الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

داوود باشا.. قصة والٍ عثماني لمصر خلد اسمه في التاريخ بـ الكفتة

صدى البلد

كرات لحم صغيرة محمرة في الزيت، توضع في الصلصة لتطهى بدرجة سواء معينة، وتقدم مع الأرز أو الخبز، طبق شهير عرفته الأسر المصرية، وعرفوها بكفتة داوود باشا، توالت أجيال واشتهر طهاة بهذا الطبق، اعتبره الكثيرون مجرد اسم أطلقه القدماء على هذا الطبق الشعبي واعتبروه أكلة مصرية أصيلة، ولكنها ليست أكلة شعبية، بل طبق أحد الملوك الذي عشقه فحمل اسمه، لتصبح كفتة داوود باشا ذكرى خلود الوالي العثماني في مصر.

أقرب طريق لقلب الرجل بطنه، ولكن يبدو أن هذا الطريق الذي سلكه داوود باشا ليخلد اسمه في التاريخ بأكلة، ويظل يتردد على الأذهان على مر العصور، حتى أحبه المصريون بعد وفاته وحتى اليوم.


داوود باشا عبد الرحمن الوالي العاشر لمصر أيام الحكم العثماني، رفض الأزهر تعيينه كوالٍ للبلاد، فكونه مخصيا وتاريخه كعبد جعل الكثيرين يبغضون وجوده حاكما لهم، حتى تدخل السلطان العثماني لتنصيبه واليا لمصر.

عرف عنه حبه للكفتة، بمعناها الذي نعرفه اليوم، ولم تكن متداولة على مائدة المصريين حينها، فأدخلها الوالي العثماني من تركيا، حيث تعد أكلة شعبية هناك، وأمر طهاته وخادميه بإعدادها يوميا له، ومعاقبتهم إذا نسيوا طبخها يوما، وعرفه ضيوفه بهذا الطبق وكرمه في تقديمه لهم، حتى اقترن اسمه عبر التاريخ بطبق الكفتة الذي أصبح فيما بعد.

أحب مصر من قلبه حتى سعى في فترة حكمه، وعرف عنه التدين وحب القراءة والمطالعة، اهتم بالمساجد فأنشأ مسجدا في منطقة السيدة زينب، في حارة " سويقة اللالا" بشارع بور سعيد، وحمل اسمه حتى اليوم.

وبعكس الولاة العثمانيين الذين اتجهوا إلى حب البذخ والرفاهية والتمتع بالدنيا، عرف داوود باشا قيمة العلماء، فأسكنهم وأنزلهم منزلا يليق بمكانتهم، واشتهر في جلساته معهم بثقافته الواسعة، حيث أدمن اقتناء الكتب العربية وقراءتها، وتعلم منها كرم الأخلاق واتسم بالحلم.

لم يشهد له المصريون سوى كل خير، فدخل قلوبهم بمعاملته الطيبة، حتى أوصى بدفنه بجوار الإمام الليث بن سعد، ليعد بذلك أول والٍ عثماني يدفن في مصر، ليرحل بجسده، ويظل خالدا في طبق الكفتة الذي حمل اسمه حتى اليوم.