الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نيفين عباس تكتب: «بين شعور لا يُحكي ولا يُكتب»

صدى البلد

"بكيت حتي جفت دموع عيني"، كان هذا لسان حال كل شخص شعر للحظة بمرارة القسوة والحرمان من أقرب الناس إليه، إنها صفعات الخذلان والإنكسارات المتكررة التي لا تتوقف، خيبة تلو الأخرى ليصل الشخص بالنهاية إلي طريقين لا ثالث لهما، الأول هو طريق الضياع والتشتت، فيصبح إنسانا ضائعا، مريض بالخوف من التعامل مع الأخرين، أو شخص وضع كل الخيبات تحت قدمه ليرتفع بها علي سلم النجاح وكانت بمثابة الدافع له لكي يتخطي كل ما ألمه يوم وكأنه لم يكن، فلا أمل في إصلاح قلوب ممتلئة بالحقد والكراهية سوي تخطيها بالنجاح عليها، فكثرة الألم سيخلق منا إما شخص أخر يصعب انهزامه أو إنسان تعذب حتى تخدر من شدة الألم...

إذا أراد الإنسان الانتصار لنفسه، فعليه بتغيير نظرته للأشياء والمواقف، لا النظارة التي يري من خلالها العالم بشكل أوضح قليلًا، فالنظرة هي التي تفسر الدافع الحقيقي للأفعال أما النظارة لا تسمح سوي برؤية بعض التفاصيل الصغيرة للأشياء لا أكثر.

هناك أحاسيس تجاوزت الكتابة والقلم، فلم يعد هناك مجال يمكن أن يشرحها ولا قلب يمكن أن يستوعبها، نصبح كمن يعيد المحاولة مئات المرات بحثًا عن ملجأ في قلوب الأخرين ليحتويه لكن دون جدوي، ففي الحياة خلقت قلوب فقيرة جدًا بالعطاء بإستطاعتها إستنزاف الآخرين حولها دون أي شعور بالذنب، فالمشاعر والأفعال تجعلنا إما نضئ أو ننطفئ.

مع مرور الوقت سنظل نسامح حتي نكره، سنظل نغفر حتي نقتص، سنظل نتجاوز حتي نتذكر كل اللحظات التي كنا نرسم فيها جمال البدايات وهم يخططون لبشاعة النهايات.

لا يوجد أقسى من الشعور بالغربة وسط الأحباب، حين تجبرك الأقدار على التعايش مع واقع وأناس لم يشعروا تجاهك بعذاب الضمير من قبل، والأشد قسوة من ذلك حين يقف الجميع ليشاهدك وأنت تسقط دون أن يحرك ساكن، تتحول بالنهاية إلى غريق يطفو على سطح الماء لم يجد يدًا للعون تمتد إليه.

فى كثير من الأحيان تكون الوحدة خيرٌا لنا من الاختلاط بالبشر، فالاقتراب يجعلنا نزداد كرهًا وغربه وتوحشًا، لأنه يجعلنا نرى الأشياء أكثر وضوحًا، يكشف لنا أوجه الحقائق، نتيقن من التفاصيل التى كنا نخشى التفتيش عن حقيقتها طوال الوقت، تلقى بنا الأقدار إلى الهاوية لنصبح كأوراق تعبث بها الرياح، نظل مُجبرين مضطرين على تقبل أشخاص لم يطلبوا أو يطالبوا لنا بالرحمة، نتحول بالنهاية إلى أعداءً تعيش تحت سماء واحدة، تصبح قلوبنا كمنزل لا تدخله الشمس، أو منزل يمسك فيه أصحابه بتلابيب بعضهم البعض فى مشهد يشبه فى بشاعته صراع قابيل وهابيل.

يقول فيودور دوستويفسكى "كلما كانت الليلة أكثر قتامة كلما كانت النجوم أكثر إشراقًا، كلما كان الحزن أعمق كلما كان الله أقرب" لا أحد بالنهاية سيعرف حجم المعركة التى خضتها مع نفسك كي تصل إلى قناعة ترضى قلبك بأنه لا يوجد ما يستحق المعاناة من أجله، إعلموا جيدًا يا أصدقائي أن هناك لحظات فارقة فى حياة الإنسان ستحوله من شخص سعيد إلى شخص يتصف بالجمود لا أحد يدرك أسراره ولا الضجيج الذى يدور بداخله أو العكس، فكل الأيام بحلوها ومرها ستمر وستتبدل الظروف والأقدار.

وبين هذا وذاك سيجد الإنسان أنه لم يعد يشبه نفسه فى كثير من الأوقات كالسابق، لأنه سيكون مضطرًا في بعض الأحيان لبناء وجهٌ جديد يستطيع به مواجه تقلبات الحياة الموحشة من حوله.