الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

السعي بين الصفا والمروة .. أحكامه والأدعية المستحبة وأخطاء يجب تجنبها

السعي بين الصفا والمروة
السعي بين الصفا والمروة

السعي بين الصفا والمروة من أركان الحج والعمرة ويكون بسبعة أشواط، ويبدأ الشوط الواحد من الصفا ثم ينتهي إلى المروة، والعودة من المروة إلى الصفا تحتسب شوطًا ثانيًا، ويشترط في السعي أن يكون بعد طواف سواء كان ركنًا أو واجبًا أو نفلًا، والصفا والمروة جبلان يقعان شرقي المسجد الحرام، والصفا جبل صغير يقع أسفل جبل أبي قبيس، والمروة جبل صغير يقع في الجهة الشمالية الشرقية من الكعبة، وهو متصل بجبل قعيقعان.

ويسعى المسلمون في الحج والعمرة بين جبلي الصفا والمروة، ويبدأ الساعي بالصفا وينتهي بالمروة، ويكون سعيه سبعة أشواط، أما السيدة هاجر عليها السلام فأول من بدأت السعي بين الصفا والمروة، ثم صار السعي شعيرة من شعائر الحج والعمرة.

كيفية السعي بين الصفا والمروة

متى صعدت أيها الحاج إلى جبل الصفا فهلل وكبر، استقبل الكعبة المشرفة، وصلِّ على النبي المصطفى -صلى الله عليه وآله وسلم-، وادع لنفسك ولمن تحب ولنا معك بما يشرح الله به صدرك. 

وابدأ أيها الحاج أشواط السعي -سيرًا عاديًّا- من الصفا إلى المروة في المسار المعد لذلك مراعيًا النظام والابتعاد عن الإيذاء، وأسرع قليلًا في سيرك بين الميلين الأخضرين -في المسعى القديم والجديد علامة تدل عليهما-، وهذا الإسراع هو ما يسمى «هرولة» وهي خاصة بالرجال دون النساء، فإذا بلغت المروة قف عليها قليلًا مكبرًا مهللًا مصليًا على النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، جاعلًا الكعبة تجاه وجهك داعيًا الله تعالى بما تشاء من خيري الدنيا والآخرة لك ولغيرك، وبهذا تم شوط واحد. 

أيها الحاج الأشواط السبعة على هذا المنوال مع الخشوع والإخلاص والذكر والاستغفار، وردد ما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- في هذا الموطن: «رب اغفر وارحم، واعف عما تعلم، وأنت الأعز الأكرم، رب اغفر وارحم واهدني السبيل الأقوم»، وبانتهائك من أشواط السعي السبعة تكون قد أتممت العمرة التي نويتها حين الإحرام، ثم عليك أن تتحلل فاحلق رأسك بالموسى، أو قص شعرك كله أو بعضه، والحلق أفضل للرجال وحرام على النساء، ولكن المرأة تقص شعرها بأن تجمه كله وتأخذ قدر أنملة، ولها أن تقصر أقل من ذلك، لأنه لم يرد تحديد له في الشرع. 

وبهذا الحلق أو التقصير للشعر يتحلل المحرم من إحرام العمرة رجلاً كان أو امرأة، ويحل له ما كان محظورًا عليه، فليلبس ما شاء، ويتمتع بكل الحلال الطيب إلى أن يحين وقت الإحرام بالحج حين العزم على الذهاب إلى عرفات ومنى.

دعاء السعي بين الصفا والمروة

ليس للطواف والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة، وفي مزدلفة أدعية مخصصة، لابد منها، بل يشرع للمؤمن أن يدعو ويذكر الله، وليس هناك حد محدود، فيذكر الله بقوله: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، يردد مثل هذا الذكر، ويدعو بما يسر الله من الدعوات، يسأل ربه أن الله يغفر له ذنوبه، ويدخله الجنة، وينجيه من النار، يسأل الله له ولوالديه المغفرة والرحمة».

مسافة السعي بين الصفا والمروة

الطريق الذي يربط بين الصفا والمروة يسمى مسعى، أو مكان السعي، والمسعى الآن داخل في المسجد الحرام نتيجة التوسعة السعودية التي تمت عام 1375هـ، تبلغ المسافة بين الصفا والمروة 394.5 مترًا، وهناك من يقول نها 405 أمتار، وهناك من يقول 375 مترا، وإجمالي عدد الأشواط للسعى 2761.5 متر عند حسابها على أنها 394.5 متر.

سنن السعي بين الصفا والمروة 

سنن السعي، هي: أنه يسن الموالاة بين أشواط السعي بلا تفريق كثير، ولا فصل طويل بينهما، بل يأتي بأشواط السعي متتالية، ويجوز له أن يفصل بينهما ويأخذ فترة من الراحة ولكن السُنة الواردة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هي الموالاة.

ويستحب الموالاة بين السعي والطواف، فإذا أتم الحاج الطواف مع سننه استحب له السعي بين الصفا والمروة، ويسن السعي مشيًا للقادر على المشي، فمن لم يقدر جاز له أن يحمله غيره أو يركب.

يسن الإسراع بين العلمين الأخضرين، وتكون سرعته فوق الرمل -الهرولة-، ودون الجري، ويفعل ذلك في أشواط السعي السبعة، كما يسن للساعي أن يرقي علي جبلي الصفا والمروة حتى ينظر إلى الكعبة; تأسيًا بالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في ذلك، لأن النظر إليها عبادة، ويسن طول القيام على الصفا، وهو ناظر للكعبة مستقبل القبلة بوجهه، فإذا رأي الكعبة كبر وهلل ثلاثًا، ثم قال: الله أكبر على ما هدانا، ويدعو، كما يسن ذلك على المروة أيضًا.

أحكام السعي بين الصفا والمروة

السعي بين الصفا والمروة ركن من أركان الحج والعمرة لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهو يطوف بين الصفا والمروة: «اسعَوا، فإن الله كتب عليكم السعي» رواه أحمد (6 /421): وقال تعالى: «إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا» [البقرة: 158]. 

شروط السعي: يشترط في السعي: أن يكون سبعة أشواط، وأن يكون ذلك في المَسْعَى - وهو الطريق الممتد بين الصفا والمروة - لفعل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولقوله: «خُذُوا عني مناسككم»، فلو سعى خارج المَسْعَى، فلا يصح.

ويشترط أن يبدأ بالصفا، ويختمَ بالمروة، فيكون سَعْيه من الصفا إلى المروة "شوطًا"، ثم من المروة إلى الصفا "شوطًا آخر"، وهكذا حتى يُكْمِل سبعة أشواط؛ فيكون آخرها بالمروة.

ملاحظات مهمة: أولًا: إذا بدأ بالمروة قبل الصفا، لم يُعْتدَّ بهذا الشوط، ويبدأ العد من الصفا، ثانيًا: اشترط بعض أهل العلم أن السعي لا يكون إلا بعد طواف، ثالثًا: يجوز أن يؤخّر السعي، ولا يشترط الموالاة بينه وبين الطواف، لا يشترط الطهارة للسعي، وإن كان ذلك أفضل.

ومن المعلوم أن القارِن والمُفْرِد يَكْفِيه هذا السَّعْي، فلا يَلْزَمه أن يَسْعَى مرَّة أخرى بعد طواف الإفاضة الذي يكون في يوم النحر -يوم العيد، وحج القِران: هو أن ينوي فيه الحاج نية الإتيان بحج وعمرة معًا في آن واحد وبأفعال واحدة، من طواف وغيره من أعمال الحج، أو يحرم بالعمرة أولًا ثم يدخل الحج عليها قبل الشروع في طوافها، وعمل القارن كعمل المفرد سواء، إلا أن القارن عليه هدي والمفرد لا هدي عليه، أما حج إفراد: فهو ينوي فيه الحاج نية الحج فقط.

السعي بين الصفا والمروة للحائض

يجوز للحائض أن تَسْعَى بين الصفا والمروة لأنه لا تشرط الطهارة في السعي، لقول الرسول- صلى الله عليه وسلّم - لعائشة -رضي الله عنها: «فَاقضِي ما يَقْضِي الحاجُّ غير ألا تَطُوفِي بالبيت» رواه البخاري (294)، (5548)، ومسلم (1211)، فلو حاضت المرأة بعد الطواف حول البيت، فإنها تؤدِّي سَعْيَها، ولا حَرَج عليها، لكن الطواف حول الكعبة تشترط فيه الطهارة.

من نسي السعي بين الصفا والمروة

السعي ركنٌ من الأركان التي لا يتم الحج والعمرة إلا بجميعها، ولا يُجبَر تركُه بدمٍ عند جمهور الفقهاء، ومن تركه أو ترك بعضه الرجوع إلى مكة والإتيان به حتى لو كان تركه بعذر، كأن يكون جاهلًا أو ناسيًا.

ويرى فقهاء الحنفية أن مَنْ ترك السعي كاملًا أو معظمَه في حج أو عمرة لعذر خارج عن إرادته فلا شيء عليه، ومَنْ تركه مِن غير عذر فعليه ذبح شاة، ومن ترك ثلاثة أشواط أو أقل من ذلك فعليه نصف صاع من بُرٍّ عن كل شوط، ومن القواعد المقررة شرعًا «أن من ابتلي بالمختلف فيه فله تقليد من أجاز». 

الشك في عدد أشواط السعي بين الصفا والمروة

الشك في أثناء الطواف والسعي إما أن يكون أثناء السعي، وإما أن يكون بعدها، فإن كان في الأثناء، فإنه يبني على الأقل، فلو شك أنه سعي 5 أشواط أو أربعة بنى على الأقل هو أربعة أشواط ويكمل بقية السعي، وإن كان الشك بعد الفراغ من السعي فإنه لا يضر، وهذا ما قاله الإمام النووي في كتاب «المجموع»: «ولو شك في عدد الطواف أو السعي لزمه الأخذ بالأقل، ولو غلب على ظنه الأكثر لزمه الأخذ بالأقل المتيقن، هذا كله إذا كان الشك وهو في الطواف، أما إذا شك بعد فراغه فلا شيء عليه».

أخطاء السعي بين الصفا والمروة

بعض الحجيج يرتكبون عدة أخطاء عن السعى بين الصفا والمروة ومنها: الخطأ الأوَّل: الاعتقاد أنَّ الوضوء لازمٌ للسَّعي كلزومه للطَّواف: والصواب: أنَّ الوضوء لا يلزم السَّعي، فيجوز السَّعي على غير وضوء؛ لأن السَّعي لم يكن بالمسجد الحرام، ولكنه ضُمَّ بعد ذلك؛ فدخل ضمن المسجد في هذه الأيام.

الخطأ الثَّاني: قراءة الحُجاج الآية: «إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ» [البقرة: 158]، وذلك كل شوط: والصواب: قراءتها مرَّةً واحدةً فقط عند الاقتراب من الصَّفا أوَّل مرَّة.

الخطأ الثَّالث: تخصيص كلِّ شوط بدعاء معين: والصواب: أنَّ الحاجَّ يدعو بما شاء من الأدعية، وليس هناك دعاءٌ مخصوصٌ لكلِّ شوطٍ من الأشواط، وينبغي ألاَّ يرفع صوته بالذِّكْر أثناء السَّعي، وهناك مَنْ يترك الأدعية الواردة أثناء صعوده وهبوطه ذهابًا وإيابًا، وهذا لا يُبْطِل السَّعي، ولكنه يُنْقِص الأجر.

الخطأ الرَّابع: الرَّمَل -الهرولة- بين الصَّفا والمروة في كلِّ المسافة: والصواب: أنَّ الهرولة بين الميلَيْن الأخضرَيْن فقط، وليس في كلِّ المسافة ما بين الصَّفا والمروة.

الخطأ الخامس: الرَّمَل بين العَلَمين في الأشواط الثلاثة الأولى كما يُفْعَل في الطَّواف: الصواب: أنَّ الرَّمَل بين العَلَمين يكون في الأشواط السبعة كلِّها، وهو سنَّةٌ في حقِّ الرجال دون النساء، مع أن حِكْمَة الرَّمَل سببها امرأةٌ؛ وهي هاجر- عليها السَّلام - ولكنه ليس بواجبٍ عليهم ولا مستحبٍّ.

الخطأ السَّادس: الاستمرار في السَّعي بين الصفا والمروة عند إقامة الصلاة، ظنًّا من بعض الحجَّاج أنه لا يجوز الفصل بين أشواط السَّعي: والصواب: ضرورة قَطْع السَّعي عند إقامة الصلاة، ومعاودة السَّعي بعد الانتهاء منها، ولا يضرُّ الفصل بين الأشواط بالصلاة.

الخطأ السَّابع: اعتبار الشوط الأول من الصَّفا إلى الصَّفا: والصواب: أنه من الصَّفا إلى المروة شوطٌ، ومن المروة إلى الصَّفا شوطٌ، وهكذا، ويقول الشَّوْكاني في "السيل الجرَّار": "لو كان السَّعي من الصفا إلى المروة، ثم منها إلى الصفا شوطًا؛ لكان قد طاف الطَّائف بين الصَّفا والمروة أربعَ عشرة مرَّةٍ لا سبعًا فقط، والذي ثبت في "الصحيحَيْن عن ابن عمر – رضي الله عنهما -: أنه - صلَّى الله عليه وسلَّم - طاف بين الصفا والمروة سبعًا".

__________________
المصادر:
دار الإفتاء المصرية
مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية
مجمع البحوث الإسلامية