قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

فردة يمين


في وقت بعيد كانت المتعة الوحيدة هى لعب الكُرَةِ، ليس بالصورة الذهنية التى ترسمها في خيالك بأن نكون 11 لاعبا أمامهم 11 آخرين، لم نكن نملك رفاهية الذهاب إلى الأندية أو حتى مراكز الشباب، كنا نلعبها في أى مكان و بِأَىّ عَدَد وفقا لقوانين بعضها متوارث والآخر من اختراعنا.

لم يكن لعب الكُرَةِ عادة بالشكل المتعارف عليه، لعبناهابثمرة الدوم بعد التهام لحمها، وفي المدرسة لعبنا بـ"الكازوزة" التى كنا نحتفظ بالعديد منها في جيوب المريلة، وقطع الزلط الصغيرة، وكُرات "الحلم" البلاستيكية المحشوة بالورق والتى كان مجرد التفكير فيها يجلب البهجة.

قصة الحب مثل كثيرين ظلت من طرف واحد، بدأت مع بطولة الأمم الأفريقية في القاهرة 1986، عندما فزنا في النهائى على منتخب الكاميرون بركلات الترجيح، حَفِظْت وأنا في السابعة أسماء جميع اللاعبين، من بعدها امتدت حالة الحب لتشمل كل الألعاب، كُنْت انْتَظَر بشغف مشاهدة أي مباراةتذاع في التليفزيون الأبيض والأسود، اتابع مباريات الكرة الطائرة بصوت ممدوح البكري والسلة مع رياض شرارة، واتذكر حالة التمنى بأن يعلق على المباريات اى شخص ماعدا محمد حسام الدين او مصطفى الكيلاني.

في صباح يوم جمعة ذهبت إلى الكنيسة، دَعَوْت أَن نفوز على الجزائر في لقاء يبدأ في الثالثة عصرا، المباراة كانت الأولى التى شاهدتها عبر التليفزيون الملون الذى اشتراه أبي ماركة "توشيبا 20 بوصة" ومع مرور أول دقائق سكنت الكرة الشباك، ظل علي زيوار في حالة ارتباك لا يعرف على وجه التحديد من الذى سجل الهدف هل إبراهيم حسن ام شقيقه حسام، بعدها تحول هتاف "جوهري .. جوهري" إلى أشهر نداء جماهيري استمر لسنوات.

فانلة حمراء قديمة اجتهدت أن أرسم عليها من الخلف رقم 3 حُبًّا في ربيع ياسين لاعب الأهلي بسبب وجهه الطيب ، في اليوم التالي ذهبت إلى مركز الشباب، الملعب كان مَفْرُوشًا بالأطفال وأنا معهم، عم أحمد كبير المدربين جاء في العاشرة صباحا يرتدى بنطلون بنى وفانلة زرقاء وشبشب شهير وقتها ماركة "زيكو" ويمسك في يده خرزانة كبيرة لم يستخدمها ابدا إلا في رسم علامات في الهواء غير مفهومة حتى الآن، يومها قسمنا إلى فريقين، ولعدم وجود فانلة تشبه الأخرى، قرر أن يلعب فريق بملابسه والآخر بدون فانلات ، لتبدأ مباراة لا أعرف على وجه الدقة كيف او متى انتهت.

في المدرسة وملعب الكنيسة والشارع كنا نتجمع، في المساء نناقش خطة اللعب، وفي الملعب لم يتأخر أحد أن يمنح صديقه "فردة يمين" متى طلب أحد ذلك، المهم أن يتحقق المكسب.

كان يسكن تحت جلد كل واحد منا لاعب بعينه يتمني أن يكون مثله يحمل رقمه يمرر ويسدد ويسجل ونفرح وفي يوم آخر نحزن، كبرنا وكبرت معنا اللعبة لتكون بحجم "كرة أرضية" مشكلتها الوحيدة أنه في قوانينها لا يوجد أبدا أيمنتصر.