الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العيسى .. ومناجم العطاء والتجديد


قديما قالوا: "ما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا!"، ونَزيد عليها: ما أجمل العلم عندما يُطَوق بالحلم.. ما أجمل الحنكة لما تحتضن الحكمة.. ما أجمل الرحمة حينما ترتبط بالحزم.. ما أجمل البصر إذا تُوج بالبصيرة... ما أجمل القلب عندما يعانق العقل.. ما أجمل الأصالة عندما تزاوج المعاصرة.. ما أجمل الشباب لما يحتضن الشيوخ، وما أجمل المنصب الكبير مع التواضع الكبير.
لقد هيأ الله عز وجل لأمتنا الإسلامية عبر تاريخها المديد وما يزال عددًا من المصلحين المخلصين، نذروا حياتهم للاجتهاد والتجديد وعلاج مشكلات الأمة وأزماتها، والسعي للقضاء على همومِها، وتحقيق الإصلاح (الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والتربوي..) لها، بما يؤهلها للتقدم والازدهار..
وإن المدقق في دنيا الناس يجد أن الأمة زاخرة بمثل هؤلاء الأماجد، الذين يضربون أروع الأمثال في الوفاء لربهم ولدينهم ولأوطانهم وللعالم.. لا هَمّ لهم إلا إحداث السلام بمعناه الشامل.. فأفكارهم رحمة، وأقوالهم رحمة، وسلوكهم عين الرحمة. 
ولقد شرفني الله تعالى بلقاء واحد من هؤلاء الأماجد، وعقل من عقول الأمة الكبيرة، مساء السبت 7 ديسمبر 2019م، بمكتبه بمدينة الرياض لأكثر من ساعتين، بصحبة العالم الجليل فضيلة أ.د/ أسامة العبد الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية... خرجتُ من مكتبه وكلي يقين بأن الأمة بخير، وستظل بخير بإذن الله، وأيقنت من انبهاري بما سمعته من أفكار، وبرامج وطروحات، وطريقة تفكير... أن هذا الرجل النابغة يتفرد بمنهجية جديدة في الفكر والتفكير والتجديد، وأيقنت أنه "منجم أفكار إيمانية وإصلاحية، تتجاوز حدود الزمان والمكان، والوطن والإقليم، إلى العالَم والإنسانية".
¬¬لقد دعا -حفظه الله- إلى عقد مؤتمر علميّ عالميّ لمناقشة مبادرته المعنيّة بإيجاد أساليب جديدة ومبتكرة للتعليم الدينيّ؛ لتحصين عقل المسلم المعاصر والحفاظ على هويته الدينيّة والثقافيّة والحضاريّة ضدّ مظاهر الاضطراب والصِراع الفكريّ، وأن تُركّز على حُسن صياغة عقل الطفل والشاب بما يعزز لديه المناعة الذاتيّة ضدّ أي اختراق سلبيّ. وإصدار تقرير سنويّ لرابطة الجامعات الإسلاميّة عن حالة التعليم الديني في الدول الإسلاميّة بشكل عام بحيث يصف الحالة على العموم ويحللها ويضع الحلول المقترحة لها، إضافة إلى  تنظيم معرض سنويّ للفن الإسلاميّ ومسابقات للشباب من شتى المؤسسات في مختلف أنحاء العالم لتوظيف الفن الإسلاميّ في تعزيز التفاهم والتعاون والسّلام والوئام في العالم أجمع. وإنشاء جائزة عالميّة في مجالات البحث العلميّ والسّلام الحضاريّ والابتكار في مجال تحسين جودة التعليم وتطويره، وإيجاد تصنيف دوليّ للجامعات الإسلاميّة على غرار التصنيفات الدولية للجامعات.. هذه فيض من غيض مما دار في اللقاء.
وهكذا وجدته يُكنُّ كامل الحب الاحترام والتقدير لمصر ولأزهرها الشريف ولإمامه الفاضل الطيب وجهوده العالمية في ترسيخ السلام بين الحضارات.
وجدتُه ينظر إلى بعيد بعين المؤرخ الذي يحمل تجارب الغابرين وخبراتهم. 
وبعين الفقيه الذي يريد تنزيل النصوص على الواقع، وعلى المستجدات؛ ليحقق مقاصد الشرع الحنيف، ومصالح العباد والبلاد، ويبرهن عمليًّا على عالمية الإسلام، وخاتمية الرسالة، وصلاحيتها لكل زمان ومكان، وأيضًا يُحدِث التصالحَ بين الإنسان والكون. 
وبعين الأديب وهو يريد أن يربط شباب الأمة بثوابتهم وهُويتهم في خِضَمِّ عالَم مليء بالتحديات والأمواج المتلاطمة والاختراقات الثقافية. 
وبعين الفيلسوف وهو يريد فهمًا وفقهًا عميقًا وتشخيصًا دقيقًا لما يدور في الكون والحياة من تفاعلات معقدة، وتحالفات، وتغيرات، ومتغيرات، ومستجدات، ومصالح وأجندات، وصراعات وعداوات...إلخ؛ من أجل وضع حلول جذرية لها.
وبعين المفكر الذي يضع على رأس أولوياته التأسيس لفكرٍ إنسانيٍّ جديدٍ؛ يُعلي من قيمة الإنسان ومن إنسانيته، مهما كان دينه أو لونه أو عرقه أو لغته، وفقهٍ جديدٍ للعلاقات الدولية والإنسانية، يستهدف زرع أشجار الرحمة، وغرس نباتات المحبة، ونثر حبوب لقاح التقارب والتعاون، وبذر بذور السلام والوئام في القلوب تارة، وفي العقول تارة، وفي أرجاء العالم تارة وتارة.
رأيته -من فضل الله عليه- قادرًا على بعث الأمل والعمل في هوامد النفوس والعقول والقلوب..
وعندما تسلط ناظريك إليه تجد في وجهه وفي سمته الأصالة، والوضوح، والهدوء، والنبوغ.. وتجد في وجهه نضارة الشباب وحكمة الشيوخ.. وعندما تستمع إليه تجد نفسك إزاء عالم رباني يمتاز بنفحة روحية جليلة.. إذا تكلم أسكت، وإذا ناقش أقنع، وإذا استمع أنصت بكل جوارحه لمن يتحدث -كبيرا أو صغيرا-.. 
يسير في دنيا الناس بنَفَسٍ هادٍ، وبال طويل، وخطوات راسخة، يملؤها التواضع والحياء، ويبعث لكل العاملين معه والمحيطين به برسائل الرحمة والقدوة.. لم تغيره المناصب ولا الكراسي، ونحسب أنها لن تغيره بإذن الله؛ لأنه يحمل قلبًا كبيرًا رحيمًا، ويحمل وجهًا بشوشًا، وابتسامة حانية لا تفارق وجهه، ويحمل نفسًا زكيةً ذكيةً سخيةً عطَّاءةً معطاءةً، وشخصيةً واضحةً -تعانق التسامح والوضوح وتخاصم الغموض- منفتحة على أي شخص بسرعة الضوء والبرق. 
والناظر المتأمل في سيرته ومسيرته، يجد أن الله سبحانه وتعالى قد اختصه بنبوغ ونبوغ، ونقله من قمة إلى قمة، وهو رجل الحق والعدل، ليتربع على أكبر رابطتين في العالم الإسلامي: رابطة العالم الإسلامي، ورابطة الجامعات الإسلامية..
هكذا رأيته بعين قلبي، وقلب عيني، والله عز وجل حسيبه وحسيبنا جميعًا.
وتظل تحركاته الفعلية وخطواته الاستباقية في خدمة الوطن والدين والعالم مصدر إلهام للمخلصين في كل مكان..
 وفَّق الله الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي ورئيس رابطة الجامعات الإسلامية معالي الشيخ الدكتور/ محمد بن الكريم العيسى لما تحبه وترضاه.
اللهم إنا نسألك يا ربنا أن تكتب له ولنا جميعًا الصلاح والإصلاح، وتُصلح به، وتُصلح له، وتُصلح مَن حوله، وأن توفقه لما تحبه وترضاه، وتحقق له ولنا كلَّ ما نتمناه.. وبالله تعالى التوفيق
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط