الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بعد فشله في مواجهة أزمة كورونا .. مصر تطالب مجلس الأمن بوضع رؤية لنظام دولي جديد.. يستلهم الدروس ويؤسس لمرحلة مختلفة لعالم متعدد الأطراف.. وإدريس: أعداد كبيرة من البشر لا يزالون يعانون من الفقر

السفير محمد إدريس
السفير محمد إدريس مندوب مصر الدائم بالأمم المتحدة

* مصر تتبنى أطروحة لإعادة هيكلة النظام الدولي ليصبح أكثر فعالية في مواجهة الأزمات
* مندوب مصر: النظام الحالي لم ينجح في منع وتسوية النزاعات والصراعات ولا نزع السلاح النووي 
* المجتمع الدولي لديه قصور شديد في اتجاه العمل متعدد الأطراف والتعاون في هذا المجال


طالبت مصر مجلس الأمن الدولي، وللمرة الأولى صراحة بضرورة "وضع رؤية دولية جديدة تستلهم الدروس المستفادة وتؤسس لمرحلة جديدة في النظام الدولي متعدد الأطراف.


وجاء هذا الموقف فى كلمة للسفير محمد إدريس، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، أمس الأحد خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي إحياء لذكرى مرور 75 عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية.


ومصر كان لها باعٌ مهم فى تأسيس الأمم المتحدة والمساهمة فى ترتيبات النظام الدولي الذى أعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية "، واليوم "مصر الجديدة"  تدخل بقوة مبكرا فاعلًا أساسيًا فى تأسيس لبنات النظام الدولي الجديد بعدما أثبت النظام العالمى الحالى عجزه الشديد فى مواجهة أزمة كورونا وتداعياتها.



وبحسب بيان لوزارة الخارجية، شاركت مصر في اجتماع افتراضي لمجلس الأمن، دعت إليه إستونيا بصفتها رئيس المجلس لشهر مايو، إحياءً لذكرى مرور 75 عامًا على انتهاء الحرب العالمية الثانية.

فشل النظام الدولي الحالي

وألقى مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير محمد إدريس، بيان مصر الذي تساءل فيه عن مدى نجاح النظام الدولي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية ومصداقيته في تحقيق أهدافه الرئيسية، مشيرًا إلى أنه رغم نجاح النظام الدولي في منع وقوع حرب عالمية جديدة، فإنه في ذات الوقت لم ينجح بشكل كاف في منع وتسوية النزاعات والصراعات الإقليمية، وكذا في نزع السلاح النووي ومنع انتشاره، الأمور التي مازالت تمثل تهديدًا للسلم والأمن والاستقرار الدوليين.

كما أوضح إدريس أنه على الرغم من تحقيق بعض التقدم في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز حقوق الإنسان؛ إلا أن أعدادًا كبيرة من البشر مازالوا يعانون من الفقر والمجاعات ونقص الاحتياجات الأساسية وعدم إعمال حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية.


وأشار سفير مصر لدى الأمم المتحدة إلى أن أزمة جائحة كورونا قد اختبرت مفهوم التعاون الدولي وأظهرت أنه بالرغم من الاحتياج الضروري للعمل متعدد الأطراف؛ إلا أنه مازال لدى المجتمع الدولي قصور شديد في هذا الاتجاه، مؤكدًا أنه من الضروري أن يُظهر المجتمع العالمي تضامنًا منسقًا لمواجهة التحديات التي تفرضها الجائحة وكذا التحديات الحالية والمستقبلية الأخرى بشكل فعال، في إطار رؤية دولية جديدة تستلهم الدروس المستفادة وتؤسس لمرحلة جديدة في النظام الدولي، كشرط ضروري لتحقيق أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، والحفاظ على شرعية ومصداقية النظام الدولي متعدد الأطراف.

دور مصر فى وضع ميثاق الأمم المتحدة 

وتعد الأمم المتحدة الركيزة الأساسية للنظام الدولى فى صورته الراهنة، والذى تشكًل فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، التى جلبت على البشرية أحزانا وآلاما يعجز عنها الوصف، ومن ثم تأسست الأمم المتحدة بهدف حفظ السلم والأمن الدوليين وانماء العلاقات الودية بين الدول، وتحقيق التعاون بين الدول فى كافة المجالات. 

وكان لمصر دور ملموس فيها إذ انضمت فى 27 فبراير عام 1945 إلى ما سمى بتصريح الأمم المتحدة الذى تم توقيعه فى أول يناير عام 1942، الذى تضمن الموافقة على إنشاء تنظيم دولى يعنى بالدفاع عن الحياة والحرية والاستقلال وصيانة الحقوق الانسانية والعدل.

ومن ثم، شكلت لجنة للنظر فى التحضير للنظام الدولى فى ديسمبر عام 1944 أُلحقت بمجلس الوزراء وكان وكيل الوزراة المختص، هو محمود الدرويش والخبراء الذين عملوا بها هم: الدكتور محمد حامد فهمى الأستاذ بكلية الحقوق وقتذاك، والدكتور حامد سلطان الأستاذ بكلية الحقوق، والدكتور على الجريتلى والدكتور عبد المنعم القيسونى المدرسان بكلية التجارة وقتذاك .


