الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

امرأة فرعون.. لماذا بنى الله لها بيتًا في الجنة؟

 امرأة فرعون.. لماذا
امرأة فرعون.. لماذا بني الله لها بيتًا في الجنة؟

قصة امرأة فرعون من القصص التي ذكرت في القرآن، لأخذ العبرة والاتعاظ من أحوال أقوام سبقونا، وأورد في هذه القصص ذكر العديد من الشخصيات، بعضهم وردت أسماؤهم صراحة وبعضهم جاء ذكرهم إشارة ورمزًا، ومن هؤلاء الشخصيات امرأة فرعون، وترصد لكم « صدى البلد» جانبًا من سيرتها وفق ما ذكرته دار الإفتاء المصرية، عبر بوابتها الإلكترونية الرسمية.

قصة امرأة فرعون
امرأة فرعون إحدى الأمثلة البارزة التي ضربها الله -سبحانه وتعالى- للمؤمنين، لتكون نموذجًا يحتذى وقدوة تُتَّبَع، وكانت إحدى سيدات نساء العالمين، مع السيدة مريم والسيدة خديجة والسيدة فاطمة -عليهنَّ جميعًا سلام الله ورضوانه-.

وكانت امرأة فرعون زوجة منعمة مرفهة، تعيش في ظل أعظم حكام الأرض وأقواهم، هذا الحاكم الذي بلغ جبروته وطغيانه أن ادعَى الألوهية، ومع ذلك لم تغرَّها هذه الحياة المنعَّمة، وإنما فضلت رضا الله -سبحانه وتعالى- على كل مُتع الدنيا وزخارفها، فآمنت بسيدنا موسى -عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام-، وحين علم فرعون بإيمانها طلب منها أن ترجع، فرفضت، ولم ترجع عن إيمانها، فوتَّدَها بأربعة أوتاد في يديها ورجليها، وربطها وجعل على صدرها حجر الرحى، وجعلها في الشمس.

فأراها الله تعالى بيتها في الجنة، ونسيت ما هي فيه من العذاب، وضحكت، فقالوا عند ذلك: «هي مجنونة تضحك، وهي في العذاب»، وروي عن سلمان الفارسي أنها كانت تُعذَّبُ في الشمس، فإذا ذرت، أي: طلعت الشمس وارتفعت، أظلتها الملائكة بأجنحتها، وأُرِيَتْ مقعدَها من الجنة، وفي رواية أخرى أنه أرسل إليها، فقال: انظروا أعظم صخرة تجدونها، فإن مضت على قولها فألقوها عليها، وإن رجعت عن قولها فهي امرأته؛ فلما أتوها رفعت بصرها إلى السماء، فأبصرت بيتها في السماء، فمضت على قولها، فانتزع الله روحها، وألقيت الصخرة على جسد ليس فيه روح.


قصة آسيا امرأة فرعون:
عن أنس -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-أنه قال: «حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ العَالَمِينَ: مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ»، رواه الترمذي.

امرأة فرعون في القرآن
خلد الله -سبحانه وتعالى- قصة امرأة فرعون بذكرها في القرآن الكريم؛ فقال -تعالى-: ﴿وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [التحريم: 11].


دور امرأة فرعون في نجاة موسى:
كانت زوجة فرعون سببًا في نجاة نبي الله موسى -عليه السلام-، قال الله -تعالى-: «وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ» وذلك بعد أن أحضرنه الجواري إلى آسيا في صندوقٍ.

وقد وردت العديد من الروايات المتعلقة بوصول التابوت الذي كان فيه موسى -عليه السلام- إلى بيت فرعون؛ فقِيل إن أمواج البحر حملته إلى أن وصلت به إلى أشجار قصر فرعون، فوجدْنه الجواري وحَمْلنَه؛ ظنًّا منهن أن بداخله مالًا، وذهبن به إلى آسيا زوجة فرعون، وورد في روايةٍ أخرى أن ابنة فرعون كانت عند الشاطئ وكان قد أصابها مرض البرص، فوجدت التابوت، وأخذته وفتحته، وقِيل إنها بَرَأت من مرضها حين نظرت إلى موسى، فأخذته إلى أمّها قائلةً لها: "إنّ هذا الصبيّ مباركٌ، عندما نظرت إليه بَرِئت من البرص"، وأراد فرعون قتله، وعَدَل عن رأيه بقول زوجته له: «قُرَّت عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ».

كما ورد أيضًا في إحدى الروايات أنّ فرعون وزوجته كانا يجلسان على النيل، فرأت زوجته التابوت، فأتى به أعوان فرعون، فأُلقِيت مَحبّته في نفس آسيا بنت مزاحم، وقالت: «لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا»، وقِيل في تفسير (قُرَّت عَيْنٍ) إنّ آسيا كانت تحبّب فرعون بموسى لئلّا يقتله؛ أي أنّ موسى ممّا تقرّ به العيون وتسكُن، وتفرح برؤيته النفس، وعلّلت ذلك بقولها: (عَسَى أَنْ يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا)، أي لعل في موسى الخير والبر، أو أن يتخذوه ولدًا.

وبذلك اتخذوه في قصرهم، وبعدما استقر موسى -عليه السلام- في قصر فرعون، أخذت زوجة فرعون تبحث عن مرضعةٍ له، إلا أنه لم يقبل أيّ مرضعةٍ، وأخبرتهم أخته قائلةً: (هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ)،وبذلك تحقق وعد الله لمّه؛ إذ عاد إليها ابنها، قال الله -تعالى-: (وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ).

مكانة امرأة فرعون:
كانت امرأة فرعون نموذجًا لجميع المؤمنين، رجالهم ونسائهم، فإنه لم يضرها كفر فرعون على ما كان فيه من طغيان وتجبر، ولم تَغُرها مفاتنُ الدنيا، وكانت ملك يديها تتذوق حلاوتها، ومع ذلك طلبت النجاة من فرعون وظلمه وقومه، واختارت طريق الحق برغم تكلفته الجسيمة، حيث نالت عذابًا شديدًا مِن فرعون، ولكنها كانت تنظر إلى ما هو أبعد من هذه المحنة المؤقتة، وكانت تنظر إلى رضا الله -سبحانه وتعالى-، فمنحها الحياة الأبدية الهانئة، ورزقها الله -تعالى- بيتًا في الجنة تتنعم فيه، وأذاق زوجها حياة العذاب الأبدية، جزاء كفره وطغيانه.