الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العمليات البيئية المتعلقة بتنشئة الأجيال


منذ السنوات الأولى للميلاد ونحن نمر بتأثيرات بيئية اجتماعيه ونفسيه تشكل الوجدان والمعرفة والسلوك لدينا، ومن المتعارف عليه فى علم النفس أن الخمس سنوات الأولى فى حياة كل منا لها البصمات الراسخه فى وجداننا وسمات شخصيتنا.
 
فمنذ السنوات الخمس الأولى يقوم الطفل من خلال الحواس و الوجدان بامتصاص المشاعر والأحاسيس وتكوين المعتقدات وتخزينها فى دهاليز النفس لبناء وتأسيس السمات الشخصيه لدى كل منا والتصرف على أساسها بقية سنوات عمره ، حيث يبدأ فى حب شيء  ما وكره شيء أخر والتعامل بشكل سلس مع هذا والتصرف بشكل حاد مع هذا وتنشأ فكرة التعصب والتشدد لفكره أو مكان أو مجموعه على حساب الأخرى ، ويعتقد فى فكر وسلوك جماعه ما على حساب الأخرى.
 
ويشكل كل هذا فى البداية مدى ارتباط الطفل بأمه ومدى الرعايه النفسيه والاجتماعيه التى يتلاقها الطفل من أمه وأبيه فى البدايه ومدى تأثير البيئة المحيطه الاجتماعيه كالطلاق والمشكلات الاجتماعيه والضغوط الوالديه والاكتئاب والسلوك المضاد للمجتمع من الأم أو الوالد وتأثير هذا على توافق الطفل ، وهل مساهمة هذه البيئة نحو انحراف الطفل مباشرة أم غير مباشرة ؟.

ومن خلال عملنا مع الأسر والمشكلات الأسرية وتأكيد بعض الدراسات بشدة على أهمية دور الوالدين فى تنشئة الطفل ، حيث إن الأسر التى تم فيها الطلاق لا يتعرض أبناؤها للمشكلات السلوكيه الا فى حالة تغيير معاملة الأبوين لأطفالهما ، لان استمرار الأطفال فى بيئة أسريه بها صراعات ومشاكل وضغوط شديده قد يؤثر بشكل أكبر على الحاله النفسيه والسلوكيه للأطفال.
 
ونجد أن الاهتمام الأكبر ينصب فى اهمية العلاقه بين سلوك الطفل ورد فعل الشخص الذى يهتم بالعنايه به كما نهتم أيضا بما هو عكس ذلك ، أى رد فعل الطفل نحو امه ، وأرى أن ردود فعل الطفل ومن يهتم به تشكل حجرا أساسيا فى العلاقة التى تظهر بينهما فى مرحلة سنوات ما قبل المدرسة، وهى تعتمد على فكرة أن السلوك هو الى حد ما محكوم بأحداث عشوائية تهدف الى التأثير على الآخر.

قد نعتقد أن البيئة المحيطه لها التأثير الأكبر فى تشكيل سلوك الطفل وبهذا نقلل من تأثير الطفل أيضًا على البيئة المحيطه وتشكيل ردة فعل المحيطين به ، فهناك اطفال مقربون الى النفس وهناك أطفال مزعجون ويسببون لنا بعض الضيق والضجر والعصبيه ، ولكن الطفل لديه قدر محدود من الإمكانيات يغير بها بيئته الاجتماعيه، الصياح ونوبات الهياج والغضب من خصائص معظم الأطفال وهى تشكل مجموعه قوية من العوامل التى يمكنها تغيير سلوك الأباء ، ونرى ضحكات الطفل وطريقته فى الكلام يمكن أن تشكل قدرًا كبيرًا من سلوك معظم الراشدين تجاهه ، وحتى طريقته اللغوية البدائيه فى الكلام قد تعمل كمدعمات تشكيل سلوك الكثير من الكبار نحوه
وللأم النصيب الأكبر لتشكيل الحاله المزاجيه للطفل. فالأم المكتئبة تعرض أطفالها لخطر المشكلات السلوكيه بشكل ملحوظ ، فالاكتئاب لدى الأم يرتبط بوقت أقل ترعى فيه الأم طفلها وملامسته والتحدث اليه وكثيرًا ما تكون عابسة الوجه أمامه ولايبدو عليها السرور أو الراحة ، والطفل بدوره نجد أن نشاطه منخفض جدا وقليلًا ما يتكلم ونظراته شارده وغالبًا ما يعترض وتغلب عليه تعبيرات الوجه السلبيه ونجده أكثر سلبية.
 
ونجد أيضًا أن تأثير الأم المكتئبة يمتد لمرحلة الحمل أى قبل الولادة وتأثيره على الطفل ، فنجد أن اكتئاب الأم خلال فتره الحمل يرتبط بولادة طفل سريع الهياج متصلب فى رأيه من الصعب تهدئته.
 
هذا ويتضح لنا أن البيئة المحيطه سواء الاجتماعيه والنفسيه وعلاقة الطفل بالأم من أهم المثيرات التى تشكل وعى ووجدان الطفل وتحدد سلوكه وبناءه النفسي فى سنوات عمره الاولى واللاحقة.

لذا علينا أن نهتم بإرشاد الأمهات ورعايتهم نفسيًا وصحيا لانعكاس صحة الأم بدنيا ونفسيًا واجتماعيا على رعايتها للاطفال وتشكيل معتقدات ووجدان وسلوكيات الاجيال القادمه وعلينا ان نعى أن منشأ الاضطرابات النفسيه ناتج عن خلل فى البيئة الاجتماعيه والنفسيه التى نشأ عليها الطفل والتدخل والعلاج يتطلب تحسين وتعديل المنظومه البيئيه على اسس سليمة لاعادة البناء النفسي الى حالة اقرب الى السواء النفسي.. وللحديث بقية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط