الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الرجل الكُحلي!


يُحكى أن رجلا ولدته أمه أبيض مثله مثل أي طفل في عمرهِ، بريء لم يتلوث بعد، ولَم تطله مؤثرات الحياة، ونظافته لم تنل منها بعد مساوئ وشرور الدنيا، وإذا به تغير تدريجيًا فبياضه الناصع تدرج في جميع الألوان الغامقة الداكنة - وهنا أنا لا أقصد تماما أصحاب البشرة السمراء، فهم أيضا يتمتعون بنفس صفات ذويهم من أصحاب البشرة البيضاء من نقاء وطُهر وبراءة - ووصل به الأمر إلى أنه اصبح كُحلي اللون في ظاهرة غريبة وفريدة لا تحدث إلا كل مليون عام!! الرجل الكُحلي اكتسب هذه الدرجة الفريدة من لونها ونوعها أيضا، وهو قد شارف على عامه الستين - يا لها من ظاهرة احتار فيها علماء علم الإنسان والأطباء بمختلف تخصصاتهم!! - اللهم لا شماتة.

وبعرض هذه الظاهرة على أحد الحكماء المخضرمين تكشفنا أن صاحبنا الكُحلي تحول لهذا اللون بعد مروره بعدة مراحل، وبناءً على عدة أسباب وعوامل اهمها على الإطلاق الكذب!! نعم الكذب قد يؤدي بك إلى هذا اللون الكحلي العجيب، وقد تتعرض لبعض الانتفاخات خاصة بمنطقة الرقبة والكرش!! وفِي حالة إصرارك على الكذب قد تشعر بتغير طفيف في صوتك بحيث يقترب الصوت من فحيح الثعابين، وهذا بكل أسف قد يؤثر على مستقبلك حال أن صوتك يكون مصدر رزقك كمعلقي الرياضة أو مقدمي البرامج ومذيعي الإذاعة أو أن تكون ممثلا أو مقرئًا أو على سبيل المثال وليس العََمد مطربًا!!

أيضًا تعَرض الحكيم المخضرم إلى سبب آخر وصفه بالغيرة الرجالية - وهنا برر أن الغيرة النسائية طبيعة بشرية وليست داء كما هي عند الرجال - وهي غيرة الرجل من رجل آخر!! ومن أبرز أعراضها أنها تسوقه - أي المريض - إلى التحرش بهدفه ومحاولة افتعال أي مشكلة معه ومن ثم يتطور الأمر إلى ثرثرة سلبية حوله ثم محاولات جادة لإيقاعه في مشكلات مدبرة وخلق عداءات له مع كل من حوله عن طريق الأكاذيب والادعاءات عليه والافتراءات وأخيرًا محاولة إيذائه بالطرق المباشرة سواء كانت طرق مشروعة أو غير مشروعة، وحذَّر الحكيم المخضرم من المريض الكحلي، مؤكدًا أنه يظهر ما لا يبطن علي طريقة مذهب التقية الشيعي!! بمعنى أنه خبيث لدرجة مخيفة ولا يواجه أبدا من أمامه بحقيقة ما يدور بداخله، لذا يصعب توقع أي خطوة له وتستحيل معه التكهنات وربما إفراطه في القَسم وذكر اسم الله كثيرا مع قليل من الدموع - دموع التماسيح بالطبع - يساعده في عمليات خداعه للآخرين وألاعيبه التي لا تنتهي ولن تنتهي إلا بوفاته!!

أكد الحكيم المخضرم على نقطة غاية في الأهمية تكمن في انتهازية الرجل الكحلي وحذَّر من إعطائه أي فرصة -بحٌسن نية - تجعله يتحكم بك، فمثل هذه الفرص تجعله وبشكل غير إرادي يستغلها ضدك متصورًا أنه ملكك بل ومَلك الدنيا وما فيها وتصبح هذه الفرص بكل أسف كالعضمة في فم الكلب المسعور كما ذكر في الأمثال الشعبية المصرية القديمة، احذروا الرجل الكحلي ومن على شاكلته، فهو شخص متجرد من القيم والدين والإنسانية، وشخص بلا مبادئ، فالغاية عنده تبرر الوسيلة على غرار مبدأ ميكافيللي والكذب لديه أسلوب حياة، احذروا الرجل الكحلي فهو شبع بعد رحلة طويلة من الجوع، الشيء الذي جعله كالحرباء (وعلى كل لون يا بطيسته)!! احذروه فلا شيء يردعه أو يرجعه عن طريقه الشرير الذي يبرره هو لنفسه وللمحيطين به بمنتهى البجاحة أنه الطريق الحق ولولا صياعته - على حد تعبيره هو الركيك - لضاع حقه!! احذروه فهو جاهل متعفن الأفكار يتعمد خداعكم تحت صورة كاذبة لشخص متدين أو ابن بلد جدع أو وطني أو صاحب مبدأ!!

أخيرًا رمي الحكيم المخضرم باللوم على سائله وقال له نصًا: الحق ليس عليه - أي على الرجل الكحلي - وإنما الحق عليك أنت، فلا تبرر خطأك وتعلقه على خداعه لك فإذا استطاع أحد أن يخدعك فعليك بدفع الثمن أيا كانت قيمته.

أخذت بنصيحته عن اقتناع وقررت أن أكتب هذه السطور علها تكون تحذيرًا لمن يقرأها، فكم من رجل كحلي يحيا بيننا ويتستر خلف قناع يخفي حقيقة لونه الحقير الذي لا يراه سوى من لدغ منه وذاق المرار من أكاذيبه ومبرراته الحقيرة ومراوغاته الدنيئة ودموعه الرخيصة وقسمه بالله والمصحف ورحمة أمه وأبيه وحياة أولاده!! منتهى الحقارة والرُخص.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط