الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

روائي تركي يكتب سيناريو قضية خاشقجي!


إدانة بالغة لمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، الذي قتل في عملية استخباراتية؟، وصفتها المملكة نفسها بأنها فاشلة، مقدمة رواية بها الكثير من علامات الاستفهام، ليتلقفها الإعلام العالمي وخاصة الأمريكي ويضغط بكل قوة على المملكة العربية السعودية، ويعمل على تهيئة الرأي العام الأمريكي والدولي لما يمكن أن يصدر لاحقا من عقوبات يمكن أن يتم توقيعها على السعودية، وهو ما بدأ يظهر له ملامح من امتناع ألمانيا عن تصدير الأسلحة لها، وضغط بريطانيا، بالإضافة للكونجرس الأمريكي الذي يتخذ موقفا متشددا تجاه السعودية، زاد من هذا الموقف وقوع الجريمة المستنكرة إبان انتخابات التجديد النصفي.

لقد أدارت تركيا التي وقعت على أرضها الجريمة الأحداث بطريقة تزيد بها الضغط على المملكة العربية السعودية، فلقد استطاعت أن تحول الجريمة لتصبح عابرة لحدود الدولتين، وهي في ذلك لم ترد أن تواجه المملكة العربية السعودية بمفردها، بل أرادت أن تواجهها بظهير دولي لتصل إلى ما تريده من هذه القضية.

سرّب المسؤولون الأتراك - في إدارتهم للقضية - إلى وسائل الإعلام المحلية والعالمية، والإقليمية التي تعادي المملكة العربية السعودية "الجزيرة وأخواتها" ما اختاروه بعناية فائقة لكي يصلوا إلى تلك النقطة التي وصلت إليها القضية، واستطاع الأتراك أن يضيفوا تشويقا هائلا للقضية، وكأن بهم وقد استعانوا بأحد مؤلفي القصص البارعين ليقوم بإخراج المشاهد ليجعل الأعناق مشرئبة، والأعين مفتوحة، في انتظار المزيد من الأحداث، والمزيد من كشف ملابسات هذه القضية.

بعدما تم الكشف عن بعض تفاصيل عملية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، من خلال تلك التسريبات التركية، لم يساورني شك في أن عملية استعادة – كما تقول الرواية السعودية – أو التصفية - كما يقتنع الغالبية العظمى من متابعي القضية – تم رصدها منذ البدء، وأن المخابرات التركية وكذلك الأمريكية – وهذا ما كتبناه منذ فترة – قد تمكنت من الإمساك ببعض أطراف خيوط العملية الاستخباراتية الفاشلة، ذلك الرصد أو بالأخرى الاختراق هو الذي يسر للأتراك أن يديروا العملية بمزيد الدقة وأن يبدو ما يخرج من تسريباتهم منطقيا، ومن ثم تعتمد عليه وسائل الإعلام المختلفة، عكس الرواية السعودية التي تأخرت كثيرا، وجاء بها خلل وضع المملكة في مرمى سهام منتقديها، وفي مرمى مدفعية أعدائها.

قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي كشفت عن العديد من أنواع الخلل في المجتمع العربي، فلقد انقسم الناس فريقين؛ فريق مع تركيا التي لم تعلن حتى كتابة هذه السطور بيانا رسميا، وفريق مع المملكة العربية السعودية التي وضعوها في مواجهة تركيا التي افترض أنصار الأخيرة أن سيكون لها رواية مغايرة؛ تتقاطع كل التقاطع مع الرواية السعودية، مفترضين أن رواية تركيا سوف تدين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

والفريقان لم يتعاملا مع القضية بما يليق بها من الإنسانية مرة، ولا الموضوعية مرة أخرى، ففريق يذهب بالقضية إلى أقصى منتهى بما يتفق مع أحلامهم في النيل من مؤسسة الحكم في المملكة العربية السعودية، وخاصة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وهذا الفريق لا يعنيه الثأر لمقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي؛ بقدر ما يعنيه التخلص من الأمير الشاب، وذلك لقناعتهم أن الرجل يمثل حجر عثرة في تنفيذ مشروعاتهم، وأن التحالف الثلاثي المصري السعودي الإماراتي – الذي تعاظم بعد نجاح ثورة الشعب المصري في الثلاثين من يونيه – هو الذي حطم ما أطلق عليه مشروع الشرق الأوسط الكبير والذي كانت تلعب فيه كل من تركيا وجماعة الإخوان الدور الأهم والأبرز، هذا الفريق الذي يعادي ولي العهد السعودي، سمح لخياله أن يرسم السيناريوهات وظن أنه يرى بأم عينيه ذلك الخيال يتحقق، ساهم في ذلك أن هذا الفريق يستقي كل معلوماته من قناة الجزيرة التي تابعت القضية بنفس نهجها الذي يتميز بالكم الهائل من الإثارة، والذي اعتمد على التسريبات من مصادر تركية هي بالفعل مطلعة، ما يؤكد أن قناة الجزيرة جزء من المخطط الذي تم إفشاله من خلال ثورة الثلاثين من يونيه ومسانديها.

هذا الفريق ليس هم أنصار أردوجان الإخوان وحسب، بل ينضم لهم أنصار إيران وبعض من أنصار الرئيس السوري بشار الأسد، الذين يناصبون المملكة العربية السعودية العداء نتيجة لدعمها لما أطلق عليه الثورة السورية، وعلى الرغم من العداء المطلقة لهذا المكون الأخير في هذا الفريق لتركيا ورئيسها أردوجان إلا أنهم اختاروا الوقوف في نفس خندق أعدائهم لأنهم يرون في القضية فرصة للنيل من الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده. 

أما الفريق الآخر فلقد وقف بكل قوة مع المملكة العربية السعودية، لدرجة جعلت من بعضهم لا يأبه بقتل الصحفي، بل زاد عن ذلك بأن قتله ربما كان حقا، وهذا الجزء من هذا الفريق جاء رد فعل لأنصار المؤيدين لأردوجان والكارهين للمملكة العربية السعودية وحكامها، أما بقية هذا الفريق فوقفوا مع المملكة إيمانا منهم بأن هناك مخططا للنيل ليس منها فحسب بل من المنطقة كلها.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط