولندرة العناصر البديلة التى تتمتع بالكفاءة والنزاهة..عوضًا عن إعادة تأهيل البعض ممن يُرجىَ منهم خيرًا..أو إعداد وتدريب جيلًا جديدًا لم تختلط أنفاسه بذاك المناخ .

وليس الحل كما يدعى ويروج البعض خبثًا و زورًا..بضرورة اتخاذ قرارات جذرية بالفصل ولإاستبعاد لمئات الألاف من العاملين بالجهاز الإدارى..مستهدفًا صدامًا مخيفًا بينهم وبين الرئاسة بما يستتبعه من آثارٍ كارثية وانعكاساتٍ سلبية على حالة الإستقرار الداخلى التى ظفرنا بها بعد كل ما عانيناه طيلة السنوات القليلة الماضية..

إلا أن المشكلة تكمن فى تضرر قطاعات واسعة من المصريين تضررًا بالغًا من أزمة ارتفاع الأسعار وانعدمت لديهم الحلول..
فضلًا عن أن عددًا ليس بالقليل من شبابنا((وامتدادًا للحالة الثورية التى لا زالت تستحوذ عليه)) قد كفر بكل شئ يأتى من رحم الدولة القديمة، ولا يؤمن إلا بحتمية نسفها بالكامل مرة واحدة، وإعادة بنائها من جديد، و يرون نظرية الإحلال والتجديد التى نؤمن بها، نوع من الدراما العبثية أو الكوميديا السوداء والتى لن تخلُف سوى استمرارًا وتأصيلًا لدولة الفساد.

أقدر غيرتهم وطموحهم ويأسهم من الماضى.. وأكره الرومانسية والمراهقة السياسية التى يتنفسونها..والتى تحول دون إدراكهم لكل ما يدور فى محيطنا بل وفى العالم.. وأكره إستخفافهم المستمر بنظرية المؤامرة على الرغم من رؤيتهم لها تدمر شعوبًا وأوطانًا إنجرفوا وتسرعوا..وأصبح جحيمهم عظة وعبرة لمن يعتزم المسير على دربهم البائس.

ولكنها مشيئة الله أن يدُب فينا الخلاف والإختلاف فى الرؤى والسبل لحكمةٍ يعلمها.

وهو ما يحتم على الشرفاء والمخلصين من رجال دولتنا أن يضطلعوا بمسؤلياتهم نحو هذا القطاع من شبابنا.. فالغالبية الكاسحة منه لم تتلوث بعد..وقد بات احتوائهم وتأهيلهم تمهيدًا للإستعانة بهم واستغلال طاقاتهم وقدراتهم فى بناء الوطن ضرورة ملحة.. نعم هناك بعض البرامج والخطط التدريبية بدأت منذ عدة أشهر ولكننا نحتاج إلى المزيد..حتى لا نترك شبابنا فريسة لليأس والمؤامرات التى لن تكف عن إنتاج وسائل جديدة ومبتكرة فى الإستقطاب والتجنيد..وإعادة صياغة للمفاهيم والشعارات الزائفة والترويج لها بحرفية عالية لتعويض ما احترق لهم من أدوات وأوراق بوجوه جديدة يتم صناعتها ودعمها لتتصدر المشهد وتروج للفكر والفعل الثورى والفوضوى من جديد..

إلا إنه وبالرغم من تلك التحديات فإننى على يقين تام وثقة مطلقة فى الله ثم فى شرفاء ومخلصى هذا الوطن بأننا سنتخطى تلك المرحلة بأقل الخسائر.

فمواجهة الفساد الإدارى و التجارى حربًا مكتملة الأركان..لا تقل خطورة عن مواجهة الإرهاب والتربص والإستهداف الخارجى.. والخلاص من حصاد سنوات "التيه" المر..لن يحسم فى يوم وليلة..ولكننا حتمًا سننجح فى النهاية.

فقط..صبر جميل..وعما أمين..وعقل حكيم ورفقًا بمن حمل الأمانة.