الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

حكم الدفن ليلا.. الإفتاء تحدد أوقاتا يكره فيها دفن الميت

حكم الدفن ليلا
حكم الدفن ليلا

حكم الدفن ليلا .. يتساءل الكثيرون عن هل يجوز الدفن ليلا ، وينشر في البلاد الإسلامية الدفن ليلا ، و الدفن في الليل لا بأس به إذا توفرت الأمور المشروعة، إذا تمكن أهله من غسله وتكفينه والصلاة عليه، فلا بأس، وأما ما جاء من النهي عن الدفن ليلاً فهذا محمول عند أهل العلم على ما إذا كان الدفن في الليل يفضي إلى عدم أداء الواجب في حق الميت.

 

هل يجوز دفن الميت ليلاً

قالت دار الإفتاء، إنه يجوز الدفن ليلًا بإجماع أهل العلم؛ مستدلة بقول الشيخ الحطاب المالكي في "مواهب الجليل في شرح مختصر خليل" (2/ 221، ط. دار الفكر): [الدفن ليلًا جائز؛ نقله في "النوادر"، وقول النووي: في دفن فاطمة ليلًا جواز الدفن بالليل، وهو مجمعٌ عليه، لكن النهار أفضل إذا لم يكن هناك عذر.

وأضافت الإفتاء في إجابتها عن سؤال: «ما حكم الدفن ليلًا؟»، أن الدفن ليلا كرهه بعض العلماء مع الإباحة؛ لما أخرجه مسلم في "صحيحه" عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمًا، فَذَكَرَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ طَائِلٍ، وَقُبِرَ لَيْلًا، فَزَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يُضْطَرَّ إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَليحسن كَفَنَهُ».

ونقلت قول الإمام النووي في إباحة الدفن ليلًا حيث قال في "شرحه على مسلم" (7/ 11، ط. دار إحياء التراث العربي): [قال جماهير العلماء من السلف والخلف: لا يكره؛ واستدلوا بأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه وجماعة من السلف دُفِنوا ليلًا من غير إنكار، وبحديث المرأة السوداء، والرجل الذي كان يقم المسجد فتوفي بالليل فدفنوه ليلًا، وسألهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عنه، فقالوا: توفي ليلًا فدفنَّاه في الليل، فقال: «أَلَا آذَنْتُمُونِي؟» قالوا: كانت ظلمةً، ولم ينكِر عليهم. وأجابوا عن هذا الحديث: أن النهي كان لترك الصلاة، ولم ينه عن مجرد الدفن بالليل؛ وإنما نهى لترك الصلاة، أو لقلة المصلين، أو عن إساءة الكفن، أو عن المجموع كما سبق].

 

أوقات الدفن المنهي عنها

أكدت دار الإفتاء أن صلاة الجنازة ودفن الميت قبل المغرب جائز شرعًا، مشددة على أن يكره تعمد تأخير الدفن إلى هذا الوقت، منوهة بأن عقبة بن عامر الجهنى رضى الله عنه قال: "ثَلَاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّى فِيهِنَّ، أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ -أى تميل- الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ" رواه مسلم.

وعرضت قول الإمام النووى قال فى "شرح صحيح مسلم: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا"، وقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الْمُرَادَ بِالْقَبْرِ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ، وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ لَا تُكْرَهُ فِى هَذَا الْوَقْتِ بِالْإِجْمَاعِ، فَلَا يَجُوزُ تَفْسِيرُ الْحَدِيثِ بِمَا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ، بَلِ الصَّوَابُ أَنَّ مَعْنَاهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الدَّفْنِ إِلَى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ، ويُكْرَهُ تَعَمُّدُ تَأْخِيرِ الْعَصْرِ إِلَى اصْفِرَارِ الشَّمْسِ بِلَا عُذْرٍ، وَهِيَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِينَ، فَأَمَّا إِذَا وَقَعَ الدَّفْنُ فِى هَذِهِ الْأَوْقَاتِ بِلَا تَعَمُّدٍ، فَلَا يُكْرَهُ".​

 

حكم دفن الميت بين الظهر والعصر

أفادت دار الإفتاء المصرية، بأن دفن الميت بين الظهر والعصر جائز، وليس هذا الوقت من الأوقات التي يُنهى فيها عن الصلاة أو الدفن".

 

واستدلت بما روي عن عقبة رضي الله عنه قال: «ثَلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُـولُ اللهِ يَنْهَانَا أَنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ أَوْ أَنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ».

 

وأوضحت أن فالمقصود بقائم الظهيرة: تلك المدة اليسيرة التي تسبق وقت الظهر مباشرة.


طريقة دفن الميت عند ازدحام القبر

طريقة دفن الميت عند ازدحام القبر ، أفادت دار الإفتاء المصرية، بأنه مِن المُقَرَّرِ شرعًا أنَّ دَفنَ الميت فيه تكريمٌ للإنسان؛ لقول الله – تعالى- في مَعرِض الِامتِنان: «أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا»، ( سورة المرسلات: الآيات 25-26).


ونوهت « الإفتاء» فى إجابتها عن سؤال: «هل دفن الموتى فوق بعضهم عند الاذدحام فيه أثم؟»، بأن الإسلامُ حَثَّ على تكريم الميت، وأَجمَعَ المسلمون على أنَّ دَفن الميت ومُوَارَاةَ بَدَنِهِ فرضُ كِفَايَةٍ؛ إذا قام به بَعضٌ مِنهم أو مِن غيرهم سَقَط عن الباقين.


وأوضحت أنه في حال امتلاء القبور يجب الدفن في قبور أخرى؛ لأنه لا يجوز الجمع بين أكثر من ميت في القبر الواحد إلا للضرورة، ويجب الفصل بين الأموات بحاجز حتى ولو كانوا من جنس واحد.

ولفتت إلى أنه إذا حصلت الضرورة فيمكن عمل أدوار داخل القبر الواحد إن أمكن، أو تغطية الميت القديم بقَبْوٍ مِن طوب أو حجارة لا تَمَسّ جسمه ثم يوضع على القَبْو الترابُ ويدفن فوقه الميت الجديد، وذلك كله بشرط التعامل بإكرام واحترام مع الموتى أو ما تبقى منهم؛ لأن حُرمة المسلم ميتًا كحُرمته حيًّا.

 

كيفية دفن الميت 

دفن الميت واجب شرعاً للميت المسلم وللذمي، وللسقط -وهو الجنين الذي يسقط من بطن أمه قبل تمام أشهر الولادة- إذا ظهر فيه مبدأ خلق الآدمي، ويسنّ للسقط إذا لم يظهر فيه مبدأ خلق آدمي.

جاء في [بشرى الكريم 1/ 469]: "ويغسل [السقط] ويكفن ويدفن وجوباً إن بلغ أربعة أشهر أي: مئة وعشرون يوماً، وهي حدّ نفخ الروح غالباً، وتحرم الصلاة عليه؛ إذ الغسل أوسع باباً منها، إذ الذمي يغسل ولا يصلى عليه، فإن لم يبلغ الأربعة الأشهر لم يجب له شيء، وندب لفه بخرقة ودفنه، فإن ظهر خلقه قبل الأربعة على خلاف الغالب وجب له ما عدا الصلاة، ولم يظهر خلقه بعد الأربعة لم يجب له شيء".

 

وأقل قدر واجب للدفن حفرة تستر رائحة الميت وتمنعه من السباع، وأكمله حفرة قدر قامة وبسطة، أي قامة الرجل المعتدل قائماً مع بسط يديه إلى الأعلى، وتقدر بأربعة أذرع ونصف، أي مترين تقريباً بالقياسات الحالية، ويستحبّ أن يوسع قدر ذراع وشبر؛ لما روى الترمذي في [سننه] عن هشام بن عامر رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قتلى أحد: «احْفِرُوا، وَأَوْسِعُوا، وَأَحْسِنُوا»

 

وأما كيفية الدفن: إذا كانت الأرض صلبة استحب أن يكون القبر لحداً، وهو أن يحفر حفرة قدر قامة الميت، ومن ثم يحفر بجانب القبر باتجاه القبلة قدر ما يسع الميت ثم يصف عليه اللبن.

 

وأما إذا كانت الأرض رخوة استحب أن يكون القبر شقاً، وهو أن يحفر شقاً في وسط القبر يوضع فيه الميت ثم ينصب عليه اللبن.

 

والأولى عدم استعمال أي مادة مسّتها النار في مكونات القبر، كالإسمنت والحديد، واستعمال الحجارة والطين ونحوها من المواد.

 

جاء في [مغني المحتاج 3/ 37]: "واللحد... والمراد أن يحفر في أسفل جانب القبر القبلي مائلاً عن الاستواء قدر ما يسع الميت، ويستره أفضل من الشق بفتح المعجمة بخط المصنف، وهو أن يحفر قعر القبر كالنهر أو يبنى جانباه بلبن أو غيره غير ما مسته النار، ويجعل بينهما شق يوضع فيه الميت، ويسقف عليه بلبن أو خشب أو حجارة وهي أولى، ويرفع السقف قليلاً بحيث لا يمس الميت إن صلبت الأرض؛ لقول سعد بن أبي وقاص في مرض موته: «الْحَدُوا لِي لَحْدًا، وَانْصِبُوا عَلَيَّ اللَّبِنَ نَصْبًا، كَمَا صُنِعَ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رواه مسلم".

 

وذهب الحنفية والحنابلة إلى كراهة استعمال ما مسّته النار، إلا أنّ الحنفية قد استثنوا حالة كون الأرض رخوة، أو إذا استعمل فوق الميت لا حوله، فلا كراهة في استعمال ما مسته النار كالآجر ونحوه.

 

جاء في [حاشية ابن عابدين على الدر المختار 2/ 236]: "ويسوى اللبن عليه، أي على اللحد بأن يسد من جهة القبر ويقام اللبن فيه... لا الآجر بمد الهمزة والتشديد أشهر من التخفيف مصباح، وقوله: المطبوخ صفة كاشفة، قال في البدائع: لأنه يستعمل للزينة ولا حاجة للميت إليها؛ ولأنه مما مسته النار، فيكره أن يجعل على الميت تفاؤلاً، كما يكره أن يتبع قبره بنار تفاؤلاً، قوله: لو حوله إلخ، قال في الحلية: وكرهوا الآجر وألواح الخشب، وقال الإمام التمرتاشي: هذا إذا كان حول الميت، فلو فوقه لا يكره، لأنه يكون عصمة من السبع، وقال مشايخ بخارى: لا يكره الآجر في بلدتنا للحاجة إليه لضعف الأراضي".

 

وجاء في [شرح منتهى الإرادات 1/ 373]: "يكره أن يجعل فيه، أي القبر حديد ونحوه، ولو أن الأرض رخوة تفاؤلاً بأنْ لا يصيبه عذاب؛ لأنه آلته".

 

ويكره دفن الميت في تابوت، وإنْ أوصى بذلك فلا تنفذ وصيته، إلا إذا كانت الأرض رخوة أو ندية يخاف انهيار التراب على الميت، أو كان جسد الميت مهترئاً، أو خيف عليه من نبش السباع، فيجوز دفنه بالتابوت بلا كراهة.

جاء في [مغني المحتاج 2/ 53]: "ويكره دفنه في تابوت بالإجماع؛ لأنه بدعة إلا في أرض ندية بسكون الدال وتخفيف التحتية أو رخوة وهي بكسر الراء أفصح من فتحها: ضدّ الشديدة فلا يكره للمصلحة، ولا تنفذ وصيته به إلا في هذه الحالة، ومثل ذلك ما إذا كان في الميت تهرية بحريق أو لذع بحيث لا يضبطه إلا التابوت أو كانت امرأة لا محرم لها كما قاله المتولي؛ لئلا يمسّها الأجانب عند الدفن أو غيره، وألحق في المتوسط بذلك دفنه في أرض مسبعة، بحيث لا يصونه من نبشها إلا التابوت".