الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

بين الغربة والعودة في التسعينات.. سمير سرور مشوار مزيكاتي عابر للأجيال.. الحلقة الثانية

سمير سرور مشوار مزيكاتي
سمير سرور مشوار مزيكاتي عابر للأجيال

النجاح الذي حققه خلف العندليب الأسمر، وانضمامه للفرقة الماسية، كان له الفضل في ازدياد شهرة عازف الساكس سمير سرور والعزف وراء كبار الفنانين والفنانات، وأداء أشهر الراقصات على أنغامه أمثال سامية جمال وزينات علوي وزيزي مصطفى، إلا أن التناغم الحقيقي كان مع حليم الذي كان يعطيه مساحة كبيرة في حفلاته لإبراز موهبته، حتى أنه في إحدى المرات أطلق عليه أحد الحضور في حفل تونس "عاشق الساكس" الاسم الذي اشتهر به من شدة إعجابه به بعد أن أعاد العزف أكثر من مرة.


لكن شدة مرض العندليب كانت بمثابة رعب للفرقة، التي كانت تعتبر نفسها عائلة واحدة وتعدت علاقتهم كعازفين بمطرب كبير، فكانت رؤيته وهو جالس على كرسي متحرك خلال البروفات تؤثر فيهم سلبًا برغم إصرار عبد الحليم على الاستكمال، ويقول نجله أحمد: "عندما مرض حليم سافر والدى إليه فى لندن أكثر من مرة لرؤيته، وفي آخر مرة كان في فرنسا وذهب إلى المدينة البريطانية لكن لسوء الحظ وصل متأخرا وعلم بنبأ رحيله هناك قبل أن يراه للمرة الأخيرة ويودعه ليعود إلى مصر، ويقيم عزاء في منزلنا بالجيزة، حيث كانت الناس تأتي لتقدم العزاء لأبى".



وبعد سنوات من القرب والفرحة، كانت أول مرة يعيش سرور حالة من الحزن والعزلة، وعقب مرور هذه الفترة الصعبة التي عاشها خاصة مع ثقل العزف المنفرد في غياب العندليب، قرر سمير أن يتوجه إلى لندن ويعيش هناك أكثر من عام، ويبدأ في استئناف حفلاته التي كان يقدم فيها أشهر الأعمال لعمالقة الغناء هناك، ليلتقي ذات مرة بالفنان الشعبي كتكوت الأمير الذي تبدل حاله من عازف إيقاع وراء السيدة أم كلثوم، إلى مطرب شعبي محبوب، لكن الحديث كان قصيرا إلا أنه كان بمثابة تحول جديد في حياة "عاشق الساكس".

وبعد العودة إلى مصر، كّون سرور فرقة خاصة به بعنوان "روائع الساكس الذهبي"، والتي حققت نجاحًا كبيرًا لأنها أحيت أغاني الزمن الجميل للجمهور، بعد أن سيطرت الأغنية الشعبية على الكلاسيكية في نهاية السبعينيات، وأصبح الجمهور يحب لونًا جديدًا ويدندن أغاني لـ أحمد عدوية وكتكوت الأمير، وفي أحد الحفلات الخاصة، تقابلا الاثنان مجددا وطلب كتكوت من سرور أن يشاركه هو وفرقته العمل سويًا وبالفعل تعاونا معا وحققا على مدار سنوات نجاحا كبيرا، حيث كان يعزف سمير أغاني عملاقة الفن قبل صعود الأمير على المسرح، كوفاء للعهد وحبه واحترامه لعمالقة الغناء.

وبعد ذلك، عُرض عليه إنتاج شريط كاسيت بعنوان "روائع الساكس الذهبي"، والذي تضمن أغاني لأم كلثوم وعبد الحليم ووديع الصافي وفريد الأطرش وشادية، ونجح هذا الألبوم، إلا أن سفره الدائم للدول العربية لإحياء الحفلات جعلته يقف عند هذا التعاون في مصر، وبعد جولة عربية أخرى في المغرب وتونس، عاد إلى العمل مع كل من الفنانين أحمد عدوية وعبده الإسكندرانى والراقصات سحر حمدى وفيفي عبده وسهير ذكى، فاقتصر عزفه في الحفلات والفنادق.


وفي أواخر الثمانينات وبداية التسعينيات، بدأ عازف الساكس يظهر من جديد بشكل آخر بعد مشوار كفاح وخبرة برغم اغترابه في الدول العربية والأجنبية، ليتعاون مع المطربين الشباب الذين ظهروا بسرعة وانتشروا بشكل كبير في تلك الفترة، حسبما قال أحمد سرور "عند سماعك لأي أغنية في هذا التوقيت ستجد أبي وساكسفونه بها"، ومن أبرز هؤلاء الفنانين، الهضبة عمرو دياب الذي كان سرور من أبرز العازفين في فرقتة الموسيقية، وقدم معه عددًا من الأغاني مثل "ضحكة عيون حبيبي"، "ما بلاش نتكلم في الماضي"، "حبيبي"، و"صدقتني"، كما تعاون مع عدد كبير من مطربي هذا الجيل فقدم "كامننا" مع محمد فؤاد، "هنحب أيامنا" لـ مصطفى قمر، "لتاني مرة" مع أصالة، "أكتر من كده إيه" إيهاب توفيق، "مش عارف ليه مشغول بيكي" هشام نور و"يا خوفي" لـ ذكرى وحمادة هلال في "الأيام"، كما تعاون مع جيل الوسط مثل ميادة الحناوي في "يا شوق يا شوق" وهاني شاكر في "ادفعلك عمري" و"أنا عين لحبيبي"، ومع الفنانة وردة الجزائرية التي سعد بالعزف معها والعودة معها إلى ذكريات جيل العمالقة، فقدم معها "ارجع لحياتك"، و"هسهرك".

وكان يضع سمير سرور لمساته على الأغاني، بعد الاستماع إلى اللحن، ليسجل الصولو الخاص به في الاستوديو مع المغني أو المغنية، وبسبب كثرة سفره جعله لا يظهر في أي فيديو كليب، ما عدا فيديو كليب أغنية "جاي في إيه" للفنانة نادية مصطفى والذي ظهر فيه دون الاستعانة بشخص آخر.


لكن النجاح الأكبر كان في 1998، عندما أصدرت شركة فري ميوزك للإنتاج الفني لصاحبها المخرج نصر محروس، الذي صنع شهرة سرور مجددا، بعد أن التقى به وطرح عليه فكرة إعادة صياغة أغاني الزمن الجميل بألة الساكسفون ولكن بأسلوب يناسب الجيل الحالي، وفعلا كانت فرصة مهمة حقق من خلالها سمير  حلم عمره وهو رد الجميل للعمالقه الذين عمل معهم بعد فترة كبيرة، وتم إصدار أول ألبوم من "عاشق الساكس"، والذي نجح نجاحا باهرا، لكن مدير الرقابة وقتها قرر سحبه من الأسواق بسبب مشكلة إعادة توزيع أغاني الموسيقار كمال الطويل، والمس بحقوقها، إلا أن الأمر تم حله بعدها بعد تقديم تظلم والتنازل من الملحنين عن الأغاني، وتم إنتاج 5 ألبومات منه نجحت جميعها وتصدر الألبوم الأول المركز الأول بين الألبومات، كما تم تصوير كليبات خاصة به مثل "على قد الشوق"، و"بعيد عنك".


وعن التعاون بالصدفة مع الفنان العراقي كاظم الساهر، يقول نجل سمير سرور: "قبل يومين من حفل سيقدمه كاظم في ليالي التليفزيون، اتصل المايسترو خالد فؤاد بوالدي، وطلب منه أن يقدم صولو لأغنية "لك وحشة" فذهب إليه واستمع إلى الأغنية والصولو، ويوم الحفل قال لي اتفرج وشوف هاعمل إيه.. وبالفعل قدم والدي صولو أعجب به كاظم الساهر بشدة".

وبالإضافة إلى ذلك، شارك سرور في عزف تترات المسلسلات كان أبرزها مسلسل "لن أعيش في جلباب أبي" الذي لا تزال موسيقاه التي تحتلها ألة الساكسفون، من أشهر تترات الدراما المصرية.

وبذلك كانت التسعينيات من أفضل الأوقات التي عاد بها سرور للشهرة مجددا، وحقق من خلالها نجاحا باهرا حتى أواخر أيام حياته، إذ استمرت رحلة عطائه للفن حتى أوائل 2003، بعدها تعرض لوعكة صحية شديدة بسبب إصابته بجلطة في المخ، أثرت عليه، ليرحل في 31 مايو 2005.

وبسبب اغترابه الدائم عن مصر، لم يسعف أبناء عاشق الساكس "آمال وأحمد ومحمد ورضا وسعيد"، الحظ بالتدرب على يد والدهم، لكنهم تعلموا منه أشياء بسيطة لفهم الموسيقى بطريقة صحيحة، فيما لا يزال الساكس الخاص به موجود في متحف بفرنسا خاص بشركة "سلمر" كبرى الشركات التي تصنع الساكس فى العالم، حيث طلبوه لوضعه تحت عنوان "ساكس أشهر العازفين الشرقيين فى العالم"، ومنحوه بدلا منه آخر من نوع حديث، لأنها كانت تعرف قيمته وتعتبره من أهم العازفين فى العالم.

وفي الصور التالية نعرض لكم بعض الذكريات الخاصة بـ سمير سرور وبعض تدويناته ومذكراته وإهدائات الفنانين له.