الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

كورونا قشة التغيير الحالية


مازالنا فى حيره من أمرنا ، الكل يترقب وينظر الى ذاك المصير المجهول على المدى البعيد أو القريب ، لاول مره فى تاريخ العالم سواء العالم المتقدم أو العالم النامى الكل أصبح مصيره مجهولا حاله نفسيه عامة تسود كوكبنا ، ننتظر لحظة الأنتصار على هذا الفيروس اللعين ، الفيروس الذى غير مجرى أمور حياتنا وقلب القواعد والنظم الراسخه سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى الدول بل على مستوى العالم أجمع.


عندما ننظر الى وجوه البشر فى الشوارع نجد ملامحها يكسوها الوجوم ونظرة الحيره والترقب تاره والغضب والعصبيه تاره أخرى ، الإنسان بطبعة لايستطيع تحمل المجهول لفترات طويله كما أن الانسان مخلوق إجتماعى بطبعه يسعى دائما للتلاحم مع بنى جنسه يستأنس بالغير ، يستمد قوته من الجماعه والمكانه ولعب الدور والإنتماء للاسره وروح الجماعه.


فرض علينا فيروس كورونا أن ننعزل كل فى جزيره منفصله عن الآخر ، لا نتصافح لا نشارك بعضنا البعض فى الإجتماعات العائلية والمناسبات والأعياد حتى تطرق الأمر وأصبحنا لانشارك بعضنا البعض فى المآسي والأحزان لكى نؤازر بعضنا البعض ونخفف من صدمة الفقد ووحشه الغياب ، حتى التجمع لحظة الخشوع وروح الجماعه فى المساجد والكنائس أصبحنا محرومين منها ، أصبح محرما علينا أن نلتقى ونستأنس ببعضنا البعض 


فى بداية الأمر وكحيلة نفسيه اتبع كل منا قناعه ذاتية تخفف من حدة الصدمه وهول الموقف بأن الفيروس بعيد عنه وعن أسرته بل عن بلده بالكامل وكأنه محصن ضدده هو وعشيرته ، وظللنا فى حاله من النكران والرفض للأمر الواقع ، ومع استمرار الوضع بل وتزايد الحالات وبعد أن كنا نسمع من بعيد عن المصابين أصبح هذا الخطر اللعين يقترب ويقترب حتى بدأنا نسمع عن أناس نعرفهم بل والبعض منهم لنا معهم ذكريات أو مواقف أو على الأقل تقابلنا معهم بشكل ما.


أصبحنا فى حيره وعجز من أمر هذا الفيروس هل نزيد من الإجراءات الإحترازيه أم نقلل منها أم أصبح العبء النفسي فائقا عن الحد مما جعل البعض يترك الموضوع برمته دون أى احتياطات إحترازيه واجبه ، وهناك من يعانى من هشاشه كبيره فى بنائه النفسي أصبح الأمر لديه حياه أو موت فأصبح فى حاله سباق مع الزمن من أجل البقاء بشكل مفرط لحد الهلع والخوف المرضى.

 

الكل مشغول بمتى يتم القضاء على الفيروس وعودة الحياه الى طبيعتها من جديد ، ولكن هل الحياه سوف تعود الى طبيعتها بنفس الوتيره السابقه ؟  هل هذه الأزمه سوف تتركنا بدون تغييرات على المستوى النفسي والإجتماعى والإقتصادى والثقافى ؟ هل نحن حاليا ونحن فى قلب الحدث لانشعر أننا نتغير عن ذى قبل ؟ هل نشعر أن هناك عمليات نفسيه متلاحقة تتم بداخلنا دون أن يلاحظها البعض منا ؟ هل أصبح هناك تغيير على مستوى العلاقات الإجتماعيه لدينا ؟ هل منظورنا لمصادر الأمن والأمان وقلق المستقبل تغير لدينا ؟ 


كلها أسئلة مشروعه تحتاج مننا استعدادا نفسيا لمرحلة تغيير جديده فى عمر البشريه ، مرحلة أرى أنها لها ما لها وعليها ما عليها ، مرحلة قادمه لا محاله ، نحتاج أن نؤهل أنفسنا لها.

 

التغيير يحدث من عام لعام سواء فى خبرات الإنسان وتطوره تغيير قد لانلاحظه فى كثير من الأحيان ونقول لفلان قد تغيرت سواء بالإيجاب أو بالسلب فالبعض يصبح أكثر نضجا والبعض الآخر يصبح أكثر انفتاحا على العالم من حوله وهناك من يتطور فى بنائه الشخصى ويطور من قدراته سواء بقصد أو بحكم تجارب وخبرات المواقف والسنين والأحداث.


نحن اليوم أصبحنا نتواصل عبر وسائل التواصل الإجتماعى أصبح الواتساب جزءا لا يتجزأ من أسلوب حياتنا نعبر من خلاله للآخر عن مشاعرنا وما يجول بعقولنا فى التو واللحظه ،أصبح من السهل علينا التلون والتلاعب بالألفاظ والعبارات وتزييف الحقائق وبث الشائعات ، أصبحت شبكات الإنترنت الصديق الصدوق للملايين من البشر تؤنس وحدتهم ، أصبحت الأسره فى جزر منعزله كل فرد له شبكه من العلاقات على شبكة الانترنت له جماعته الخاصه التى يقوم باختيارها بمحض ارادته ، أصبحت لغة الكتابه الوسيله التى تربطنا بعضنا ببعض عبر الغرف والمبانى بل عبر القارات.

 

نستطيع أن نتحكم فى أعمالنا من خلال شبكات الإنترنت ، فرضت علينا الأزمه الراهنه أن نختبئ داخل جدران غرفنا أكثر فأكثر ، تدهورت العلاقات الإجتماعيه أكثر فأكثر ، أصبحت التهنئه فى المناسبات والأعياد عبر الواتساب والماسنجر وغيرها من وسائل التواصل الإجتماعى حتى لا نسمع أصوات بعضنا البعض ، أصبحنا نتواصل مع بعضنا البعض ونحن مشغولون سواء بلعبه أو بالبحث عن معلومه او بإعداد شيء آخر ونتحدث بعجاله لإنهاء التواصل حتى نختلى مع أنفسنا ونتخلص من عبء التواصل بين بعضنا البعض ، أصبح كل شيء عن بعد التعليم عن بعد الإجتماعات عن بعد ، المناسبات والواجبات الإجتماعيه عن بعد ، التعارف وإقامة العلاقات الإجتماعيه عن بعد، العمل عن بعد ، حتى الحب عن بعد.

 

سوف نبرر كل هذا التباعد والإنعزاليه بحجة التقدم وإستخدام التكنولوجيا الحديثة والتطور والتفرد والإنشغاليه ، وبحجة القضاء على الإزدحام وتوفير أماكن بالمواصلات وتوفير أماكن بالعمل والقضاء على التلوث وتوفير للوقت وإنجاز المهام فى وقت أسرع ، وسوف ينعكس كل هذا على شكل علاقتنا بعضنا ببعض وعلى إنتمائنا وروح العمل الجماعى ونغلب الفرديه على الجماعه ويصبح الفرد خيرا من الجماعه ، وينعكس كل هذا بشكل ما على غلبة المادة على أمور حياتنا ونثمن الأمور بمبدأ مادى بحت ، حتى نذوب فى عالم تحكمه المادة والأنانيه بل والأناماليه  ..

وللحديث بقية ...  


المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط