الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

د.فتحي حسين يكتب..حول تحويل الصحافة القومية إلي رقمية

صدى البلد

فوجئنا منذ ايام برغبة المجلس الوطني للصحافة في تحويل المؤسسات الصحفية القومية التي تمتلكها الدولة الي صحف رقمية كمحاولة منها للخروج من أزمتها الحالية المتمثلة في الضعف الكبير في توزيع هذه الصحف وتحقيق خسائر مع قلة الاعلانات وارتفاع اسعار الورق والطباعة بشكل جنوني .. وهذا برأيي ينطبق عليه تماما المثل القائل بانه " جاء يكحلها فعماها" !

فلا يمكن للمجلس المذكور أن يتخذ قرارا مصيريا كهذا دون دراسة كافية للامر برمته بدلا من العشوائية في اتخاذ القرار والتي اعتدنا رؤيتها مؤخرا في عمل هذا المجلس ، خاصة أن هذه المؤسسات الصحفية لها تاريخ طويل في الطباعة ولديها عمالها سوف تنضم الي طابور البطالة المقنعة واهدار المال من ناحية اخري ، هذا غير أن القاريء قد إعتاد علي تصفح الجريدة وامساكها بيديه يوميا كعادة محببة للباحثين عن الاخبار والمعلومات !

واظن - وليس كل الظن اثما- أن هذا الحل غير معقول بالمرة وهناك اقتراحات اخري من اجل حل ازمة عدم بيع وتوزيع الصحف في بلادنا وعدم اقبال الجمهور علي القراءة وشراء الصحيفة ، ناهيك عن هروب المعلنين الي جمهور اليوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي التي ربما وجد بها هامشا من حريته بها ، ولكن الدولة ممثلة في الهيئة الوطنية للصحافة قد اختارت الحل الاسهل لها وللحكومة وهو وقف الطباعة والتحول الي الصحافة الرقمية وبدأت باحدي الصحف القومية والباقي تأتي تباعا وعددهم 54 صحيفة قومية !

وعندما ننظر الي بعض الدول مثل الهند والصين واليابان تجد رواجا غير طبيعي في بيع وتوزيع الصحف الورقية هناك بالرغم من معاناة اغلب الصحف الورقية عالميا نتيجة ضغوط المنصات الالكترونية والتي تكسب يوميا المزيد من قراء الصحف الورقية مما يقلص من دخل الصحف الورقية من الاعلانات التي تحتوي الي السوشيال ميديا والاعلام الرقمي!

واعتقد أن هذا التحول الي الرقمية لن يقضي علي الصحف الورقية ولا يعني بداية لانهيار مهنة الصحافة بمعني جمع ونشر الاخبار والاراء والصور والرسوم باقية ومستمرة ، لانها تسد احتياجات انسانية وضرورات مجتمعية وكل ما سيتغير هو أن وسائل ممارسة الصحافة ستختلف وربما سيدخل الكتاب المطبوع المرحلة نفسها ، اي سيختفي لصالح الالكتروني ورغم ذلك فلا يمكن الاستغناء عن النسخة الورقية لاهميتها في يد المواطن والمسؤول معا!

وهناك عوائق تحول دون نجاح التحول السريع الي الرقمية ، منها ارتفاع نسبة الامية الرقمية لدي غالبية المواطنين وهي ضمن الامية الثقافية التي ربما تفشل معها فكرة التحول الرقمي فلا تزال هناك شريحة كبيرة من المواطنين تجهل القراءة واستخدام الوسائل الرقمية والانترنت وهناك من لا يملك تليفونا محمول سمارت للاطلاع علي الصحف الرقمية !

علي اي حال فان التحول الرقمي المطلوب برأيي لابد منه ولكنه ليس الان وانما بعد اعادة التأهيل والتدريب الكافي للصحفيين والكتاب ورؤساء التحرير والمخرجين وكذلك امكانيات المواطنين ومستوي ثقافتهم الرقمية والالكترونيه والامر الاخر هو ليس فقط اطلاق صحف رقمية باردة ومجمدة تخلو من التفاعل وابراز الرأي والرأي الاخر والالتزام بالمصداقية والقدرة علي ملاحقة الاحداث علي النحو الذي قامت به منذ سنوات اغلب الصحف المصرية ، بحيث تستطيع جذب القاريء الي متابعة الصحافة القومية بشكل كبير ويومي ومن ثم تكون هذه الصحف قادرة علي منافسة غيرها من المنصات الالكترونية العربية والدولية ومن ثم القدرة علي جذب الاعلانات ووقف نزيف الخسائر واهدار المال في طبع العدد الكبير من الصحف القومية والتي لا يقرأها معظم المواطنين !

الامر يحتاج الي طرق اخري لعلاج ازمة الصحافة الورقية ووقف نزيف الخسائر المستمرة في للمؤسسات القومية من خلال تطوير المضمون واثارة الموضوعات الجادة التي تتعلق بحياة المواطنين اليومية بصدق وشفافية وعرض الرأي والرأي الاخر واعادة المعارك الصحفية والفكرية بشكل منضبط الحياة الصحفية حتي تخرج الصحافة القومية من أزمتها المتوقعة والتي تستنزف المال العام !

الامر ليس يسيرا كما يتصور البعض من اعضاء الهيئة الوطنية للصحافة !