الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

عايزين نخرج!


لأول مرة فى التاريخ نشهد مظاهرة عالمية جماعية لا يختلف عليها أحد والتف حولها الصغير والكبير.. والغنى والفقير.. والوزير والغفير.. والحاكم والمحكوم.. مظاهرة شعارها واحد مرفوعا فوق كل عنق.. "عايزين نخرج".. وعلى مدار البشرية تنوعت الاحتجاجات والمسيرات ما بين مطالب فئوية وأهداف ثورية وأغراض سياسية وشعبية وتشكلت أى مظاهرة وفقا لاتجاهات أو تيارات معينة.. ولكننا اليوم نعيش ظرفا فريدا عندما نرى مظاهرة افتراضية من خلف الجدران، وكل يشارك فيها من داخل بيته، متحدين - شعوبا وقبائل عبر المحيطات -  على مطلب وحيد مشروع وغير قابل للنقاش أو التهوين من قيمته وشرعيته!.

لقد أجبرنا كائن ضئيل على الالتزام بمنازلنا شهورا وفرض قيودا على أسلوب الحياة ونمط المعيشة.. والآن الكل يفكر فى كيفية التمرد والخروج من البيت إلى الروتين اليومى وممارسة أدوارنا ومسئولياتنا.. وهذا حق طبيعى ولابد من الحصول عليه.. وكلنا يناشد لحظة الإفراج والتحرر من "السجن الحرير".. وفى توقيت محدد ستقع الاستجابة وتُفتح الأبواب المغلقة ليتدفق الملايين إلى الشوارع والميادين وحدائق التنزه ومنتديات الترفيه والتسوق.. هل هذا ما نريده بالفعل بعد سيل التحذيرات وأرقام الموتى والمصابين المرعبة؟!.. وهل رغبتنا فى العودة إلى ما كان معتادا تساوى لحظة فقدان عزيز أو غالٍ أو التضحية بحياتك أنت شخصيا لمجرد شعورك بالملل والاختناق من منزلك، فتخرج منه لكيلا تعود إليه ثانية؟!

هيا بنا نخرج ونهزم المجهول ولنتبع شروط "الحرية الجديدة".. فما فعله بنا القدر ببصمات "كورونا" يدفعنا إلى إعادة صياغة حياتنا وتصويب ثقافتنا، والخروج الوشيك يقتضى وعيا سياسيا واجتماعيا بينهما تكامل وانسجام.. واجتياز المحنة لايتوقف فحسب على الإجراءات الأمنية أو قرارات النظام السياسى، وإنما الأهم هو إدراك المتغيرات والتعامل مع مستجدات الحالة العامة.. وإذا ما قررنا مغادرة المنزل إلى العالم الخارجى، فلزاما على كل فرد أن يحرص على سلوكيات النظافة والطهارة واحترام النظام وتعليمات أهل الطب والعلم والمسئولية.. وأن يستمر الحظر فلسفةً ومبدأً يؤمن به كل شخص ويمتنع ذاتيا عن أشياء وتصرفات تجلب المرض وتنشر الخطر، ولتكن التجربة فرصة لإعادة ترتيب مواعيد إغلاق الأماكن والمقاهى وأندية السمر والسهر وترشيد التجمعات وضبط إيقاع الحياة اليومية بما يحمى المواطنين ويحقق المصلحة ولايعوق استراتيجية الدولة لاحتواء الخسائر الناجمة عن الكارثة الأخيرة!.

تعالوا نخرج جميعا.. إلى مقرات العمل والإنتاج بأساليب وقائية متطورة وجدول زمنى محدد بالتناوب بين الموظفين والعاملين فى فترات صباحية ومسائية تضمن سلاسة الحياة وسلامة الأفراد.. يذهب أبناؤنا إلى مدارسهم ومعسكرات تدريباتهم وأنشطتهم وفقا لإجراءات احترازية متقنة ومدروسة وتخضع لخطة منهجية نحافظ بها على صحتهم ونصون مهاراتهم.. تنتظم الحركة داخل مسارحنا ودور العرض السينمائى ويتولى تعقيم القاعات وتنظيفها عمال شرفاء من فصيلة الضمير اليقظ والحى ويتقاضون نظير مهمتهم النبيلة الأجر المستحق تقديرا لأهميتهم وعظمة مهنتهم!.

مرحبا بالخروج لنتبادل الزيارات الاجتماعية ونتواصل مع الأصدقاء وذوى الرحم مجددا مع اتباع قواعد التفاعل الصحى وغرس الأفعال المتحضرة فى تربة الأطفال الخصبة ليتجنبوا ما تورطت فيه أجيال الآباء والأجداد وماكان ظرف "كورونا" إلا جرس إنذار شديد اللهجة والضجة للانتباه والتعلم.. وهيا بنا أيضا لنعقد الزفاف ونقيم المناسبات والاحتفالات العائلية بتوازن وتعقل ودون إفراط فى المشاعر أو التعبير، ونؤازر الأعزاء فى المصائب والأوقات العصيبة بلغة راقية ونبرات هادئة بعيدا عن الاختلاط المتطرف ووسيلة العناق والقبلات الزائفة!.

- من حقك تماما أن تخرج وتذهب حيثما شئت وتفعل ما يحلو لك.. وأمامك تفاصيل كثيرة تحتاج إلى مراعاة وقراءة مختلفة يجيدها عقل لبيب ومسئول وقلب خاشع يتمنى الخير لنفسه ولمن حوله.. وإذا خرجتَ يوما ما، اعلم أن العالم ما قبل الحظر شئ، وما بعده شئ آخر.. وعالم آخر.. وسلاح "التغيير" فرض عين وضرورة حتمية ضمانا للخروج الآمن.. ومن لايتغير، لايفهم الدرس ويرسب فى الامتحان.. وليخرج.. ولكنه لن يعود!!.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط