ناقد موسيقي: محمد فوزي أول وآخر عربي يقدم أغنية "الأكابيلا"

نحتفل هذه الايام بذكرى الموسيقار المبدع الراحل محمد فوزي سابق عصره وصاحب أجمل الاغنيات والالحان وأخف الافلام الغنائية ظلا، وهناك خطأ شائع يردده عدد من محبي فوزي، ومن بينهم المهندس نبيل فوزى ابن الفنان الكبير، حول السبب في تلحينه لأغنية "طمنى.. كلمنى يا حبيبى"، معتمدا على صوت الكورال فقط وبدون الاستعانة بآلات موسيقية، حيث انتشر تفسير لهذا اللحن العبقري المقصود في ذاته، يقول إن فوزي قدم اللحن بهذا الشكل عقابا للفرقة الموسيقية التي تأخرت عن البروفة، فاستبدلها الموسيقار الراحل بالصوت البشري.
ويرفض الموسيقار والمؤرخ والناقد الموسيقي محمد قابيل هذه الرواية ويقول: الخطأ الشائع أن فوزى كان يستعد لإحياء حفل إذاعى على الهواء فى عصر لم تكن قد عرف فيه فن التسجيلات، وتأخر العازفون فقام فوزى بتحفيظ أعضاء الكورال اللحن وعزفوه بأصواتهم.
وأكد "قابيل" أننا عندما نردد هذه الحادثة، فإنما ننكر على محمد فوزى أحد إنجازاته الفنية وريادة حققها فى مجال تقديم فن أغنية "الأكابيلا" لأول وآخر مرة فى بلادنا.
وقال إن أغنية "طمنى كلمنى" تنتمى إلى لون "أكابيلا" وهو فن استعراض سمعى لا بصرى، وهو لون يستغنى عن المصاحبة الموسيقية بالآلات ويستعين بدلا منها بالصوت البشرى من كل الطبقات من السوبرانو إلى الباص، وهو لون يشكل تحديا لألوان الغناء المألوف، ويحتاج إلى دراسة متعمقة لعلم الأصوات البشرية وطبيعتها ومساحاتها وعلم التأليف الموسيقى.
وظهرت أغانى أكابيلا فى القرن السادس عشر كشكل من أشكال الموسيقى الدينية تكتب للأصوات البشرية وحدها بدون استخدام آلات، وتغنيها المجموعة أما أول من لحنها فكان الإيطالى بيير لويجى بالسترينا (1526 - 1594)والذى قضى حياته فى تأليف الموسيقى الدينية، ثم ظهرت المدرسة الفلمنكية التى وضعت نصب أعينها تهذيب هذا اللون ونقاوته من الحذلقة والإغراق فى استعمال الخطوط الموسيقية الإضافية (الهارمونى) و(الكونتربوينت) واهتمت بالصوت البشرى فقط، فجعلت منه أداة للتعبير الكامل، وأصبحت اكابيلا تعتمد على الهارمونى المدروس لا لمجرد وجود أصوات متوافقة بالصدفة.
وكانت فى إيطاليا مدرستان لغناء أكابيلا مدرسة روما وقد أسسها أحد تلاميذ بالسترينا، ومدرسة أخرى فى مدينة البندقية (فينيسيا) يظهر فيها فخامة الفن الايطالى الذى يتجلى فى هذه المدينة المبهرة.
وأنهى قابيل كلامه بأن أغنية أكابيلا كانت أحد ثلاثة عشرة مجالاً كان محمد فوزى رائدا فيها منها أغنية الأطفال وصناعة الاسطوانات والأداء الحركى الراقص بدرجة مبهرة.