الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

آبي أحمد يخوض اختباره الأصعب.. إقليم تيجراي يمضي إلى الانتخابات رغم أنف الحكومة الإثيوبية.. دعوات الاستقلال تتجدد بين القوميات.. ووحدة البلاد على المحك

رئيس الوزراء الإثيوبي
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد

جبهة تحرير شعب تيجراي تتمسك بإجراء انتخابات برلمان الإقليم ..الأربعاء
اتهامات لحكومة آبي أحمد بتأجيل الانتخابات بحجة مكافحة كورونا للبقاء في السلطة
جبهة تحرير شعب تيجراي: 
أي محاولة من الحكومة لعرقلة الانتخابات بمثابة إعلان حرب
آبي أحمد يصم أذنيه عن مطالبات القوميات بالحكم الذاتي


يتصاعد الخلاف بين رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والحزب الحاكم في إقليم تيجراي ذي الأهمية الاستراتيجية ، مما يثير مخاوف بشأن صدامات عسكرية داخلية، وتفكك ثاني أكبر دولة في إفريقيا من حيث عدد السكان.




وبحسب إذاعة "بي بي سي"، تدور التوترات حول قرار حكومة إقليم تيجراي بالمضي قدما في تنظيم انتخاباتها الخاصة لبرلمان الإقليم يوم الأربعاء المقبل، في تحد غير مسبوق للحكومة الفيدرالية التي قررت في وقت سابق من هذا العام تأجيل الانتخابات البرلمانية في عموم البلاد بحجة إتاحة الفرصة للحكومة لمكافحة فيروس كورونا.


وقال حقوقيون إن حوالي 9000 شخص اعتقلوا في إثيوبيا خلال الاشتباكات الدامية التي أعقبت مقتل المغني هاشالو هونديسا في يونيو الماضي، ما أثار مخاوف من احتمال عودة الحكم الاستبدادي الذي وعد آبي أحمد بإنهائه عندما تولى منصبه في 2018.


وكانت حزب جبهة تحرير شعب تيجراي الحاكم لإقليم تيجراي قد وقف موقفًا صادمًا لآبي أحمد وحكومته عندما رفض الامتثال لقرار تأجيل الانتخابات البرلمانية، وأعلن المضي في إجراء الانتخابات لبرلمان الإقليم، في تحد يشكل اختبارًا عسيرًا لقدرة آبي أحمد على فرض السيادة السياسية والإدارية للحكومة الفيدرالية على كامل أراضي البلاد دون اللجوء لقدر كبير من العنف يهدد بإحياء نزعات انفصالية لدى القوميات الممكونة للشعب الإثيوبي.

وتصر جبهة تحرير شعب تيجراي على أن ولاية آبي أحمد يجب أن تنتهي هذا الشهر مع نهاية الدورة البرلمانية، وأن تأجيل الانتخابات التي كان من المفترض إجراؤها في أغسطس يشكل انتهاكًا للدستور الغرض منه استمرار بقاء آبي أحمد في السلطة بشكل غير شرعي.

وأثار قرار حزب جبهة تحرير شعب تيجراي المضي في إجراء الانتخابات في موعدها رغمًا عن الحكومة الفيدرالية مخاوف بشأن تمهيد هذه الخطوة الطريق للانفصال التام عن السيادة الإثيوبية وإعلان إقليم تيجراي دولة مستقلة.

وتنفي جبهة تحرير شعب تيجراي وجود أي نوايا انفصالية لديها، لكنها أكدت أنها ستدافع بكل قوة عن الحكم الذاتي للإقليم، وستعارض ما وصفته بمحاولة آبي أحمد بناء دولة ذات سلطة مركزية أحادية.

وقال حاكم إقليم تيجراي ديبريتسيون جبريميكائيل الشهر الماضي "لن نستسلم لأي شخص ينوي قمع حقنا في تقرير المصير والحكم الذاتي"، وجاءت تصريحاته بعد أيام قليلة من عرض عسكري نظمته قوات أمن إقليم تيجراي بأسلحتها، في رسالة تفيد بالتمسك بالحكم الذاتي ورفض محاولة الحكومة الفيدرالية لفرض إرادتها على الإقليم.

أما الحكومة الفيدرالية، فردت على موقف جبهة تحرير شعب تيجراي بالإعلان أن انتخابات الإقليم غير شرعية ولن يتم الاعتراف بنتائجها، وأن اللجنة الوطنية للانتخابات هي الجهة الوحيدة المخولة سلطة تنظيم الانتخابات في البلاد.

ومع ذلك، استبعد آبي أحمد إرسال قوات فيدرالية إلى إقليم تيجراي لوقف الانتخابات، قائلا إنه سيكون من "الجنون" القيام بذلك، لكن مؤيدين متشددين لآبي أحمد، بينهم الجنرال السابق بالجيش كاساي تشيميدا، دعوا إلى التدخل العسكري في تيجراي لبسط سيادة الحكومة الفيدرالية.

وتقول مجموعة الأزمات الدولية إن بعض المسئولين الفيدراليين طرحوا إمكانية الانتقام من جبهة تحرير شعب تيجراي من خلال اتخاذ إجراءات "عقابية" ضد حكومة الإقليم، مثل حجب المنح المالية التي تشكل نحو نصف ميزانية الإقليم.

وردًا على دعوة الحكومة الفيدرالية لعقد اجتماع اليوم السبت لمناقشة انتخابات برلمان إقليم تيجراي، حذرت حكومة الإقليم من أنها ستعتبر أي قرار للحكومة الفيدرالية بوقف أو عرقلة الانتخابات "يرقى إلى إعلان حرب".

وبمرور الوقت، تتصاعد نغمة المطالبة بالاستقلال الذاتي بين القوميات المكونة للشعب الإثيوبي، مثل الأورومو والتيجراي وولايتا، إلى حد استدعى تدخل الاتحاد الأفريقي للوساطة بين الحكومة الفيدرالية برئاسة آبي أحمد وجبهة تحرير شعب تيجراي.

ولا تكاد مطالبات قومية ولايتا جنوبي البلاد بالاستقلال الذاتي تهدأ حتى تنبعث من جديد، وأصبحت هذه المطالبات أعلى صوتًا منذ ديسمبر 2018، عندما حصلت قومية سيداما المجاورة على الحكم الذاتي بموجب استفتاء لتشكيل ولاية مستقلة.

وينص الدستور الإثيوبي على حق أي قومية في تشكيل ولاية مستقلة خاصة بها، وفي ديسمبر 2018 صوت مجلس نواب منطقة ولايتا بالإجماع لصالح تشكيل ولاية مستقلة وقدم مطالبته بذلك رسميًا إلى الحكومة الفيدرالية، لكن الأخيرة تجاهلت الطلب، وردًا على احتجاجات حاشدة اعتقلت السلطات الإثيوبية العشرات من مسؤولي المناطق والأعضاء المنتخبين في مجلس نواب ولايتا، وقادة الأحزاب السياسية والجهات الفاعلة في المجتمع المدني.

والملحوظ بوضوح أن عنفًا متصاعدًا يجتاح إثيوبيا منذ تولي آبي أحمد منصبه، فليس الشعب الإثيوبي وحده هو المنقسم على نفسه، وإنما طالت الانقسامات النخبة الحاكمة ذاتها، التي أسبغت المشروعية والقبول على قيادة آبي أحمد في البداية.

وحتى الآن لا يتجاوز موقف آبي أحمد من العنف الأهلي دعوة الشعب الإثيوبي إلى صم آذانه عمن يحاولون بث الشقاق بين مكوناته، لكنه لم يبذل جهدًا كافيًا لينأى بنفسه عن نشطاء متشددين من الأورومو يبدون قريبين منه أكثر من اللازم، ما أكسبه سمعة سيئة عن التحيز لإثنيته.

وفي خضم هذه التطورات المتلاحقة، تبدو وعود آبي أحمد بخصوص المصالحة الأهلية نسيًا منسيًا، فيما ينغلق شيئًا فشيئًا المجال السياسي الذي رافق انفتاحه انتخاب رئيس الوزراء الإثيوبي، بالتزامن مع عودة السجون لاستقبال المعارضين السياسيين.