الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الكل ناجح.. ويرفع إيده!


الكل استفاد من "فاكهة" نتائج الثانوية العامة فى ظرف "كورونا" الاستثنائى .. وزارة التربية والتعليم تلقت الإشادة ورُفعت لها القبعة لقدرتها على إدارة الامتحانات وسط إجراءات احترازية وجهود أمنية لمنع وقوع إصابات جديدة أو كوارث محتملة لأبنائنا، وبالفعل نجحت فى المهمة رغم ثغرات مستوى الأسئلة وأسلوب التصحيح وتقدير الدرجات .. والطلبة الأوائل الصاعدون من بيئة المدارس الحكومية الذين أثبتوا جدارتهم بالمجموع المشرف وتبوأوا مرتبة رفيعة على مستوى الجمهورية، وكان من نصيبهم منح دراسية من الرئاسة لإضافة الكثير إلى مخزون خبراتهم وتوسيع مداركهم وتنمية مهاراتهم استعدادا لحياة جامعية أرقى وأكثر جودة تعليمية.
واستفاد أيضا أبناؤنا من أصحاب نسب النجاح المتواضعة لعبورهم محنة الثانوية العامة فى ظل أكثر من ٦ أشهر فى عزل صحى ومنزلى عن الحياة وسناتر الدروس الخصوصية والاتصال المباشر مع المدرسة وأساتذتهم داخل الفصول .. وأفرزت التجربة بداخلهم التحدى الكافى وطاقة الإصرار على اجتياز الامتحانات لغلق هذا الملف نهائيا، وفتح صفحة أخرى فى مشوارهم التعليمى مع أسوار الجامعة والدخول فى مرحلة النضج العاطفى والعقلى .. ولم يعد مُهمًا الحصول على أعلى مجموع للالتحاق بكليات القمة وإرضاء الأهل والأحباب، وإنما هو إنهاء هذا الفاصل من حياة الأسرة المصرية، وتخفيف الضغوط النفسية والاجتماعية والمادية عليها بانتقال الطالب إلى عالم جديد يشق منه طريقه نحو مستقبله العملى ويرسم حياته بما يتناسب مع إمكانياته وطموحه فيحقق ما يفوق حلمه بـ "المجموع الكبير"!.
وكل أولياء الأمور باختلاف طبقاتهم ودرجاتهم العلمية، تنفسوا الصعداء بإسدال الستار على "ثانوية ٢٠٢٠"، وعليهم أن يمتصوا مشاعر أبنائهم ويتفاعلوا مع حقائق أرقام النجاح دون تهويل أو تهوين .. بمعنى أن الأولاد الآن صاروا شبابا وآنسات، ويتعين على الآباء والأمهات أن يتعاملوا مع رغباتهم وأفكارهم بهذا المقياس التربوى .. وبمجرد بدء العام الدراسى القادم على أى وضع أو نظام، يجب أن تتوفر الثقة ومساحة الحرية لأبنائنا وهم يعيشون حياتهم داخل الحرم الجامعى وفى إطار علاقات مفتوحة مع زملائهم وأساتذتهم وأسلوب تحصيل العلم والتعاطى مع المراجع والمناهج والمحاضرات اليومية .. فقد بدأت حقبة الاعتماد الكامل على النفس وتكوين الشخصية وقيادة السلوك وتهذيب التصرفات مع قضاء ساعات طويلة من أول النهار وحتى آخره مع نفس الوجوه والملامح طوال ٤ سنوات متصلة .. ولقد انتهى عهد نصائح وإرشادات الأب ومراقبة ومتابعة الأم، وانطلق عهد المسئولية الرشيدة والصداقة الواعية بين الأب وابنه، والأم وابنتها، والأشقاء فيما بينهم .. وما أجملها من فترة تبنى الأجيال ويتطور عقل الطالب والطالبة فى دورة تدريبية عظيمة ومفيدة على سوق العمل والحياة العامة.
ولم يتبقَ من زُمرة الفائزين فى سباق هذا العام سوى المدرس .. المعلم الأول .. الدينامو المُحرِّك للعملية التعليمية ومحور تنمية الإنسان .. وإذا كان أوائل المتفوقين قد نالوا التكريم المُستحَق وجائزة التميز، فهذا حق أيضا بالأحرى للمدرسين الذين سهروا على تلقينهم المعلومة وتدريس المواد فى أمانة وشرف وعدل .. حق لمن وقف فى الفصل أمام "السبورة"، وأمسك بـ "الطباشير"، وشرح الدرس وارتبط بأعصاب ومخ الطالب ليعلمه الحرف والكلمة والإجابة الصحيحة عن أى سؤال مهما بلغت صعوبته .. حق لـ "فرسان" المدارس الحكومية الذين يحرثون فى البحر ويصنعون من إرادة وتطلعات "تلميذ الحكومة" بكل مشاكله وأزماته ومتاعبه لوحة شرف وبصمة إبداع ودرجة نهائية على كل شهادة .. وأبسط ما يمكن أن تُكرِّم به الدولة "مدرس الأقاليم" هو تحسين  راتبه المُشوَّه والارتقاء بمستوى معيشته وشموله بالحوافز الاستثنائية والمكافآت الخاصة الثابتة اعترافا بفضله وإتقان واجبه، بعد أن صعد بطلابه إلى القمة متقدمين  على نظرائهم فى المدارس الخاصة و"الإنترناشونال" ذات الأرقام الفلكية الزائفة .. ومؤكد أن "معلم الأجيال" فى الصعيد والمناطق النائية هو أكثر الرابحين من واقع نتائج من سقاهم علما والتزاما، ولكى يستمر فى عطائه ورسالته يجب أن يتحصن بمنح دراسية مماثلة من الجهات الرسمية للحفاظ على مستواه والارتقاء بأدائه المهنى والتعليمى .. وهذا المدرس يحتاج إلى السفر خارج الحدود والاتصال بدوائر وتجارب التعليم المتقدمة فى بعثات دورية ومنظمة على مدار العام ليعود إلى مدرسته وفصله وتلاميذه مُسلَحا بأكثر وسائل العلم والتدريس قوة وإنتاجا .. وليواصل دوره التاريخى فى بناء "عقول الصغار" .. أصل أى حضارة .. وكنز كل أمة!.


                 

         

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط