الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عاش هنا يوثق قرابة محمود الجوهري بـ سيدنا الحسين وخالد بن الوليد.. وأسرار ضربه لـ ميدو بمكتبه وعلاقته الخاصة بـ حسام حسن.. وكواليس دوره فى حرب أكتوبر

محمود الجوهرى
محمود الجوهرى

فى محافظة القاهرة وتحديدًا في 16 شارع حسن مظهر - مصر الجديدة - القاهرة، عاش الكابتن محمود الجوهرى المدير الفنى التاريخى لمنتخب مصر، الذى وثق جهاز التنسيق الحضارى منزله، من خلال وضع لافتة على باب العقار، توضح تاريخ الميلاد: 20/02/1938 مكان الميلاد: القاهرة، وتاريخ الوفاة 03/09/2012.

يأتى ذلك فى إطار مواصلة مشروع "عاش هنا"، أحد أهم المشروعات التي يشرف عليها جهاز التنسيق الحضاري التابع لوزارة الثقافة، جهوده في توثيق المباني والأماكن التي عاش فيها الفنانين والسينمائيين وأشهر الكتاب والموسيقيين والشعراء وأهم الفنانين التشكيليين والشخصيات التاريخية، التي ساهمت في إثراء الحركة الثقافية والفنية في مصر عبر تاريخ مصر الحديث.

ولد محمود الجوهرى يوم 20 يناير عام 1938، وكان ضابطًا في الجيش المصري وأحد الأبطال الذين شاركوا في حرب أكتوبر عام 1973 وهو في رتبة مقدم، وخرج من الخدمة عميدا في سلاح الإشارة وهو سببت تلقيبه بـ "الجنرال" بسبب خلفيته العسكرية ، وهو متزوج وله بنتان وولد واحد اسمه أحمد لم يكمل مشواره في كرة القدم بعد أن لعب لعدة سنوات في نادي هليوبوليس ولكنه اعتزل وتفرغ لعمله الخاص و له حفيد آخر اسمه كريم جميل الجوهري لعب فترة في نادي العين الإماراتي بعد اعتزاله بسبب التحاقه بكلية الهندسة بمصر.

ومالا يعرفة الكثيرون عن محمود الجوهرى أنه من ذرية الإمامين الحسن والحسين وسيف الله المسلول خالد بن الوليد من البطون فزوجة جده الأكبر الشيخ أحمد الجوهري الكريمي الخالدي (أمنة بنت رحمة بنت شهاب الدين أحمد الصحاف بن عبد الله الشنواني) هي من ذرية شهاب الدين أحمد بن عثمان الوفائي العراقي المدفون في جامعه في شنوان بالمنوفية. وهو من ذرية غياث الدين مطر الجد المشترك لأشراف القدس والأشراف الوفائية الحسينيين بمصر. وأحمد الجوهري هو شيخ الشافعية في مصر في عصره وهو من أحفاد خالد بن الوليد ومن ذرية الإمام الحسن من البطون. وكان أحد عالمين اختارهما عبد الرحمن كتخدا لكي يتأكدا من وجود رأس الحسين في مسجده بالقاهرة في منتصف القرن الثامن عشر الميلادي. وابناه عبد الفتاح (الجد الأكبر لمحمود الجوهري) أحد قادة ثورة القاهرة الثانية ضد الحملة الفرنسية. وأخوه محمد الجوهري هو من أقنع بونابرت بالخروج من الأزهر، وذلك وفقا لدراسة بعنوان السادة الجوهرية في الفترة من 1187 هـ - 1332 هـ / 1774 م- 1914 م، وهى دراسة ارشيفية ودبلوماتية عبارة عن رسالة ماجستير غير منشورة.قسم الوثائق والمكتبات، كلية الآداب، جامعة القاهرة.


بدأ محمود الجوهرى حياته الكروية لاعبًا بالنادي الأهلي المصري ولاعبًا في منتخب مصر من 1955 حتى 1966 واعتزل مبكرًا بسبب إصابة رباط صليبي تعرض لها في ركبته فاتجه للتدريب، وعمل مدربا لفريق النادى الأهلي المصري في بداية الثمانينيات من القرن العشرين ونجح في الفوز بأول بطولة أفريقية في تاريخ الأهلي المصري، وهي دوري أبطال أفريقيا عام 1982 ثم تولي تدريب المنتخب المصري في سبتمبر 1988 واستطاع الوصول به لكأس العالم عام 1990 لثاني مرة في تاريخه بعد المرة الأولى في 1934 وتعادل المنتخب المصري مع هولندا 1 / 1 في أولى مبارياته في المونديال كما تعادل مع إيرلندا من دون أهداف وخسر بهدف واحد أمام إنجلترا وخرج من الدور الأول، وفى الزمالك مدرسة الفن والهندسة، كانت بصمته حاضرة كذلك، من خلال قيادة الأبيض للتتويج باللقب دوري أبطال إفريقيا عام 1993، وكأس السوبر الإفريقية، عقب تغلبه على الأهلي في النهائي بهدف نظيف، سجله أيمن منصور، مهاجم الزمالك، في ذلك الوقت..

فازت مصر تحت قيادة محمود الجوهرى بلقب بطولة أمم أفريقيا عام 1998م والتي أقيمت في بوركينا فاسو وتغلب في النهائي على منتخب جنوب أفريقيا لكرة القدم بهدفين نظيفين، وهو أول مدرب يفوز بالأمم الأفريقية لاعبا ومدربا حيث حصل على الكأس مع منتخب مصر عام 1957 و1959 وكان هداف البطولة كما قاد المنتخب الوطني المصري للفوز بالميدالية الذهبية في دورة الألعاب العربية في 1992 التي أقيمت في سوريا متغلبًا على المنتخب السعودي 2/3 في المباراة النهائية وهو أول مدرب مصري يتولي تدريب فريقي الأهلي المصري والزمالك المصري في تاريخ الكرة المصرية.

خاض محمود الجوهرى عددا من التجارب التدريبية خارج حدود مصر على صعيد الأندية والمنتخبات حيث درب أندية أهلي جدة واتحاد جدة السعوديين والشارقة والوحدة الإماراتيين، ومنتخب سلطنة عمان في كأس الخليج عام 1996، وأخيرا منتخب الأردن الذى صنع معه المجد في كأس الأمم الآسيوية 2004 ووضع الكرة الاردنية على الخريطة الآسيوية.

كان محمود الجوهرى يتميز بشغف كبير بالكرة واهتمام زائد بعمله يجعله لا ينام كذلك قدراته على تحفيز لاعبيه، فيحكي ربيع ياسين ومجدي عبد الغني أنهما كانا من أعمدة المُنتخب الرئيسية ومع ذلك وفي مُعسكر كأس العالم 90 قال الجوهري إنه يفكر بألا يصطحبهما معه لإيطاليا والنتيجة كانت تدريب بجدية أكثر والوصول لمستوى أعلى.

يحكي محمود الجوهري فى حوار صحفى سابق لـ الناقد الرياضى حسن المستكاوى أنه عند اقتراب المُباريات الهامة كان يقود سيارته ليلًا للتجول في الشوارع الخالية ويتخيل شكل المُباراة ثم يعود ليرسم الخطة على لوحة كبيرة بغرفة نومه ثم ينام وهو يفكر بالمُباراة، وقبل مُباراة هولندا فعل الشيء ذاته وعند انتهائه من وضع الخطة نظر لها بإعجاب وافتخار -على حد تعبيره- وأنه كان يعشقها، أنها كانت مُتكاملة، كل لاعب من هولندا عليه رقابة من لاعب ولاعب آخر يغطي الموقف ويغلق زوايا التمرير وعندما انتهى منها نام سعيدًا ليصحو مفزوعًا بعد قليل وينظر إليها بتمعن ليجد أنه وضع 12 لاعبًا وليس 11 ليعلم أنه عليه تحديد أولويات أمام هولندا.

ومن أهم الدروس التاريخية التى اعطاها محمود الجوهرى لللاعبين موقفه من أحمد حسام ميدو البالغ من العمر 18 عامًا وقتها عندما تعدى لفظيًا على الجوهري نفسه عند خروجه مستبدلًا في إحدى مُباريات تصفيات كأس العالم 2002 حيث يروي ميدو بأن الجوهري لم يلتفت له وواصل توجيه اللاعبين وبعد انتهاء اللقاء وذهاب الجميع لمنازلهم اتصل به سمير عدلي مُدير المُنتخب للحضور في منتصف الليل بمكتب الجنرال ليُفاجأ بصفعة على الوجه وسباب مُتتال ثم طلب منه التدريب أكثر ليكون جاهزًا لمُباراة السنغال!.. وهو الموقف الذى كان علامة فى مسيرة أحمد حسام ميدو.

لم يرتبط محمود الجوهري المدير الفني الأسطوري الراحل للكرة المصرية بلاعب كما ارتبط بحسام حسن اللاعب التاريخي للأهلي والزمالك والمدير الفني الحالي لسموحة، حيث كان يثق فيه بشكل كبير مهما تعرض لانتقادات، ويبقى الموقف الأشهر في علاقة الثنائي عندما أصر محمود الجوهرى على ضم المهاجم الأول لمصر في بطولة أمم أفريقيا 1998 ببوركينا فاسو، وذلك رغم تراجع مستوى اللاعب وقتها الأمر الذي جعل الاعلام يفتح النار على الجهاز الفني ويتهمه بمجاملة حسام وأنه ضمه إلى القائمة لتكريمه، إلا ان حسام حسن رد الجميل للجوهري في بوركينا فاسو وسجل 7 أهداف كاملة بهذه النسخة ليقود الفراعنة للعودة الى منصة التتويج بعد غياب 12 عاما وإحراز اللقب الرابع في تاريخ المنتخب.

بعد صراع قصير مع المرض استمر ثلاثة أيام تعرض الكابتن محمود الجوهري جلطة دماغية أدت إلى نزيف حاد بالمخ يوم الخميس 30 أغسطس عام 2012 ميلادية لينقل على إثر ذلك إلى أحد المستشفيات الكبرى في العاصمة الأردنية عمان حيث أعلن الأطباء عن وفاته إكلينيكيا وفي صباح يوم الاثنين 3 سبتمبر عام 2012م توفي محمود الجوهري عن عمر يناهز الرابعة والسبعين على إثر أزمة قلبية حادة، أقيمت له جنازة عسكرية في الأردن شارك فيها الأمير علي بن الحسين، ونقل إلى القاهرة في طائرة عسكرية.

جدير بالذكر أن مشروع "عاش هنا" يتم بالتعاون مع الجهات والمؤسسات الفنية، ويستعان خلالها بالمُهتمين بتوثيق التراث الثقافي والفني في مصر لتدقيق المعلومات والبيانات التي يتم تجميعها.