الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ماكرون.. كاديما الفرنسي


فاز ايمانويل ماكرون، زعيم حزب أو حركة إلى الأمام .. بفارق كبير عن منافسته اليمينة ماريان لوبان .. واختتم المرشح الفائز المشهد بكلمة شكر وجهها لمؤيديه ومهنئيه ومن ساعدوه ودعموه، وقد كان في مقدمة من شكرهم في خطابه عائلة روتشيلد .. هنا يبدوا أن الأمر طبيعيًا .. رجل دعمته جماعات مصالح وشبكات منافع للوصول للرئاسة .. هذ طبيعى ومقبول سياسيًا. 

لكن أليس من المصادفة أن ماكرون أسس حزبه السياسي باسم " إلى الأمام " .. ليكون منبرًا للوسط ليجمع فيه قيادات يمينة ويسارية .. مثلما فعل ارييل شارون والذى أسس حزب كاديما والذى يعنى بالعبرية " إلى الأمام" أيضًا .. ولعب نفس الدور الوظيفي كحزب وسط. 

حتى في طريقة الخروج المفاجئ من حزبه .. فعلها ماكرون كما فعلها شارون .. الفارق الوحيد بين الحالتين .. هو الفرق بين الثقل التاريخي لشارون وحداثة عهد ماكرون بالسياسة وخفة وزنه في فرنسا. 

إذا نحن أمام حالة تدفعنا للتساؤل .. هل تلعب حركة الى الأمام .. نفس الحالة التي لعبها حزب كاديما كحالة انتقالية في هيكل الحالة السياسية الإسرائيلية .. والحديث هنا عن الدور الوظيفى في النظام السياسي الفرنسي وليس الانتماء الأيديولوجي. 

نعم شارون جاء من خلفية يمينية بعكس ايمانويل ماكرون اليساري .. لكن هذا لا يمنع التكرار .. من الممكن أن يلعب الرجل نفس الدور في إعادة إحياء اليسار الفرنسي .. الذى يعانى من الضعف منذ أن صعد جاك شيراك الى قمة القرار الفرنسي منذ عشرين عامًا .. كما فعل شارون الذى أطلق كاديما وانتج سيطرة اليمين الإسرائيلي على القرار.
يبدوا أن كاديما وحركة إلى الأمام .. هما تعبيران عن أسلوب جديد في إدارة العلاقات السياسية والتوازنات الجارية في النظم السياسية .. تيارات الوسط ذات الدور الوظيفى .. التي يؤدى وجودها إلى تغيير مراكز الثقل .. وتغليب طرف على آخر .

ليس غريبًا هنا .. أن فرانسوا أولاند أختار أن لا يترشح مجددًا .. وفى ظل ضعف الحزب الاشتراكي الممثل التقليدي لليسار الفرنسي .. جاء ماكرون وحزبه إلى الأمام .. بمثابة الإنقاذ لتيار اليسار .. أو إضافة لحظوظ تيار جديد .. يستطيع أن يأخذ من حظوظ اليمين الفرنسي . 

بالتأكيد فإن الانتخابات تم حسمها منذ الجولة الأولى .. بسقوط فيون .. لكن مسألة الحكم في فرنسا لن تتوقف على هذه الانتخابات .. فالانتخابات البرلمانية هي من تحدد حدود حركة الشاب ماكرون .. وهى أيضًا من ستحدد إذا ما كان حزب ماكرون "الى الأمام" هو كاديما الفرنسي أم أنها مصادفة في الاسم والدور بين الحزبين أو هو مجرد توارد خواطر حدث في البلدين بنفس الكيفية . 

المؤكد أن الشرق الأوسط .. سيشهد دورًا فرنسيًا لن يختلف كثيرًا عنه في حالة نجاح لوبان من حيث الهدف الاستراتيجي .. وان كان بشكل أكثر جديد .. الأفضل هو قراءة ما فعله شارون وتسيبى ليفنى عبر حزب كاديما .. لعله يقودنا بطريقة أو بآخرى لمستقبل السياسة الخارجية في فرنسا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط