الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لماذا أنحاز لـ30 يونيو أكثر من 25 يناير؟


أنحازُ لثورة 30 يونيو 2013 أكثر من ثورة 25 يناير 2011 !! هذا اعتراف رسمي أسجله ونحن نحتفل بالذكرى السابعة لثورة الثلاثين من يونيو..

وقبل أن يثور البعض ويقذفني بأحد التهم المعلبة التي تنال ممن يجرؤ على المساس بقدسية 25 من يناير، التي يضعها البعض في مكانة تمثال بوذا، سأعرض وجهة نظري في نقاط محددة، لأنتظر بصدر رحب كل الآراء المساندة والمعارضة لما سأقول.

حين اشتعلت ثورة 25 يناير كنتُ على كرسي المشاهد، وأراهن أن الملايين كانوا مثلي تمامًا، وكان لموقع عملي في منطقة وسط البلد، دورٌ في جعلي مراقبًا عن كثب لكل ما تشهده هذه المنطقة الحيوية من تحركات غريبة وغير معهودة في حينها.

لم أكن جزءًا من هذا الحراك، ولكني كنت أراقب ما يحدث بشعور "الأمل" في أن تتخلص البلاد من نظام عجوز يسعى لتوريث السلطة إلى نجل الرئيس الشاب، ولكن كان شعور "القلق" في داخلي أكبر وأعمق، خاصة عقب أحداث يوم 28 يناير المؤسفة مثل اقتحام السجون وهروب نزلائها من المجرمين واختفاء الداخلية، فكانت الأولوية بالنسبة لي حماية منزلي ضمن اللجان الشعبية في الشوارع خشية أن يمس أهلي سوءًا.

وحين ندرس الثورات، فيجب أن نتوقف عند ثلاثة محددات: المحرك، والأهداف، والنتائج، وحراك 25 يناير كان له محركه الذي مازلت أرى أنه كان لا ينتمي بأي حال إلى هموم جموع الشعب المصري، بل كانت المحرك فئويًا، فالحديث عن العيش والحرية والعدالة الإجتماعية، وهي الهتافات التي بدأت بها الثورة، لم تكن حينها شاغل المواطن، الذي لم يكن ليشغله موضوع التوريث أيضًا، بكل كانت أقرب إلى أهداف برنامج حزب إشتراكي يسعى للصدام مع السلطة وإضعاف هيبتها، والنيل من تماسكها.

كان لثورة 25 يناير من يحركها ويستقطب الجموع للنزول للميادين، ولكن كان الخطاب السياسي حينها غير مؤثر، ويتم بثه من خلال وسائل التواصل الإجتماعي، لذا كانت الجموع المندفعة إلى الميادين حينها من شرائح الشباب، بكل ما بداخلهم من حماس وثورة واندفاع، وربما كانت هذه الميزة الوحيدة التي استفاد منها محركو هذه الجموع.

كما أن التحول في أهداف ثورة 25 يناير من المناداة بالحرية، إلى الهتاف لإسقاط النظام لم يكن له مبرر على الإطلاق، إلا إن كان هذا الهدف موضوع مسبقًا، وينتظرُ التوقيت المناسب لإطلاقه، لاسيما أن نتائج ثورة 25 يناير لم تكن مرضية على كل حال، فقد دفعت بنا إلى نفق مظلم وساهمت في طفو تيارات سياسية على السطح، وسعي العديد من الأطراف لاقتسام "التورتة"، وكانت النتيجة الأسوأ على الإطلاق وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة لعام كامل هو الصفحة الأكثر سوداوية في تاريخ مصر.

مع وصول الإخوان إلى سدة الحكم، كنت ممن قبلوا الوضع الحالي، وأزعم أن الملايين كانوا مثلي، فلعبة السياسة كشفت حينها الوجه السيئ، حيث ضمن هؤلاء مقعد الرئاسة باللعب على وتري الفقر والدين، وكانت النتيجة في صالحهم وقتها.

ومع تفجر الأوضاع عقب الإعلان الدستوري الغاشم، لم أكن ضمن الحشود هناك عند أسوار الإتحادية، ولكن كانت نقطة التحول في حياتي، هو رؤية ميليشيات الجماعة تعذب وتنكل بإخوتنا على أسوار قصر الرئاسة، لأرى حينها المشهد شديد الضبابية، ينذر بحرب أهلية، حينها وجدت نفسي ضمن الحشود التي تهتف "يسقط يسقط حكم المرشد".

كانت هذه النقطة هي البداية لارهاصات ثورة الـ 30 يونيو، والتي كنت انتمي اليها منذ اللحظة الأولى، وكان خروج المواطنين في 30 يونيو له دافع ومحرك رئيسي هو استعادة الوطن بأكمله من العصابة التي اختطفته، وهو محرك لايختلف عليه إثنان، ولايخدم أجندة أية تيار أو جماعة، بل الوطن وحسب، على عكس 25 يناير.

وإذا تحدثنا عن نتائج ثورة الـ 30 يونيو، سيأتي في مقدمتها الخلاص من جماعة الإخوان المسلمين للأبد، وانكشاف نوايا التيار الإسلامي الذي لم يكن يسعى إلا إلى مصالحه الشخصية باسم الدين، حيث يتخذ نهج براجماتي ولكنه يصبغه صبغة فاشية تميل للعنف، وهو سبب دائرة العنف التي دارت بها مصر منذ 30 يونيو لسنوات طويلة بعدها.

وأخيرًا.. كان لثورة 25 يناير محرك خارجي واضح، لا يمكن لأحد إنكاره، وكان هذا واضحًا في المساندة الدولية من جانب السفارات الأجنبية في القاهرة، والبلدان الأوروبية والولايات المتحدة، التي تلقى العديد من عناصر هذه الثورة تدريبًا ورعاية كاملة لديها، على النقيض فقد حدثت 30 يونيو كالطوفان الذي شارك فيه الجميع، بما في ذلك من كانوا يسمونهم "حزب الكنبة"، وحاولت العديد ممن الأطراف وقف هذا الطوفان، لكونها ثورة نبعت من الداخل، وحققت أهدافها ونتائجها لتحمل الخير لهذا الوطن وأبنائه.

قد يرى البعض أن ثورة 30 يونيو هي جولة ثانية لثورة 25 يناير، وأنها قد سعت لاستكمال تحقيق أهدافها، ويرى آخرون أن 30 يونيو جاءت لتصلح ما فعلته 25 يناير وربما لتصحح مسارها، والحقيقة أن دراسة هاتين الثورتين على مدار الأعوام المقبلة ستكشف الكثير عن كواليس وأحداث الحدثين الأهم في تاريخ مصر الحديث، والأهم أن مصر أصبحت على المسار الصحيح. 
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط