الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العدالة الاجتماعية أم الإعانة الاجتماعية


العدالة الاجتماعية.. تعنى عدالة الفرص.. فرص الصعود اجتماعيًا.. فرص تملك المشروع وبنائه.. وفرص الثراء المادى.. والترقى الاجتماعي.

مهمة الحكومة لتحقيق هذه العدالة.. هي تسهيل مهمة المواطن في الحصول على هذه الفرص، على سبيل المثال تسهيل فرص إقامة المشروع الصغير لرائد الأعمال الشاب.. بنفس درجة الاهتمام بالمستثمر الكبير أو الأجنبي.

الإعانة الاجتماعية.. هي أن تقدم الحكومة دعمًا للفئات غير القادرة.. بهدف الوصول بالأسر الفقيرة والمحتاجة الى الحد المقبول من العيش الكريم.. وأن تسعى الدولة إلى توافر الحاجات الأساسية وهى المأكل والملبس والتعليم والصحة لمحدودى الدخل.

المشكلة هنا.. أن النخبة السياسية بشكل عام.. تتصور ان الإعانة الاجتماعية أو الدعم السلعى هي العدالة الاجتماعية.. والحقيقة أنها الجزء السهل من تحقيق العدالة الاجتماعية.. إذ إن العدالة الاجتماعية أكبر من فكرة الدعم.. فهي جوهر التطور الحضارى لأى مجتمع.

العدالة تعنى المواطنة.. إذ لكل مواطن حقوق وواجبات.. والواجبات والحقوق تحتكم للمساواة بين الجميع.. والمساواة تستلزم الشفافية.. والشفافية تتطلب أن يأخذ القانون مجراه .. وأن تتحسن وتتطور أساليب تنفيذ القانون.

القانون هو عنوان العدالة.. والعدالة تعنى المساواة.. والمساواة هي عدم التفرقة في الحصول على الفرص الاجتماعية.

تقاس قوة المجتمع بحجم الفرص المتاحة فيه.. وهذه الفرص على اختلافها تضمن مشاركة النسبة الغالبة من المواطنين في كل مناحي الإنتاج.

المجتمع الذى تتحقق فيه العدالة الاجتماعية.. يكون أكثر قدرة على مواجهة التحديات.. لا مكان فيه للإرهاب.. ولا تستطيع قوة في العالم أن تحطم وحدته.

الإعانة الاجتماعية.. هي حق لغير القادرين.. لكنها ليست حق للقادر.. تنظيمها ضرورة حيوية.. وفى مراحل التحول الاقتصادي.. تكون مهمة الدولة هي تكثيف اعانتها لغير القادرين لمواجهة تاثيرات التحول الاقتصادي.. وفى المقابل.. فإن نجاح التحول الاقتصادي يحتاج الى العدالة الاجتماعية من مفهومها الواسع.. القائم على المواطنة وعدالة الحصول على الفرصة .

إن العدالة الاجتماعية ضرورة لنمو الاقتصاد.. وفى إعادة ثقافة العمل والاجتهاد.. وكذلك في عدالة توزيع الثروة بالشكل الذى يضمن دخول فئات جديدة من المجتمع في نطاق الاقتصاد القومى.. والاعانة الاجتماعية هي ضمانه لعدم تحمل محدودى الدخل لفاتورة التحول الاقتصادى.

العدالة الاجتماعية بمفهومها الواسع.. ستضمن تقلص الاقتصاد غير الرسمي.. وفى المقابل نمو ثقافة العمل.. وان تكون ثروة الفرد مرتبطة بالمجهود والانجاز.

العالم الآن يتجه الى الأفكار الديمقراطية الاجتماعية.. وليس مطلوبًا منا اختراع العجلة.. الدول التي انتهجت اقتصاد السوق بشكل متطرف.. تعانى الآن من اللامساواة في توزيع الثروة.. وبدأت في اتخاذ تدابير اجتماعية وسياسات اقتصادية بهدف السيطرة على تفاوت الأجور.. وليس مطلوبًا منا أن نعيد أخطاء التجارب التي عاشتها الاقتصادات النامية.

العدالة الاجتماعية ليس مفهومًا اشتراكيًا فقط.. وليست حكرًا على اى تيار سياسي.. وليست نوعًا من الترف الفكري.. وإنما هي ضرورة للاستقرار والنمو الاجتماعى .. واقتصارها على فكرة الدعم السلعى أو النقدى.. هي ظلم لفكرة العدالة في حد ذاتها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط