الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

منى زيدو تكتب: أردوغان ونشر الفوضى

صدى البلد

مرّ عقد على بداية ما سمي بالربيع العربي وأردوغان صدَّر نفسه على أنه النموذج الذي ينبغي أن يُحتذى في المنطقة من ناحية الديمقراطية والعلمانية والإسلام المعتدل وتربعه على عرش الخلافة الإسلامية من قبل شيوخ السلاطين القابعين في قطر. أرادوا من خلال اردوغان نشر اللا استقرار والعنف في كل مكان تحت اسم حقوق الانسان والكرامة والحرية. بدأت من تونس ومرّت على مصر ومنها ليبيا فسوريا. 


هذه المسيرة التي أراد الإخوان المسلمون ان يجعلوها مسيرة التربع على سلطة المنطقة عن طريق خليفتهم اردوغان الذي اعلنوه على أنه محرر القدس وجالب الحرية لعموم المنطقة. انه تحالف أو يمكن نعته بزواج المصالح بين اردوغان ذي الخلفية الإسلامية وجماعة الاخوان المسلمين، وأرادوه انموذجًا لكل المنطقة ولكن حساباتهم لم تكن وفق ما كانوا يتمنون. سقط مشروعهم في بدايته وخاصة في مصر والتي كانت ثورة يونيو القشة التي قصمت ظهر بعير الاخوان وخليفتهم أردوغان. 


حاول عبر تحويل آية صوفيا إلى مسجد أن يدغدغ عواطف القطيع الذين يكبرون باسم الله وهم يهرولون خلف أردوغان وكأنهم في يوم الفتح المبين، لا يعلمون أن الإسلام دين كل العالمين وليس حكرا على فئة منهم دون غيرهم. وأن دور العبادة هي بيوت الله ندخلها لنتضرع إليه ونتقرب منه وأنها ليست باسم شخص أو جهة ما.


استمروا في نشر الفوضى في ليبيا وكذلك سوريا والتي حولوها الى مكتب لتجميع كافة حثالات العالم من الإسلاميين المتطرفين والجهاديين والإرهابيين من مختلف الجنسيات العالمية والاقليمية. وبذلك أصبح اردوغان صاحب أكبر شركة للإرهابيين العابرة للحدود. لا يعترفون لا بالحدود ولا بالشعوب ولا بالدول ولا بأي شيء يقف بوجههم ويعرقل مشاريعهم الاحتلالية. وكل من يقف في وجوههم فهو كافر يجب قتله ولا يهم من أي قومية أو مذهب أو طائفة أو حتى دين كان. وهذا ما رأيناه في سوريا فالكل كان كافر ويجب ان يقتل حسب وجهة الإرهابيين والمرتزقة الممولين من قبل اردوغان. 


لم يسلم منه أحد لا من العرب ولا من الكرد ولا الأرمن ولا الاشوريين في سوريا الكل لاقى نصيبه من القتل والتهجير والنحر. وكل ذلك تحت اسم الدين وبـتكبير "الله أكبر". باسم الله قتلوا الانسان وبسورة الفتح تم احتلال عفرين وتهجير أهلهم واغتصاب نسائهم وسرقة خيرات منطقتهم. ونفس الامر كانت مدينة رأس العين/سري كانيه وكري سبي/ تل ابيض ادلب وغيرها الكثير من القرى التي ما زالت محتلة من قبل مرتزقة وإرهابيي اردوغان.


الآن ما يفعله في ليبيا لا يختلف البتة عمَّا فعله اردوغان ومرتزقته وارهابيوه في سوريا. احتلال المدن وترهيب السكان لتفريغ المدن منهم والقيام بجرائم حرب بكل معنى الكلمة في أي مكان يدخلونه. عين اردوغان على تحقيق أوهامه في عثمنة المنطقة من جديد واحتلاله ليبيا وعينه على خيرات هذا البلد وليذهب الشعب الليبي الى الجحيم. ولهذا نرى ان يهدد مصر في مسعاه لاحتلال مدينة سرت والجفرة. نقل المرتزقة السوريين وغيرهم من المرتزقة العرب الذين كانوا في سوريا والأجانب الى ليبيا يؤكد أن مخطط اردوغان لن ينتهي بهذه السهولة وانه سيستمر في نشر الفوضى وضرب الشعوب ببعضها البعض.


وفي النهاية، الضربة التي تلقاها اردوغان في قاعدة الوطية وذلك من خلال تدمير منظومة الدفاع الجوي التي كان يفتخر بها، كانت ضربة قوية له وأفقدته صوابه وحتى الآن لم يعد لرشده. لم يكن يتوقع ان يكون الرد من الطيران المجهول "المعلوم" بهذه السرعة وبهذا القدر من القوة التدميرية وكذلك عدد القتلى خلال الضربة. حتى الان لا يصدق أنه تلقى هكذا ضربة في هذا التوقيت بالذات، لكنها كانت على ما أعتقد شدة اذن لا أكثر من تلك الجهة المجهولة التي أرادت ان ترسل له برسالة مفادها "ليس كل طير تؤكل لحمه".


وعلى ما أعتقد أن هوس اردوغان وتهديداته الان في توجيه مرتزقته نحو سرت والجفرة لن تكون إلا بالونة اختبار لا أكثر لمدى جدية مصر في ردع هذا الهجوم وخاصة بعدما قالها بكل صراحة الرئيس السيسي "سرت والجفرة خط أحمر". ربما يزج اردوغان مرتزقته ليتأكد من مدى جدية مصر في قرارها ولكن أعتقد انه لن يمد رجليه أكثر من امكانياته إن هو رأى أن الجدية المصرية في مكانها. وكأن غيره من الديكتاتوريين أعقل منه في هذا الاستكبار، لكن جبروتهم لم يشفع لهم بأن لا يفشلوا ويكونوا عبرة لغيرهم. هتلر حاول أن يحتل العالم على أساس عرقي وديني مثله مثل اردوغان الآن، وعاقبة اردوغان لن تكون أفضل مما كانت لهتلر، لكن هل يتعقل الطغاة قبل أن تقع "الفاس بالراس" كما يقال.