الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إدلب.. مذبحة في الطريق حساباتها مروعة!


التحذيرات الأمريكية المتوالية للحكومة السورية وللجيش الروسي بعدم التورط في الحرب في إدلب، وفتح جبهة جديدة هائلة في سوريا تعتبر آخر المعاقل الكبرى للمعارضة السورية في شمال غرب سوريا تؤكد أن هناك خلافات حادة بشأن إدلب، ليست فقط خلافات تنبع من الجانب الإنساني، خصوصًا بعدما حذر وزير الخارجية الأمريكي بومبيو من أن أى هجوم سوري- روسي على إدلب سيؤدي إلى تهديد حياة نحو 3 ملايين سوري لجأوا إلى إدلب هربًا من الحرب الفظيعة في سوريا على مدار السنوات الماضية.

كما جاءت تحذيرات كارثية على لسان الأمم المتحدة، والتي قالت إن أي هجوم وشيك على إدلب يهدد نحو 700 إلف سوري موجودين فيها بشكل مباشر.

بينما حذرت تركيا التي نشرت العديد من مواقع المراقبة في مناطق المعارضة، بموجب اتفاق خفض التصعيد مع روسيا وإيران قبل شهور من أن أي قصف على إدلب سيؤدي إلى مذبحة.

والواقع أن الخلاف بشان سوريا وبشأن إدلب تحديدًا، والتي تعتبر آخر الحصون الكبرى للمعارضة السورية ولجأ إليها ما لا يقل عن مليون و800 ألف لاجئ بعد أحداث درعا والغوطة الشرقية ليس خلافا إنسانيا، ولكنه خلاف سياسي في المقام الأول بين العواصم الخمسة واشنطن وموسكو وطهران وتركيا ودمشق.

فإيران من جهة ومعها روسيا يساندان رئيس النظام السوري بشار الأسد ويدفعانه لأكل إدلب مهما حدثت بها من مذابح، كما أن هناك تحذيرات من هجمات كيماوية لدفع عشرات الآلاف للتحرك من أماكنهم.

وتعتقد كل من طهران وموسكو أن الأسد لو نجح في أكل إدلب وفي السيطرة عليها تكون الحرب في سوريا قد انتهت لصالحهما من موقع السيطرة التامة على قرار بشار الأسد، ومن منطلق التواجد الكبير والواسع لهما ولقواتهما بموافقة الحكومة السورية على الأراضي السورية.

كما أن الانتصارات التي حققها الجيش السوري، وهذا يقال علانية، قد تحققت بفضل الإسناد الجوي الروسي وبفضل الميليشيات الإيرانية وميليشيا حزب الله، ولولاهما لسقط النظام السوري في عام 2013 وهذا قيل علانية في طهران وفي بيروت وداخل دمشق.

بينما ترى واشنطن أن الهجوم على إدلب ليس فقط تعديًا على وجود أمريكي رمزي في سوريا ولكنه اعتداء على الهيبة الأمريكية في سوريا وتحدي الرؤى الأمريكية التي ترى أن الأسد ليس له مكان في سوريا وأن محاولة الإبقاء عليه في مكانه بالأمر الواقع ستؤدي إلى أن تصبح سوريا مكانا متفجرا على الدوام.

لقد خاض الحرب وارتكب مهازل إنسانية مروعة فيها، كما خاضت ضده المعارضة المسلحة معارك عديدة ودخلت المنظمات المتطرفة على الخط مثل جبهة النصرة وداعش وحاولت بشتى السبل إيجاد موطئ قدم لها في سوريا.

لكن هذا لا يبرر استمرار المذابح المروعة في سوريا، فواشنطن ترى أن الوقت أصبح مهيأ لاتفاق سياسي بناءً على ما جرى فعلا وما تحقق للأسد من انتصارات في حلب ودرعا والغوطة وكامل أحياء دمشق، وليست هناك حاجة لمذابح جديدة تثير أسى العالم وهلعه.

بينما طهران وموسكو يرون أنه لابد من معركة جديدة مهما كان الثمن لتطهير سوريا من "الخّراج المتقيح"، وفقا للوصف الذي أدلى به وزير الخارجية السوري لافروف.

وإزاء هذا وذاك، هل تؤدي المذبحة المرتقبة في إدلب إلى مواجهة بين أمريكا وروسيا؟ وهل يقتصر الرد الأمريكي على ضربات جوية هنا وهناك فوق المواقع السورية والإيرانية؟

ثم لماذا تعارض كل من موسكو وطهران دفع الحكومة السورية إلى مباحثات سياسية جادة وعبور حاجز التسوية السياسية؟

الحقيقة أن الوضع في إدلب خطير والتحذيرات الأمريكية الشديدة بخصوص المعركة التي يجهز لها الروس والإيرانيين في سوريا، تؤكد أن واشنطن لن تقف مكتوفة الأيدي ولن تتفرج على مذبحة مروعة يظهر فيها الأسد مسيطرا على كل سوريا ودون التوصل إلى أي تسوية سياسية بخصوص هذه المأساة البشرية.

والرد الأمريكي وإن اقتصر على توجيه ضربات جوية للمواقع السورية والإيرانية إلا أنه لن يكون لعدة ساعات كما هو المتوقع، وقد يصل إلى مرحلة قصف قصور بشار الأسد في محاولة لردعه ودفعه للتراجع عن المعركة المرتقبة.

أما بخصوص الصدام الروسي – الأمريكي، فقد أصبح موجودا بالفعل وإن لم يصل بعد إلى المواجهة العسكرية لكن هناك صدام سياسي واقتصادي وعقوبات أمريكية على موسكو.

والقادم في سوريا لا يبشر بأي خير وخصوصا لملايين السوريين الذين كتبت عليهم المأساة يعيشونها في درعا والغوطة وخان شيخون وحلب وحماة وآخرها في إدلب.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط