الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

طبيعة البشر واحدة في مختلف الأزمان والتاريخ يعيد نفسه.. حكايات فيروس كورونا تتشابه مع قصص الإنفلونزا الإسبانية.. معارضة سياسات الإغلاق الكامل والسخرية من الأقنعة وتجاهل التباعد أبرز أوجه الشبه.. فيديو

مسؤولون في بلدية
مسؤولون في بلدية شيكاغو يطمئنون لارتداء عمال النظافة للأقنعة

  • تحذيرات السلطات الصحية لوقف انتشار الإنفلونزا الإسبانية تم تجاهلها 
  • ولاية أمريكية فرضت غرامة فورية 5 دولارات لعدم ارتداء قناع الوجه
  • الإنسان كائن اجتماعي يصعب عزله ولكن يمكن ترويضه بالامتثال للقواعد الصحية
  • الضغوط الشعبية والاقتصادية دفعت بعض الولايات للإسراع في إعادة النشاط  

يبدو أن البشر لا يتعلمون بسهولة سواء في العصر الحجري أو في زمن سفن الفضاء والكمبيوتر وشبكات الإنترنت، فالطبائع البشرية هي هي ولا تختلف باختلاف الأزمنة سواء أكنا في زمن الـــــ كورونا أو في وقت الإنفلونزا الإسبانية.

أكثر من 100 سنة مرت على وباء الإنفلونزا الإسبانية والحكايات والقصص لا تتغير، مما دفع شبكة NBC نيوز إلى أن تسرد تقريرا مفصلا عن تشابه الأخطاء وتكرار العادات وكأننا نعيش في هذا الزمان وكأن من ماتوا منذ أكثر من مائة عام يعيشون معنا.

ضغط شعبي
وقالت الشبكة في تقرير تليفزيوني، إن الكثيرين من سكان الولايات المتحدة الآن يسلكون نفس سلوك أسلافهم منذ 100 عام، حيث يتذمرون من أوامر البقاء في المنزل، وتحذيرات عدم الخروج من المنزل بدون الأقنعة، ويشكون من إغلاق الأعمال وقواعد التباعد الاجتماعي، مشيرة إلى أنه وخلال عصر الإنفلونزا الإسبانية، قوبل المسئولون الذين يطالبون المواطنين بتطبيق قواعد الصحة العامة لوقف الوباء وآثاره بالصد في جميع أنحاء البلاد. من سان فرانسيسكو إلى أتلانتا، ومن دنفر إلى كليفلاند، ونشأت جيوب من المعارضة لشجب آثار القيود المفروضة على الشركات والمجتمعات الدينية والناس العاديين.


وتابع التقرير المصور أن الجهود التي بذلها المسئولون وقتها تتشابه مع تلك التي تحدث اليوم ضد أوامر البقاء في المنزل والمبادئ التوجيهية الأخرى التي تهدف إلى وقف انتشار COVID-19

وقال أليكس نافارو، مساعد مدير مركز تاريخ الطب بجامعة ميشيجان، والذي وصف بالتفصيل الروايات التاريخية لعام 1918: "أعتقد أن الطبيعة البشرية كما هي، لا يحب الناس أن تتعطل حياتهم، "في البداية، قد ينسجمون معها، ولكن مع استمرار أوامر الإغلاق هذه ومع استمرار حياة الناس في التصدع، هناك نقطة غضب"، وهو ما حدث بعد أن انتشرت جائحة الإنفلونزا الإسبانية في 43 مدينة أمريكية وقتها. 

متطلبات مرهقة
وقبل أكثر من قرن عندما بدأت سلطات الولايات في التأكيد على ارتداء الأقنعة، امتثل السكان إلى حد كبير، لشعورهم بالواجب الذي تلازم مع التضامن الوطني في الحرب العالمية الأولى، والتعاون مع الصليب الأحمر الأمريكي في ذلك الوقت.

ولكن بعد فترة لم يعد أحد يريد اراتداء القناع أو يرتدونه بشكل غير صحيح، وتم اعتقال أكثر من 100 شخص واتهموا "بزعزعة السلام" وتغريمهم 5 دولارات في اليوم الواحد في أكتوبر 1918، وذهبت العائدات لدعم الصليب الأحمر الأمريكي.


وأفادت صحيفة سان فرانسيسكو كرونيكل في ذلك الوقت بأن ضابطًا في الصحة العامة بالمدينة أطلق النار على رجل وأصيب بجروح بالغة بسبب عدم ارتدائه قناعًا في أواخر أكتوبر.

وأدى ارتفاع عدد الحالات بعد العام الجديد في عام 1919 إلى دفع مجلس الولايات إلى إعادة تفعيل قانون القناع الإلزامي. وبحلول ذلك الوقت، تضاءلت الحماسة الوطنية التي أثرت على الامتثال بالقناعة بعد أن شعر المواطنون بفتور كبير ويأس من هذه القيود التي حاصرت النشاط البشري.

كارثة
وقال نافارو: "لقد سئم الناس من العيش في ظل هذه القيود، سواء قيود زمن الحرب أو إجراءات مكافحة الوباء". "لهذا السبب فإن التذمر العام حول ارتداء الأقنعة امتد إلى حركة احتجاجية منظمة في سان فرانسيسكو"، وحدثت مظاهرة واحدة فقط في أواخر يناير 1919 ، حضرها حوالي 2000 شخص لم يرتدوا الأقنعة (على الرغم من أن المنظمين في ذلك الوقت زعموا أن العدد كان أكثر من ضعف ذلك). وحثت السيدة إي سي هارينجتون، رئيس المجموعة، حثت مجلس المشرفين في المدينة على منح السكان "راحة سريعة" من شرط  ارتداء القناع "المرهق" بحسب وصفها، ووفقًا لمحضر اجتماع المجلس.

وأكد نافارو أن المجموعة كانت تضم رجال أعمال وقادة مجتمعيين مؤثرين، بما في ذلك عضو في مجلس المشرفين، و"تمكنوا من تنظيم المظاهرة بسرعة لأنه كان هناك الكثير من المعارضة لأمر قناع الوجه الإلزامي".

وبعد أسابيع، ألغى عمدة المدينة الإلزام بارتداء القناع بعد الاحتجاجات المستمرة. وفي النهاية، سجلت المدينة 45000 حالة وأكثر من 3000 حالة وفاة من خريف 1918 إلى شتاء 1919 ، وفقًا لبحث أجراه مركز تاريخ الطب.


وكانت معارضة إرشادات التباعد الاجتماعي في عام 1918 أيضا كبيرة، وكان بعض المتظاهرين المتحمسين من القادة الدينيين. وفي بورتلاند، بولاية أوريجون، اعترض رجال دين مسيحيون، على القيود المفروضة على التجمعات العامة، وفقًا لبحث المركز، كما قرر ما لا يقل عن اثنين من المعابد اليهودية في كليفلاند إقامة بعض الصلوات الصغيرة في تحد لأمر المدينة، مما دفع الشرطة إلى القبض عليهم. كما تصاعد التوتر بين الجماعات الدينية والمسؤولين المحليين في الأسابيع الأخيرة بسبب القيود المفروضة على التجمعات.

الضغط السياسي والاقتصادي
وبعد الموجة الثانية من الإصابة بالإنفلونزا الإسبانية، نفذ المسئولون جولة ثانية من عمليات الإغلاق، استهدفت المسارح وأماكن أخرى للترفيه وفي غضون ساعات، شكل العشرات من أصحاب الأعمال مجلس أصحاب "محال الترفيه" وبدأوا في الضغط على مسئولي الولايات ضد الإغلاق، قائلين إنهم استهدفوا بشكل غير عادل بعض الشركات دون غيرها، وكان هناك الكثير من الضغوط السياسية والاقتصادية وألغت المدينة أمر الإغلاق وأبقت نظام الالتزام بارتداء القناع، بدلًا من ذلك".

وارتفعت الحالات مرة أخرى مع قرب عيد الشكر، وحدث ارتفاع آخر في أعداد الضحايا مع العام الجديد. 

واختتم نافارو تصريحاته في التقرير بقوله إن أوبئة عام 1918 وعام 2020 جزء من "القصة نفسها: "أعتقد أننا رأينا أجزاء وقطعًا من نفس القصة تظهر حيث يقول الناس:" لا يمكننا إبقاء هذا الاقتصاد مغلقًا إلى أجل غير مسمى. يجب على الناس العمل. لا نريد ارتداء الأقنعة. نحن متعبون عدم القدرة على الحصول على قصة شعر مناسبة. نريد الحياة كالمعتاد. سيأخذ بعض الأرواح، ولكن هذا هو الثمن الذي يتعين علينا دفعه".