الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

التنمر إهلاك روح!


جربت أن يسخر منك أحدهم دون أي ذنب اقترفته سوى أن مظهرك، أفكارك، اتجاهاتك أو حتى ناشئتك مختلفة عنه؟!..أليس هذا موجعًا؟!،..فما بالك بشعور طفلة صغيرة لا حول لها ولا قوة تعرضت للضرب والمعايرة على مسمع ومرأى زملائها ومدرسيها في طابور الصباح؟!.. حدث ذلك منذ عدة أيام بإحدى مدارس الإسكندرية حين تشاجرت الطفلة روان بالصف الرابع الابتدائي مع زميلتها ابنة مهندس البترول ، فما كان من والدة الأخيرة إلا وجاءت لفناء المدرسة لإهانة الصغيرة أمام كل من هب ودب ومعايرتها بأبيها البواب! والنتيجة إصابة روان بشلل في العصب السابع.. وقد سبق وشهدت نفس المدينة حالة انتحار بسبب التنمر في العام الماضي حين ألقت طالبة نفسها من الطابق الرابع بأحد المعاهد لسخرية المشرفات من ملامح وجهها وتصرفاتها!
ما أعاد ذاكرتي للوراء وتحديدًا عام 1991 حين كشف الراحل أسامة أنور عكاشة عبر مسلسله الدرامي الشهير "ضمير أبلة حكمت" عن خطورة التنمر وفيه جسدت سيدة الشاشة فاتن حمامة دور ناظرة مدرسة تصدت لابنة رجل أعمال اتهمت زميلتها بالسرقة ظلمًا ما أدى لإصابتها بالخرس الهستيري ، فأصرت أبله حكمت على فصل الطالبة المتنمرة وكان الثمن خسارتها المنصب الذي أفنت فيه عمرها!.. والغريب أن أحداث المسلسل دارت أيضًا بمدينة الإسكندرية!..
فمن الواضح أن ظاهرة التنمر ليست جديدة علينا وإن كان اللفظ مستحدث وذاع انتشاره في العام الماضي، عندما أطلقت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع منظمة اليونيسيف والمجلس القومي للطفولة والأمومة حملة "أنا ضد التنمر" بهدف التصدي لكل أشكال العنف الذي يمارسه طفل أو أكثر ضد أخر سواء باللفظ أو العزل أو إطلاق الشائعات..
وقد أوضحت البيانات التحليلية للحملة تعرض 70% من أطفال المدارس للتنمر..الأمر الذي بات يحتاج لوقفة !.. خاصة أن التنمر لم يعد قاصرًا على المباني التعليمية فحسب بل أمتد إلى مواقع التواصل الاجتماعي أو ما يعرف بالتنمر الالكتروني .. وللأسف يمارسه الكبار قبل الصغار!،.. فيكفي أن تختلف مع أحدهم في الرأي لتفاجئ بسيل منهمر عليك من السباب وصحيفة طويلة عريضة من الادعاءات .. فأما أن تمشي خلف القطيع أو تلتزم الصمت لو صادف واختلفت مع من حولك في الرأي!.. حتى أماكن العمل لم تسلم أيضًا من التنمر الوظيفي ، فهناك عدد لا يستهان به من الموظفين يوميًا يضطر لترك العمل بتقديم الاستقالة أو التحويل لقطاع أخر جراء الاضطهاد والمكائد والشائعات التي تعرضوا إليها من قبل أحد الزملاء أو رؤساء العمل ..
وبعد ، التنمر جريمة قد لا يعاقب عليها القانون لكن الأكيد أنه مرفوض بكافة أشكاله من كل صاحب ضمير حي ، فهو اغتيال مشاعر وتهلكة روح وإصابة قلب بجروح وخدوش تظل محفورة كالوشم على جداره لأخر العمر..
والقضاء عليه يعتمد على تعلم كيفية احترام وقبول الآخر .. فالاختلاف سنة الله في الكون فكيف يريد البعض أن نكون سواسية وإلا تنمر علينا بكل ما أوتي من وسائل موجعة ؟!
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط