الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كعكة إعادة إعمار العراق أم انفصال كردستان؟


العراق تُصنع له الازمات حتى لا يفوق، لا يُراد له الخروج من أزماته، فبلاد الرافدين باتت منطقة لإدارة الصراعات الإقليمية والدولية، ومنذ اللحظة الأولى التي أعلنت فيها الحكومة العراقية القضاء على سيطرة داعش على الموصل، حتى بدأت العدة تتجهز لصراع جديد على أرض العراق.

العراق يعيش حصارًا لم يسقط منذ تسعينيات القرن الماضي، ليس المقصود هنا النظام العراقي في هذا الوقت، المقصود هو حصار فكرة المجتمع والقوة والقدرة العراقية، وقد تم استغلال أخطاء وخطايا نظام البعث في إنجاح خطط الحصار.

ظل العراق يتعرض لكل أنواع التدمير المعنوي والمادي خلال ثلاثة عقود كاملة، وحتى خلال سنوات ما بعد الغزو الأمريكي، لم يتوقف الحصار على العراق.

ما تغير بعد الغزو، هو أن الحصار انتقل من خارج العراق الى داخله، فبات العراق يعيش أزمة خنق من الداخل، ولم لا والأطراف التي ساهمت في حصار العراقيين سابقًا هي نفسها التي دخلت لتضغط وتستغل الفوضى والإرهاب لتمديد وجودها في الداخل العراقى.

هذه الوضعية لها علاقة بحالة الصراع على ارض العراق الآن، منذ استفتاء انفصال كردستان، وحتى دخول الجيش العراقي إلى كركوك.

لا شك أن قيام الجيش العراقي بفرض سيادة العراق على كركوك أمر حاسم للعراق وانتصار لسيادة العراق، لكن السؤال هنا، هل دخل العراق بكل قواه لفرض سيادته على مناطق النفط في الشمال، أم أن هناك قوى إقليمية أخرى تخشى من انفصال كردستان، وهي من دفعت الأمور في إطار مواجهة أوسع مع واشنطن على العراق ككل.

وهل ستسمح الدول النفطية المجاورة للعراق بأن تُستخدم آبار نفط الشمال وأن يستعيد العراق قدراته الإنتاجية للوصول إلى الحد الذى يجعله منافسًا لها؟ وأتحدث هنا عن إيران والسعودية.

على الطرف الآخر لا يمكن القول إن واشنطن كانت ممانعة للعملية العسكرية لفرض السيادة العراقية على كركوك، وقد أعلنت واشنطن مسبقًا أنها تقف على الحياد بين بغداد وأربيل، والحقيقة فإن ترامب يرى ضرورة إبقاء العراق موحدًا لسنوات ليس من أجل عيون العراقيين أو ثرواتهم، وإنما من أجل 400 مليار دولار.

مشروع النفط مقابل الإعمار، هو مشروع قدمته إدارة ترامب إلى مجلس النواب الأمريكي خاص بإعادة إعمار العراق، وهذا المشروع مكون من 100 فقرة لإعادة إعمار محافظات العراق مقابل النفط وبأسعار تخضع لاتفاق ثنائي بين البلدين.

يتضمن المشروع تحويل أموال النفط مباشرةً إلى حسابات الشركات الأمريكية، على أن تكون نسبة 20% من العمال والفنيين والإداريين من الأمريكيين، بالإضافة إلى قيام الجيش الأمريكي بحماية المشاريع الكبيرة بمقابل مادى يتم الاتفاق عليه، وقد تم تحديد تكلفة إعادة إعمار العراق بـ400 مليار دولار.

انفصال كردستان مشروع تسعى له واشنطن على المدى الطويل وليس الآن، وربما تريد واشنطن ذلك بنخبة كردية مختلفة عن الحالية.

هناك قرار تحكمه توازنات دولية، يوافق على انفصال إقليم كردستان عن العراق، وما هو معلن من رفض القوى الكبرى لاستفتاء الانفصال هو مجاراة تكتيكية خاضعة لحسابات علاقات هذه القوى داخل توازنات الشرق الأوسط.

على العراق أن يعي أن أولة مراحل خروجه من الأزمة، هى استعادة ثقته فى نفسه بشكل أكبر من ثقته فى حلفائه وجواره المباشر، وأن يعيد النظام السياسي العراقي إنتاج نفسه بصيغة وطنية شاملة، ترى العراق أولًا قبل تحالفاتها الخارجية، وأن تطبق صيغة ديمقراطية تجمع الشمل العراقي وتعطى كامل الحقوق لكل أطياف الشعب العراقي.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط