الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أحمد العطار يكتب: شباب الأمس واليوم

صدى البلد

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين ورحمة الله للعالمين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

وبعد :-

( اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل ، فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون ، اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدى من تشاء إلى صراط مستقيم )  أخرجه مسلم (١/٥٣٤) حديث رقم (٧٧٠).


هذا دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وما أحوجنا إلى هذا الدعاء ، فإن المسلم يحتاج في كل لحظة إلى هداية من الله الواحد الأحد ، فنحن في حياتنا في دراستنا ، في وظائفنا ، في تجارتنا ، في أعمالنا كلها ، نحتاج إلى هداية الله تعالى وتوفيقه.


وقد اقتربت العطلة الصيفية من شبابنا وكل شاب في ذهنه تصور واضح عن كيفية قضاء هذه العطلة ، والشباب في ذلك على قسمين اثنين:

           قسم صمم تصميما جازما وأكد تأكيدا بالغا على أن يقضيها في النزهات ، وفي الضياع ، وفي اللهو واللغو واللعب فهذه عادته وطريقته ، يبدد عمره في كل معصية ولهو ولعب ولا يعرف لله حقا ولا طريقا.

           وقسم آخر هم أهل الصدق والاستقامة والصلاح نظر الله إلى قلوبهم فرأى ما فيها من التقوى وحسن القصد ، فكانوا أهلا لهدايته وتوفيقه ، عزموا على قضاء العطلة في مرضاة الله ، عرفوا أن هذه العطلة جزء من أعمارهم ، وأنهم محاسبون عليها بين يدى الله الواحد الديان (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون . فتعلى الله الملك الحق لا إله الا هو رب العرش الكريم )  سورة المؤمنون.


فنسأل الله أن يثبت هؤلاء وأن يصلح أولئك .

 

إن مشكلات الشباب وقضاياهم تتلخص في أربع قضايا:

القضية الأولى :- التفريط في صلاة الجماعة التي تركها كثير من الناس إلا من رحم ربك ، صلاة الجماعة التي ما تركها النبي حتى وهو في مرض الموت ، صلاة الجماعة التي طُعن الفاروق عمر وهو يتلهف عليها ، صلاة الجماعة التي أوصى أحد السلف بنيه أن يحملوه إلى المسجد وهو في مرض الموت بعدما سمع الأذان فلما قالوا له :- أنت مريض ، وقد عذرك الله ، فقال متعجبا :- لا إله إلا الله ...أسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح ثم لا أجيب !! لا والله فحملوه فقبض الله روحه في السجدة الأخيرة ، صلاة الجماعة التي من فقدها بغير عذر فقد النور، والاستقامة ، والهداية والسداد .


فماذا نجيب ربنا إذا سألنا عن صلاة الجماعة . كيف ينتهى الشباب عن الفواحش والمنكرات وهو لا يعرف المسجد ، كيف يسلم الشباب من المخدرات والجرائم وما دله أبوه ولا أمه إلى طريق المسجد ( يأيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون  ) سورة التحريم.

 

القضية الثانية :- وتأتى من جلساء السوء قوم علم الله من قلوبهم الخبث فأخرهم ، قوم ما أفلحوا في دين ولا دنيا ، رسبوا في الدراسة ، وفشلوا في الوظيفة ، وتقهقروا في العمل ، فجلسوا على الأرصفة يصدون عن سبيل الله ، لا يعرفون إلا لعب الورق ، والأغاني ، والموسيقى ، والمسرحية ، والغيبة ، والنظرة الآثمة ، يتلقفون شباب الإسلام ليجعلوا مصيرهم كمصيرهم أهكذا شكر النعمة ؟ أهذا هو الإحسان ؟ أب يدفع لابنه ما يريد ، وهذا الابن يوجهه شيطانه إلى كل معصية فوجد السيارة الفاخرة والفيلا الواسعة واللباس والطعام والأموال متوفرة فهتك الأعراض واستحل الحرمات يحمل الشاب المسكين في سيارته إلى أماكن اللهو واللعب والبعد عن الله .. فأين الأب الحصيف ، وأين الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر؟.

 

القضية الثالثة :- ضياع الوقت ، والوقت أغلى شيء عند المسلمين وكذلك عند غير المسلمين ، أما عند كثير من المسلمين فما أرخصه ، الساعات الطويلة والأعمار المديدة يضيعها كثير من الناس في غير فائدة بل فيما يجلب الخسران والضياع يوم القيامة.


كثير من الشباب يبدأ برنامجه اليومي من العصر إلى العشاء في اللهو واللعب والخروج من البيت لا عمل ولا تجارة ولا وظيفة ولا كسب ولا تحصيل ولا طاعة ثم يعود كالجثة الهامدة فيسهر مع زملائه إلى منتصف الليل ثم يرمى بجسمه على الفراش بلا ذكر ولا تسبيح ولا تحميد ولا تهليل ولا وضوء ثم لا  يستيقظ من نومه إلا قبيل الظهر بعد أن ألغى صلاة الفجر من برنامجه .. أي حياة هذه ، وأي عيشة تلك؟.

 

القضية الرابعة :- عدم الاهتمام بالعلم الشرعي وتخصيله أصبحت الأمة إلا من رحم ربك أصبحت ثقافية سطحية تحولت من الأصالة والعمق المتمثل في العلوم الشرعية والتجريبية إلى أمة تعرف المعلومات العامة والثقافة السطحية .


فأين تحصيل العلم ؟ أين الاجتهاد في طلب العلم ؟ أين الحرص علي الاستفادة ؟ أين حفظ المتون ؟ أين المتدربون للقرآن ؟


في شبابنا من بلغ الثلاثين والأربعين وهو لا يعرف لماذا أتى ولماذا يعيش وأين يسير ، غاو لاه ما عرف رسالته في الحياة !!

 

عقبة  بن نافع  في الخامسة والعشرين من عمره يقف على المحيط الأطلنطي موحدا مصليا يرفع سيفه إلى السماء ويقول :- والله لو أعلم أن وراء هذا الماء أرضا ، لخضته بفرسي هذا رافعا راية لا إلا الله .

 

عبدالله بن رواحة في الثلاثين من عمره حمل سيفه ولبس كفنه وذهب إلى معركة مؤتة .

 

جعفر الطيار ليله سجود وتسبيح ونهاره جهاد ودعوة أتى مؤتة فقطعت يمناه فأخذ الراية بيده اليسرى فقطعت فضم الراية بعضديه حتى تكسرت الرماح في صدره وهو يبتسم ويقول :-

يا حبذا الجنة واقترابها

طيبة وبارد شرائها

والروم روم قد دنا عذابها

كافرة بعيدة أنسابها

 

أنس بن مالك كان يقول :- إليكم عنى ، والله إني لأجد ريح الجنة من دون أحد ، فيضرب بثمانين ضربة فيموت في سبيل الواحد الأحد.

 

أولئك آبائي  فجئني بمثلهم


إذا جمعتنا يا جرير المجامع

 

فيا شباب الإسلام من يرفع الراية إذا توليتم ، من ينصر الدين إذا أعرضتم ، من يحفظ أرض مصر إذا انحرفتم ، فنسأل الله أن يحفظ شبابنا ونسألك  أن تعد هذه الأمة إليك . وأن تأخذ بناصيتها إلى رحابك.


وصلِ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين


والحمد لله رب العالمين