الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المناعة النفسية وفيروس كورونا


ما أبشع الشعور بمجهولية المصير، ما أفظع لحظات الترقب والقلق بشأن عدو مجهول خفى لا نراه، نترقب كل لحظه من أى اتجاه سوف يتسلل إلينا هذا الهو الخفى، تقطعت العلاقات والتواصل بين البشر ، أصبحت شبكات التواصل الإجتماعى أمر واقع يربطنا حاليًا بعضنا ببعض ، لأول مره فى التاريخ يربط العالم أجمع مصير واحد وترقب وأحد.

أصبحت جميع الأنظار تتجه نحو أبواب معامل العلماء ، ننتظر أهم أختراع حقيقى ينجو بالبشرية ، نترقب سويًا نبأ أختراع الدواء الشافى للخلاص من براثن المرض الفتاك كورونا ، ذاك الفيرس الضعيف الذى حصد الآلاف من البشر ومازال يعمل بجد ونشاط وينتقل من بلد لآخر ومن قاره لأخرى ، يسير بسرعة البرق يدخل كل الدول والبلدان بدون تأشيره فهو عابر للقارات.

ونجد البشر فى تلك اللحظات الحاسمة فى بقاء الجنس البشرى ، تختلف ردود أفعالهم ويتوقف رد فعل كل منا على مجموعه من المقومات تظهر فى وقت الشده والوحدة وخطورة الأزمة ،فهناك من تتحكم فى ردود أفعاله الذخيره المعرفيه والعلمية فنجد هؤلاء الأشخاص شاغلهم الشاغل المعلومات وقراءة الأحداث على المستوى العالمى والمحلى ومتابعة أخر الأخبار ومستجدات الأبحاث ومعامل العلماء بشكل علمى بحت ورغم ذلك نجد الغالبيه منهم أكثر حيره وتخبط فى المعلومات والحقائق لتشابك الحقائق وتناثرها.
ونجد بعض الأشخاص ممن يتسمون بالقلق الذى يصل لحد الرهاب والخوف الشديد فنجدهم مكتوفى الأيدى يترقبون الدقائق والساعات يلتقطون الأنفاس بصعوبه أنظارهم حاده قلقه يشعرون بعدم الراحه والأمان طوال الوقت نومهم متقطع الكوابيس تلازمهم ، يضخمون من المعلومات لتصل للتهويل بشكل مبالغ فيه لحد الهلع ، وهم فى حيره من أمرهم 
أيضًا بعض الشخصيات نجدها فى حاله من التعقيم المستمر يدخلون الشرنقه الزجاجيه كى لايصيبهم الفيرس وهم من النمط الوسواسي  الذى يصل الى درجة مرضيه فهو ينشط فى ظل هذه الظروف الخصبه لنمو تلك الأفكار الوسواسيه المتعلقه بالنظافه والأفراط فيها ، فالجو العام أرضية خصبة لنمو وساوس النظافه والخوف من العدوى هؤلاء لديهم ما يعرف بالقلق العظيم يعذبون انفسهم والمحيطين بهم ، يهولون ويضخمون من حجم الموقف بشكل يجعلهم مشلولى الحركه والتفكير وسرعان ما يقعوا ضحايا لخوفهم وقلقهم .

كما أن هناك بعض الأشخاص الذين يدخلون فى حاله من الإكتئاب والسوداوية والنظره التشاؤميه وينظرون للنهايات على أنها شيء حتمى وموعده قد حان يعتزلون الواقع ويودعوا الحياه وينعزلوا عن المحيطين بهم أستعدادا للموت فهم فى حالة حداد متواصل دون فهم ودون أعمال للعقل.
 
والبعض من الأشخاص يرجعون الأمر كله لنظره دينيه قاصره ، على ان مجريات الأمور كلها ترجع لغضب من الله عز وجل على جميع البلاد والعباد دون تفرقه ، وأن نهاية العالم قد حلت وهذا عقاب من الله سبحانه وتعالى للبشريه جمعاء ، وهؤلاء يدخلون فى مشاعر ذنب وأثم عاليه دون التفكير فى الحكمه الفعليه من وراء الأزمه التى حلت بالعالم أجمع 
وهناك غالبيه من البشر مما يطلق عليهم السهل الممتنع ، وهم غالبيه البسطاء من الشعوب ، ممن لديه قدر بسيط من المعرفه أو قد تكون منعدمه ويعيش يومه بيومه لا يحسب لشئ ولا يقدر عواقب الأمور ، شاغله الشاغل لقمة العيش والبحث عنها ، هؤلاء فى الغالب يتمتعون براحة البال فى الغالب ولكن هذا لايمنع ان أكثرهم عرضه للأصابه نتيجة لعدم المعرفه الجيده بطبيعة الأزمه ولكن مع كل هذا هم محصنون بعدم ملاحقة الإخبار السيئة طوال الوقت والتشاؤم الواقعى المتلاحق عبر وسائل التواصل المختلفه 
كما أن هناك الساخر من الموقف برمته المستهين بالأزمه المستهتر بطبعه وهذا لايقدر ذاته ولا الأخرين فهو غير مكترث بنفسه ولا بمن حوله يشعر بالامبالاه طوال الوقت لايهتم بما يقال ولا لديه حتى الفضول لمعرفة الأحداث ، ننظر اليه فى ظل الأزمه بحسد ولكن هو بداخله بأس محبط 
ورغم تفاوت  وتباين أنماط الشخصيات البشريه ومنها ما ذكرت وبعضها لم أذكره بعد ، نجد أن فى ظل الوضع الراهن الذى نشترك فيه جميعا كبنى البشر ، أعتقد من واقع خبرتى النفسيه أننا على أختلاف الواننا وأنماطنا الشخصية  نحتاج لتقوية جهاز المناعه النفسيه لدينا ، نحتاج لاساليب الالهاء السلوكيه والمعرفيه والوجدانيه فى تلك اللحظه ، نحتاج للضحك ومشاهده ما يساعدنا على الضحك ، نحتاج للتفكير الإيجابي والبعد عن التشاؤم والسلبيه ، نحتاج لبذل مجهود جسدى داخل منازلنا ونتحرك كثيرًا ، نحتاج لقراءة كتب ممتعه ، ممارسة هوايات مسليه ، مشاهدة افلام تعليميه وبرامج ترفيهيه ، تعلم أشياء جديده ، القيام بأعمال مشتركه مع الاسره ، استغلال الوقت فى تحديد أهداف واقعيه فى الفتره المقبله لتطوير الشخصيه وبنائها ، تناول وجبات غذائيه مفيده وصحيه تقوى جهاز المناعه لدينا ، تقوية الجهاز الروحى لدينا من خلال الصلاه والإستغفار والدعاء للشعور بالسكينه والهدوء النفسي ، كما أنصح بممارسة الإسترخاء البدنى والذهنى وممارسه التنفس المنتظم والتأمل الروحانى فهذا يقوى المناعه النفسيه بشكل مفيد فى تلك الاوقات الهامه من حياتنا ، أبتعدوا عن الأخبار السلبيه المتلاحقه ، أبتعدوا عن الكسل والخمول ، تحلوا بروح التفاؤل والمرح مع الحيطه والحظر بدون مبالغه ، وللحديث بقية..

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط