الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

المياه في مواجهة الفساد.. "سد بسري" أزمة جديدة تنتظر الشعب اللبناني

سد بسري
سد بسري

في قرار مُحزن للبعض وسار للآخر، أعلن البنك الدولي عن إلغاء 244 مليون دولار من الأموال لمشروع سد بسري في لبنان بعد إثارة مخاوف متكررة بشأن المشروع منذ يناير الماضي، مؤكدا أن الحكومة اللبنانية أخفقت في الرد على تساؤلات بشأن خطة تعويض بيئي وترتيبات لتشغيل وإدارة السد.

يأتي القرار بعد أسابيع فقط من إطلاق مستخدمي إنستجرام اللبنانيين حملة على الإنترنت تنتقد البنك بعد نشره منشورًا يسلط الضوء على التزامه بوقف الفساد.

"سد الخلاف" هكذا يمكن وصف سد بسري اللبناني، نظرا للخلاف حوله من قبل اللبنانيين، الذي انقسموا ما بين مؤيد يرى أن المشروع سيوفر المياه لمنطقة بيروت الكبرى وجبل لبنان حيث يعيش حوالي نصف سكان لبنان، ومعارض يرى أن المشروع يشوبه الفساد ويقضي على القيمة التراثية والطبيعية للمنطقة.

لم يكن الجدل المُثار حاليا وليد اللحظة، حيث عصف الجدل بمشروع سد بسري منذ اقتراحه في عام 1953، كما تجدد عند انطلاق المشروع في عام 2014 بعد أن وافق مجلس الوزراء اللبناني على قيادة البنك الدولي للمشروع في إطار مشروع زيادة إمدادات المياه في لبنان.

تمويل البنك الدولي

تبلغ التكلفة الإجمالية للسد 617 مليون دولار، كان من المقرر أن يقدم البنك الدولي 474 مليون دولار، حيث كان من المتوقع أن يكتمل السد بعد خمس سنوات من تاريخ توقيع عقد البناء، لكن لا يزال السد غير مبني في حين دفع البنك الدولي 244 مليون دولار من إجمالي التمويل.


في أبريل الماضي، جمد البنك الدولي تمويله لتسهيل الحوار مع المواطنين ومجموعات المجتمع المدني المعارضة للمشروع، حيث أصرت المجموعات على أن السد سيكون له آثار بيئية وبيئية سلبية طويلة الأمد، فضلًا عن تدمير عشرات المواقع الأثرية في وادي بسري.


قبل استقالتها في يوليو، تقدمت حكومة رئيس الوزراء حسان دياب بطلب لتمديد مهلة 22 يوليو، التي حددها البنك الدولي لاستئناف البناء لمدة ثلاثة أشهر، لكن لم يُمنح سوى ستة أسابيع أخرى حتى 4 سبتمبر.


وفي بيان صدر أمس الجمعة، قال البنك الدولي إنه أخطر الحكومة اللبنانية بإلغاء الأموال، حيث يسري القرار على الفور، مؤكدا أنه شدد مرارًا وتكرارًا على الحاجة إلى "عملية استشارية مفتوحة وشفافة وشاملة".


كما لم تحقق الحكومة اللبنانية شروط البنك الدولي والتي تتضمن إعادة التشجير والحد من مخاطر الحرائق، والانتهاء "من وضع ترتيبات التشغيل والصيانة" و"تواجد المقاول في موقع العمل" في الرابع من سبتمبر.

لماذا لا ؟

"نطالب بوقف جميع التمويلات الخاصة بمشروع سد بسري في لبنان.. هذا مخطط دبره سياسيون لبنانيون فاسدون لسرقة المزيد من الأموال في جيوبهم.. مشروع سد بسري هو كارثة مالية وبيئية ستخيف البلاد لسنوات" هكذا علق مستخدم ومقدم البودكاست اللبناني معين علي جابر.


كما كتب أبراهام هلال، مستخدم آخر: "قبل أن تقدم أي تمويل لأي مشروع في لبنان، تأكد من أنك تفهم أنه في ظل الإطار السياسي الحالي، فإنك تمول الفساد".

وتقول الحكومة إن السد سيساعد لبنان في حل مشكلة نقص المياه المزمنة، لكن المحتجين قلقون بشأن الأثر السلبي للمشروع، الذي قد يدمر منطقة غنية بتنوعها البيولوجي والتاريخي والأثري.

وقاد الثوار حملة طويلة الأمد ضد المشروع الممول من البنك الدولي، والذي من شأنه أن يلحق أضرارا جمة بوادي بسري والغابات الكثيفة والأراضي الزراعية، فضلًا عن عدد كبير من المواقع التراثية.

ولم يرفع الناشطون وأهالي المنطقة الصوت عاليا فقط خشية على المزارعين وعلى أراضهيم، بل خوفا من أن يحرك الصدع الزلزالي الذي يمر من المنطقة وتسبب عام 1956 بزلزال بقوة ست درجات على مقياس ريختر.

لماذا نعم ؟

يرى المؤيدون أن سد بسري سيحل مشكلة رئيسية يواجهها سكان لبنان منذ الحرب الأهلية وهي النقص الحاد والمزمن في المياه، فأكثر من 1.6 مليون شخص يعيشون في أنحاء بيروت الكبرى وجبل لبنان، من بينهم 460 ألف شخص يعيشون على أقل من 4 دولارات في اليوم، ستتوفر لهم المياه النظيفة.

وكان من المفترض ان يصبح ثاني أكبر سدود لبنان على أن تصل قدرة استيعابه الى 125 مليون متر مكعب ستتجمع في بحيرة تقارب مساحتها 450 هكتارًا.

هذا، وكتب جبران باسيل، رئيس التيار الوطني الحر الذي يتزعمه رئيس الجمهورية، والذي كان من أبرز مؤيدي المشروع، على تويتر "سيأتي يوم تطالب فيه الدولة اللبنانية ومعها كل أهالي بيروت وجزين وصيدا والشوف وبعبدا وعاليه بتمويل سد بسري"، مضيفا "ستظهر الحاجة للمياه، عندها لن ينفع البكاء، ولن يجدي إلا تأمين قرض جديد لنعود إلى نفس السد".

أزمة لبنان أولى

يدعو البعض إلى استخدام أموال البنك الدولي المخصصة للسد لإعادة بناء بيروت وتمويل برامج المساعدة العامة، لكنهم يشكون في أن النخب السياسية اللبنانية لديها خطط مختلفة.

وتمر لبنان بأزمة اقتصادية غير مسبوقة أدت إلى فقدان عملته الرسمية، الليرة، أكثر من 80 في المائة من قيمتها، ولا تزال البلاد في حالة اضطراب منذ أن بدأت الاحتجاجات الجماهيرية التي تندد بالنخبة السياسية - التي يُلقى عليها باللوم في الفساد والمحسوبية - تملأ شوارع بيروت ومدن أخرى في 17 أكتوبر.

في أعقاب التفجيرات التي وقعت في 4 أغسطس الماضي، تُركت بيروت مدينة مصدومة، حيث قُتل ما لا يقل عن 190 شخصًا وجُرح أكثر من 6500 وتشريد أكثر من 300 ألف شخص. 

وأصدرت نقابة مجلس أصحاب المطاعم والمقاهي والكباريه إحصائيات تشير إلى تضرر 1408 مؤسسات من أصل 2103 مؤسسات في منطقة بيروت الكبرى التي تضم الجميزة ومار مخايل والأشرفية.