بئر يوسف.. حلزون على عمق 90 مترا في صخر القلعة
قلعة صلاح الدين الأيوبي.. بمجرد قراءة هذه العبارة ستتبادر إلى ذهنك مباشرة صورة مسجد محمد علي أحد أشهر وأبرز المنشآت التاريخية في القلعة،والتي تضم منشآت أخري رائعة منها بئر يوسف.
وبمجرد قراءة هذا يتبادر إلى ذهن القارئ أن هذه البئر مرتبطة بقصة سيدنا يوسف عليه السلام، لكن الحقيقة أن هذه البئر هى إحدى البنايات الهامة فى القلعة .
وإذا ما أردت معرفة قصة البئر واصل التسمية،يمكنك قراءة كتاب د.محمد عبد اللطيف، أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة، ومساعد وزير الآثار السابق، "أبرز المعالم الأثرية والسياحية الإسلامية والمسيحية في مصر والعالم"، الصادر عن دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر.
وطبقا للكتاب، فقد سمي البئر بهذا الاسم نسبة إلى صلاح الدين مؤسس القلعة، حيث أن اسمه بالكامـل صلاح الدين يوسف بن أيوب،والبئر تبدأ قصتها من تاريخ البدء فى بناء القلعة عام 572 هـ/ 1176م، فلقد رأى بهاء الدين قراقوش وزير صلاح الدين أنه من الحكمة حفر هذه البئر فى الصخر لأخذ المياه منها وقت حصار القلعة .
وكان قراقوش هذا الرجل يعمل وزيرًا لصلاح الدين،وقد كلفه صلاح الدين بالإشراف على أعمال البناء فى القلعة، فنفذ ذلك بكل نشاط وأحكام ومن هنا جاءت شهرته بالصرامة وارتبط اسمه الاستبداد.
فلقبه الناس بقراقوش ومعناها الطائر الأسود – العقاب – عنوانا على الصرامة والاستبداد، وشبهوا عهود الظلم فى معظم الروايات بعصر قراقوش، ومن الطريف أن الأسعد بن مماتى كتب كتابا عن بهاء الدين قراقوش عنوانه "الفاشوش فى أحكام قراقوش" ضمنه كثيرًا من الأمور التى يستبعد وقوعها منه.
ونعود لقصة البئر وهى تقع حاليًا فى الجهة الشرقية من جامع الناصر محمد بن قلاوون،وكانت تسمى بالحلزون وهى تعتبر من عجائب البنيان فهى محفورة فى الصخر على عمق حوالى تسعين مترا ويقال أنه ينزل إليها بنحو ثلثمائة درجة.
وفى وصف هذه البئر ذكر المقريزى على لسان ابن عبد الظاهر فقال: "هذه البئر من عجائب الأبنية تدور البقر من أعلاها،فتنقل الماء من نقالة فى وسطها وتدور أبقار فى وسطها تنقل الماء من أسفلها، ولها طريق إلى الماء ينزل البقر إلى معينها فى مجاز وجميع ذلك حجر منحوت وماؤها عذب، وقيل أن البئر لما حفرت جاء ماؤها حلوا فأراد قراقوش أو نوابه الزيادة فى مائها فوسع الحفر فى الصخر فخرجت عين مالحة غيرت حلاوتها".