وشاركت مصر بفاعلية فى مؤتمر سان فرانسيسكو (25/4 – 26/6/1945) بوفد رفيع المستوى برئاسة الدكتور محمد حسين هيكل رئيس حزب الأحرار الدستوريين، ورئيس مجلس الشيوخ فى ذلك الوقت، وضم الوفد مجموعة من ألمع السياسيين والعلماء المصريين المتخصصين فى مجال القانون الدولى.

وكان لمصر إسهامات ومواقف مشهودة تجاه كافة القضايا التى تناولها مؤتمر سان فرانسيسكو الذى أسفر عن قيام الأمم المتحدة المنظمة الدولية الأم على الصعيد الدولى والتى تشرف بشكل مباشر وغير مباشر على كافة الاتفاقيات والمعاهدات التى تضبط سير الحياة الدولية.

وعلى سبيل المثال قدم الوفد المصرى مساهمة بناءة فى صياغة المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة التى تنص على اتخاذ التدابير الفعالة لمنع الأسباب التى تهدد السلم ولإزالتها وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخـلال بالسـلم وتتذرع بالوسائل السـلمية وفقًا لمبادئ العدل والقانون الدولى لحل المنازعات الدولية التى قد تؤدى إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها.

وقد أضيفت عبارة وفقًا لمبادئ العدل والقانون الدولى بناء على اقتراح عدد من الوفود ومن بينها مصر وذلك ضمانًا للربط بين هدف حفظ السلم وتحقيق العدل، بحيث لا تتم تسوية المنازعات الدولية بالنظر إلى الاعتبارات السياسية، أو على حساب الدول الصغيرة وكانت وجهة النظر المصرية واضحة فى أن السلم والأمن الحقيقيين هما اللذان يقومان على العدل.

وكان لمصر – مع عدد من الوفود المشاركة - فضل إقرار قاعدة التوزيع الجغرافى العادل عند اختيار الأعضاء غير الدائمين فى مجلس الأمن – وذلك بما يكفل تمثيل مختلف مناطق العالم.. فقد طالب وفد مصر بأن تمثل فى المجلس مناطق العالم المختلفة إلى جانب الدول الخمس الكبرى، وذلك بأن يقسم العالم الى مناطق تكون بمثابة دوائر انتخابية حقيقية لانتخابات المجلس، وتعين الدول التى تؤلف كل منطقة مندوبيها فى المجلس بعد أن تبرم بينها، اتفاقات إقليمية.

وكانت مصر قد اقترحت أن يكون للدول الكبرى مقاعد دائمة فى المجلس الاقتصادى والاجتماعى واقترحت فرنسا وكندا أن تكون هناك مقاعد دائمة فى المجلس للدول الكبرى والعظيمة الشأن اقتصاديًا ومن الجدير بالذكر أنه رغم عدم تقنين هذا الاقتراح إلا أن العمل قد جرى على إعادة انتخاب الدول الكبرى مما يجعل لها وجودًا شبه دائم بالمجلس الاقتصادى والاجتماعى.


وكان مشروع المادة 83/3 من ميثاق الأمم المتحدة يجعل استعانة مجلس الأمن بمجلس الوصاية أمرًا اختياريًا إلا أنه بناء على اقتراح مصرى بضرورة التأكيد على المهمة الإنسانية لنظام الوصاية فى كل الأقاليم بما فيها الأقاليم الإستراتيجية تم تعديل النص لتكون الاستعانة أمرًا وجوبيًا وتكون الصيغة النهائية كالتالى: "يستعين مجلس الأمن بمجلس الوصاية مع مراعاة أحكام اتفاقات الوصاية، ودون إخلال بالاعتبارات المتصلة بالأمر.. فى مباشرة ما كان من وظائف الأمم المتحدة، فى نظام الوصاية خاصة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية للمواقع الاستراتيجية.

ويتبين مما تقدم أن مصر قد أسهمت بشكل فعال فى مؤتمر سان فرانسيسكو، وفى مختلف القضايا التى أثيرت خاصة العلاقة بين مجلس الأمن والجمعية العامة والحد من سلطة مجلس الأمن.. حيث كان يراد له أن يكون حكومة عالمية، وكذلك قضايا تسوية الاستعمار وحفظ السلم والأمن الدوليين، وإقرار مبدأ التوزيع الجغرافى العادل فى شغل المناصب الهامة والتمثيل الدولي فى الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة.

وجاءت موافقة مصر على ميثاق الأمم المتحدة فى 16/10/1948 دون تحفظ حيث صدق مجلس الشيوخ على الميثاق بأغلبية 94 صوتًا مقابل عضوين، ثم وقعت على النظام الأساسى لمحكمة العدل الدولية فى 18/7/1957.