الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

القنوات الفضائية بين تشتت الذهن وضياع الوقت


رمضان شهر له خصوصية خاصة لدى المصريين وثائر شعوب العالم الإسلامي، أتذكر عندما كنا أطفال كان هناك استعداد حافل لاستقبال الشهر المعظم ، شهر العبادة وشهر العمل ، كنا نستعد كأطفال مع شباب الحى من خلال جمع مبالغ من المال من أهالى الحى لكى نقوم بشراء زينة رمضان وعمل فانوس رمضان وكان هناك شبه تنافس بين الشوارع المجاوره للشارع الذى نقطن به على ايهما بارع فى تصميم الفانوس والزينة والإنارة التى تزين الشارع طوال أيام الشهر المبارك ، كانت تقام المباريات الكرويه والألعاب والمسابقات طوال أيام الشهر 

وقبل الفطار ببضع ساعات يجتمع الأطفال لمتابعة البرامج الهادفة على قنوات التليفزيون منها على ما اتذكر حلقات عمو فؤاد وكانت تقدم فى شكل حلقات الهدف منها التعرف على موقع من مواقع مصر وعلى الإطفال القيام بمعرفة هذا المكان الأثرى أو دولة من الدول وإرسال الإجابة للفوز فى المسابقة ، كانت هناك حلقات دينيه رائعه منها محمد رسول الله ، وقبل موعد الإفطار حديث الشيخ محمد متولى الشعراوى 

وأثناء تناول وجبة الإفطار لابد من الإستماع الى مسلسلات الإذاعة المصرية وكل عام مسلسل ذو طابع خاص ، ينصت المستمع لفن الإلقاء المتميز لكبار الفنانين ويطرق العنان للتخيل والاستمتاع بالأصوات المتميزة. 

وبعد تناول وجبة الإفطار كان لجيل الشباب موعد مع فزورة رمضان وإبداع الفنانين سواء فى الكلمات والأداء وفنون الاستعراض والحوار المميز والعرض المبهر بأقل الإمكانيات فى ذاك الوقت.

ثم نشاهد مسلسل رمضانى يخاطب أفراد الإسره مسلسل نتعلم من خلاله قيمه او عبره يستفيد منها الكبير والصغير ، نستمتع بمشاهده فن واداء راقى وحوار يخاطب كل أفراد الإسره دون أسفاف أو كلمات لاتليق بالذوق العام للأسره المصرية.


أيضا كان هناك مسلسل ألف ليله وليله ، من إنتاج قطاع الإنتاج بالتليفزيون المصرى ، مسلسل يبهر المشاهد من حيث السيناريو والحوار والتمثيل والديكور والملابس.


كان هناك خطاب دينى حقيقى كل يوم يعرض حلقة من حلقات حديث الروح أو برنامج لشيخ الأزهر الشريف أو مفتى الجمهوريه يتناول فيه مسأله دينيه تشغل عقول المسلمين ويتم تناولها بشكل عقلانى سلس ومبسط يخاطب به عقول البسطاء من أبناء الشعب المصري.


الخريطة الإعلامية منذ زمن ماضى كانت تخاطب عقول جميع أبناء الشعب المصرى وجميع طوائفه ، أعلام يعكس أوضاع المجتمع بشكل موضوعى دون إسفاف او مزايده ، أعلام يراعى قدسية الشهر الكريم ، أعلام يعى تقاليد الشعب المصرى ، إعلام هادف يرتقى بالذوق العام لديه رساله لرفع الوعى والحس لدى جموع الشعب المصرى.


نحن الآن فى ظل أزمة ألمت بالعالم اجمع أزمة فيروس كورونا ، وأصبح للإعلام دور أقوى فى تلك الفتره بحكم ان الغالبية تجلس مجبرة تارة وقانعة تارة أخرى لمشاهدة ما يعرض على القنوات الفضائيه بحكم أنها تخترق البيوت بجميع طبقاتها وشرائحها.


أصبح المشاهد حاليا مشتت الذهن ، يصاب بحالة من التشتت والصراع النفسي ما بين مسلسل وأخر لايعكس الواقع المعاش ،طاره مسلسل يخاطب شريحة لا نعلم عنها شيء تعيش داخل مجتمعنا وطاره أخرى مسلسل يعكس أوضاع طبقات مهمشه فى المجتمع ويركز بشكل مبالغ فيه بل ويختزل حياة البسطاء فى البلطجه والسرقة وعالم المخدرات وأحيانا يجسد اوضاع ليست كما هى فى الواقع المعاش.


نجد برامج كل تركيزها على السيرة الشخصية لبعض الشخصيات العامة بشكل ان دل فيدل على  ضياع القيمه والقدوه بل ويساعد على الفضول السازج لدى البعض وانتشار النميمه والغيبة.


ومازالت بعض البرامج تركز على الاستخفاف بعقول المشاهد والسخريه والإستهزاء البضيوف من خلال مايطلق عليه برامج المقالب فهى حقا مقالب سواء للمشاهد او لمن يقوم بدور الكومبارس فى تلك البرامج التى تثير فى نفس المشاهد الاشمئزاز ، ومع كل هذا نجد الإستمرار فى عرضها سنه وراء سنه وكأن الغرض من عرضها الربح فقط دون اى أعتبار لجمهور المشاهدين.


وهنا أوجه حيرتى وسؤالى للقائمين على الإعلام والقنوات الفضائية، ما هو الدور الإعلام من وراء هذا التشتت واللخبطه على تلك القنوات الفضائية.


اين البرامج التوعوية والثقافية، أين البرامج الدينية ونحن في أحوج الأوقات لخطاب ديني مستنير ينفض غبار السنوات الماضيه من التشتت والحيرة.


أين المسلسلات الهادفة ذات الموضوعات الواقعية التى تهدف لترميم الذوق العام وبناء منظومة القيم ، هل يعقل بالرغم من تنوع القنوات الفضائيه أن يتم إنتاج مسلسل واحد هادف فقط ويعكس الواقع كما هو فى مسلسل الإختيار ، هل نحن عاجزين لهذه الدرجة عن إنتاج مسلسلات دينيه تاريخيه تصحح لنا وللعالم المفاهيم المغلوطة وتغذو عقول الشباب بفكر مستنير. 

نحن نحتاج لوقفه جاده وحاسمة بل وقوانين تنظم الرساله الإعلاميه بشكل جاد ومنضبط يخاطب عقول المصريين ، نحتاج من وزارة الإعلام استعادة الدور الريادى لقطاع الإنتاج بالتليفزيون المصرى ، نحتاج إعلام دوله ينقذنا من براثن التشتت بالقنوات الفضائية الخاصة، وأفلام المقاولات وبرامج الربح السريع ، نحتاج لإعلام يليق بالدور التاريخى لدولة بحجم مصر  هل سننتظر كثيرًا؟

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط