الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عشرة على عشرة!


يستمد أى برنامج قوته ونضجه من ثقافة ووعى الإعلامى الذى يخاطب المتلقى ويعقد معه علاقة حميمة أساسها الثقة فى عمق المضمون وأناقة الأداء .. وأتاحت أزمة كورونا مساحة وفيرة من الوقت لمتابعة أحدث تجارب الإعلامى البارع جورج قرداحي بعد أن اتجه بسباق المعلومات إلى الجيل الجديد من طلابنا فى المدارس الحكومية بالمحافظات وقرر أن ينتقى منهم النوعية المتميزة من خلال قاعدة "حافظ .. ولاَّ فاهم؟" .. وعن طريق الأسئلة الإبداعية التى تقيس المهارات والقدرة على الابتكار والفهم دارت الحلقة فى فلك المعرفة واستنفار ملكات الشباب لإبراز استعدادهم الثقافى والفنى وبما يثرى العملية التعليمية أيضا!.

وكانت بداية التعارف بيننا وبين قرداحى فى برنامجه الرائد "من سيربح المليون؟"، وما أنعمت به حلقاته من ذخيرة ضخمة من المعلومات النادرة وفى كافة المجالات والفروع .. وكثيرا ما كانت المعلومة مطعمة بحضور وذكاء "قرداحى" فى نقلها وتغذيتها بتفاصيل إضافية لتظل عالقة بالذهن وتعجز الذاكرة عن نسيانها .. واستثمر الإعلامى الكبير شعبية البرنامج وشغف الجمهور العربى من المحيط إلى الخليج بفقراته ليزرع الشق الإنسانى فى هذا الشريان الثقافى العذب، وخصص جزءا من الجائزة مع الضيوف من نجوم الفن والرياضة والإعلام للمشروعات الخيرية أو المؤسسات الأهلية دعما للمحرومين ماديا وصحيا واجتماعيا .. وارتفعت أسهم البرنامج فى بورصة مشاهير الإعلام والفضائيات، وتلقائيا تضاعفت الأصوات التى تحمل الاحترام والتقدير والفخر بنموذج "قرداحى"!.

ولم يكتفِ الإعلامى "المختلف" بدور "صفارة" الحكم فى المسابقات المتنوعة، وإنما ارتدى ثوب "حمامة السلام" ورسول الخير والتسامح بين الأخ وشقيقه .. أو الأم وابنها الجاحد .. أو الزوج الخائن وشريكة حياته المصدومة .. أو الصديقين الذيْن فرقتهما مشاعر الغدر والضعف البشرى .. أو أى علاقة إنسانية شوهتها لحظات الخلل النفسى والعطب الاجتماعى .. فكان برنامج "المسامح كريم" نقطة مضيئة أخرى فى نفق الإعلام المصاب بـ "كورونا" السطحية والتغييب وفقر الخيال .. ولكل حلقة حالتها الشجية وملامحها الإنسانية الخاصة، وبتعليقات وأسلوب "قرداحى" تتعمق الحالة وتكمن الرسالة وتخرج القيمة ويفرض المبدأ نفسه فى قوة وثبات عبر "أخلاقيات" المهنة و"شفافية" العرض الراقى!.

  - من هذه السلالة النقية يتولد الإعلام الشريف فى موضوعاته وأهدافه واتجاهاته .. وترك "قرداحى" لنا صورة مثالية لمن يرغب ويصدق فى توظيف "ميكروفون" المذيع لبناء عقل ووجدان الإنسان، فتكون درجته من جمهوره بمختلف طبقاته "عشرة على عشرة" .. وأمامنا بالفعل من يرفض الانسياق الرخيص وراء المنتج الفاسد أو يبيع ضميره ومبادئه لمن يعرض شراءهما فى سوق الإغراء المادى والشهرة الزائفة .. ولا أخفى أبدا سعادتى بـ"عصا" قرداحى الساحرة التى لاتتورع عن أن تبتلع كل "أفاعى" الإعلام السام، وتبث رياحها الطيبة وبذورها النظيفة فى أرض "التنوير والتطوير" .. وإذا كانت الساحة مليئة وزاخرة بمن يمتلكون هذه العصا ويحرصون على عدم التفريط فيها، فما السبيل لانتشارهم وإفساح الطريق أمامهم؟! .. لا أنكر أننى أحلم بكرسى "وزرارة الإعلام" أحيانا للفوز بفرصة الإجابة عن هذا السؤال!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط