الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العراق بين بغداد وكردستان


دخل العراق مرحلة جديدة من تاريخه بعد رحيل حزب الدعوة عن رئاسة الوزراء التي سيطر عليها أكثر من 15 عاما منذ سقوط نظام صدام حسين.

ويمثل اختيار عادل عبد المهدي المحسوب كمرشح مستقل بين الطوائف السياسية بالعراق مؤشرا إيجابيا فى الدولة التي يعتمد نظامها على سياسة المحاصصة المذهبية والسياسية ، وتبدو الظروف مهيأة فى العراق لمكافحة الفساد المستشري فى البلاد منذ سقوط النظام السابق فى ظل الدعم الدولي والإقليمي للحكومة الجديدة .

وينتظر العراقيون الكثير من حكومة عبد المهدي، فى ظل حالة الإهمال التي شهدتها الكثير من المدن العراقية أبان حكومة العبادي والتي دفعت مدن الجنوب العراقي للثورة احتجاجا على تردي الأوضاع وسوء الخدمات.

وفى ظل هذه الأجواء، يبدو الوضع بإقليم كردستان أكثر تفاؤلا فى ظل حكومة جديدة يقودها نيجرفان برزاني الذي استطاع ان يقود الحزب الديمقراطي الكردستاني لحصد أغلبية مقاعد برلمان الإقليم.

وجاءت موافقة رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي على مقترح أربيل بإعادة تصدير نفط كركوك لميناء جيهان التركي عبر انبوب نفط إقليم كردستان ليفتح الباب من جديد لحل المشكلات العالقة بين بغداد وأربيل، وفتح صفحة جديدة من التعاون المثمر بعد التغييرات السياسية التي شهدها العراق، وهو ما قد يعود بأثار إيجابية على إقتصاد الإقليم وبغداد على حد سواء.

وتبدو الولاية الجديدة للسيد نيجرفان برزاني فى رئاسة حكومة كردستان حافلة بالتحديات الجديدة خاصة بعد نجاحه فى قيادة دفة الإقليم عقب موجة العقوبات التي تعرض لها فى مرحلة ما بعد استفتاء سبتمبر، واستطاع نيجرفان أن يتجاوز العقوبات وموجة الحصار التي تعرض لها الإقليم، بل وقاد حزبه بكفاءة سياسية عالية لتصدر المشهد السياسي ليس بالإقليم فحسب بل على مستوي الانتخابات الاتحادية العراقية أيضا بعد أن ظن البعض أن الإستفتاء قد أنهي وجود الحزب الديمقراطي قبل أن تصعقهم نتائج الانتخابات الأخيرة.
 
ويمثل إقليم كردستان حاليا التجربة الناجحة التي تسعي مدن وأقاليم بالعراق لاستنساخها، خاصة بعد مظاهرات البصرة الأخيرة، حيث تعالت الأصوات بإعلان إقليم البصرة الفيدرالي، على اعتبار أن فك الإرتباط المركزي مع حكومة بغداد، قد يدفع لتحسين الأوضاع المعيشية والحياتية بالبصرة أسوة بالوضع بإقليم كردستان.

وبحسب دراسة لمركز الروابط الإستراتيجية فإن إقليم كردستان شهد خلال رئاسة نيجرفان لحكومة الإقليم بين عامي 2004 و2014 طفرة اقتصادية غيرت معالمه العمرانية وجعلت منه محط أنظار عالم المال والأعمال لعقد من الزمن، ووصل تفاؤل بعض المراقبين والمحللين إلى وصف ما يجري هناك بمعجزة اقتصادية تنبئ بتحول الإقليم إلى “هونغ كونغ الشرق الأوسط”.

أعتقد ان تعميم تجربة إقليم كردستان وإعلان أقاليم أخري بالعراق مثل البصرة قد يخفف من الضغظ على حكومة بغداد ويساهم بشكل كبير فى نجاح تجربة الفيدرالية العراقية على المستوي السياسي كما يحسن الوضع الإقتصادي بالأقاليم الجديدة بما يقلل من حالة الغضب الشعبي تجاه حكومة بغداد.

وجاء الإعلان عن زيارة مرتقبة لوفد الديمقراطي برئاسة نيجرفان إلى السليمانية الأسبوع المقبل ليثبت جدية الرجل فى توحيد البيت الكردي، ورأب الصدع بين القوي السياسية الكردية، حيث من المقرر أن يناقش بالسليمانية مستقبل تشكيل الحكومة ورئاسة البرلمان مع حزب الإتحاد وحركة التغيير وذلك رغم الأكثرية التي حققها الديمقراطي بالانتخابات بصورة تجعله قادر على تشكيل الحكومة دون الحاجة سوي لأحزاب صغيرة لاستكمال النصاب القانوني لتشكيل الحكومة.

أعتقد أن نيجرفان برزاني قد يكون له دور مؤثر فى عراق ما بعد المحاصصة والمذهبية، ففي حال أصبحت الرئاسة العراقية ذات صلاحيات دستورية قوية وليست شكلية كما فى وضعها الحالي فإن نيجرفان قادر على لعب دور مؤثر فى استعادة بلاد الرافدين لدورها الإقليمي والدولي فى ظل ما يتمتع به الرجل من كاريزما تجعله مقبولا على المستوي الشعبي والإقليمي والدولي فضلا عن سياساته التوافقية وقدرته على لم شمل الأطراف المتصارعة.
ويبقي الوضع بالعراق ومستقبل حكومة عبد المهدي وقدرتها على النجاح مرتبط بمدي قدرة الأخير ورغبته فى التعاون مع القوي الفاعلة بالعراق وربما على رأسها حكومة إقليم كردستان .

نجاح حكومة بغداد يبدأ من كردستان، وعلى ساسة بغداد الإستفادة من التجربة الكردية، وحال المشاكل العالقة بين بغداد وأربيل، بما يجعل من كردستان قوة مضافة للسياسة العراقية التي تحتاج لكل سياسي محنك متفتح العقل والفكر وما اندرهم بالعراق .
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط