الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العناتيل والضحايا


مصطلحات فى غير محلها يروج لها الإعلام حينما يتناول قضايا العلاقات غير الشرعية بين ذكر وأنثى، ولا يعتد بالوصف القانوني أو المجتمعي أو الديني والقيمي لها.


بين الحين والآخر تظهر فيديوهات لرجل ما، مع عدد من النساء يتباهى بفحولته وتصويره لهن، فيسميه الإعلام "العنتيل"، ولو أن إحداهن حضرت إليه برضاها يلقبها الإعلام بـ"الضحية"، ودون انتظار لتحقيقات قضائية يصنفهما المجتمع المحافظ التقليدي ضمن ممارسى "الزنا"، بعيدا عن مصطلح "الرذيلة" الذي يصنف به فعلهما المشترك على صفحات المواقع الإخبارية.


وجريمة الزنا لا تثبت بحق "سيدة" دون بلاغ رسمي من زوجها وحده، وما يقترن بفتاة من فعل مماثل لا ينطوى على جريمة كهذه، ولطالما كان "البغاء" فى تعريف القانون هو "ممارسة الجنس مع ذكر دون تمييز ولقاء أجر وبشرط التكرار"، فلسنا أمام جريمة فى علاقات مفتوحة تنقلها مواقع إلكترونية، ربما تكتفى التشريعات بتوجيه تهمة نشر أفعال إباحية عنها.


أوراق تحقيقات قضايا عديدة للعناتيل والضحايا المزعومات، ربما تحتوى على سير متزوجين ومطلقين ومن لم يسبق لهم الزواج، من الجنسين، دون أن ينتبه كثيرون إلى أين تسير أخلاقيات مثل هؤلاء من أفراد المجتمع، خاصة إذا ما أدركنا خطورة تشريعات قضت على استقرار الأسرة وجلبت الخراب عليها، وحطمت حقوق أطراف بعد الطلاق فى رعاية أطفالها والاطمئنان عليهم، بينما القانون ينتصر مسبقا لأحد هذه الأطراف الذي تروج كيانات نسوية إلى أن امتيازاته المجانية "مكتسبات" لا تفريط فيها، وإطلاقا؛ لن يكون هناك حق لطرف غير حاضن فى رعاية أو متابعة واقع يعيشه الصغير مكرها مجبرا فى ظل طرف حاضن ربما ينحرف بسلوكه فيهدم فرصة تنشئة طفل فى مناخ تربوي قيمي سليم.


لم أفهم من فيديوهات العناتيل والضحايا المزعومات حقيقة أن انحلالا أصاب فئة من الذكور والإناث وحدها، بل تمتد الخطورة مع فهمي لها؛ إلى كون هذه الفضائح فى مجتمع بات الطلاق فيه أسهل من الخروج من دورة المياه، وإضاعة النشء أكثر إقناعا للفاعل المستبيح تصرفاته بحماية تشريعات منقوصة بالية.


كم من رجال شهدناهم يعانون جراء شبهات أحاطت بضحايا مزعومات "مثلا" ظهرن فى وقائع كهذه، وكم من نساء محترمات أضرن وأبناؤهن نفسيا ومجتمعيا جراء سلوكيات ذكور تباهوا علنا بفحولتهم الشاذة فى علاقات غير سوية، وفى النهاية ننقل إلى المجتمع التفاصيل على غير حقيقتها وكأننا ندعوه لتقبل هذا الواقع بروح المهزوم قبل لعب مباراة أو مشاهدتها.


لسنا فى محل نقاش حول أسباب تفشي ظاهرة العناتيل والضحايا المزعومات، ولا تبرير لأفعالهم بغياب مؤسسات تعليمية وإعلامية ودينية وغيرها، لكننا أمام تساؤل أهم، لماذا لا نصف كل فعل كما نراه ونعيشه، كأن نقول عن الصدق والكذب والحق والباطل والخير والشر ما يقال فيهم دون تجميل أو تخفيف ألفاظ وتهيئة العقول لتقبل مصطلحات غيرها؟


هكذا الأمر فى إعلامنا؛ بحاجة إلى معالجة، وتشريعاتنا؛ بحاجة إلى تغيير جذري، ومحاكاتنا للنماذج المستنسخة من قوالب لا يلتفت إلى أصولها أحد الآن.


تلك المجتمعات التى روجت لمسميات العناتيل والضحايا، هى التى أنتجت قتلة "مريم" فى المعادي؛ وغيرها، وقتلة الطالب الشهم "محمود البنا" فى المنوفية دفاعا عن فتاة، ولو أن جرائم العنف المرتبطة بالهاجس الجنسي لا تنفصل عن عنف أكبر يدير عقول تلك الشريحة المنحرفة داخل مجتمعات تقبل الإعلام جرائمها بروح الدعابة، وقصرت التشريعات فى مواجهتها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط