الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العلوج في نهائي إفريقيا


 
ربما يتفهم القارئ معنى مغايرا لـ كلمة علوج لكن بادئ ذي بدء يتعين الاعتذار إلى صاحب تلك المقولة الشهيرة التي تم ترديدها في تسعينيات القرن المنصرم على لسان وزير الإعلام العراقي الراحل محمد سعيد الصحاف وبعد الفحص والتمحيص لمعنى الكلمة فى كافة أوراق المعاجم اللغوية تبين أنها تطلق على الرجل الشديد الغليظ والعلج في اللغة العربية هو الرجل الغليظ من كفار العجم والعلوج هي جمع علج وكل صلب وشديد من الرجال يسمى علج ويسمى الحمار الوحشي بالعلج لإستعلاج خلقه وغلظه.

القصد من وراء إطلاق وصف علوج قبل نهائى دورى أبطال إفريقيا كشف المتعصبين من كافة أطياف الجماهير المصرية بمختلف انتماءاتهم الذين يحرصون على الظهور قبل أي استحقاق قاري يكون النادى الأهلي أو الزمالك طرفا فيه رغبة فى إشعال مزيد من التطرف وزيادة التعصب بين الشباب من صغار الأعمار.

بالعودة إلى مباريات دورى أبطال إفريقيا إلى جانب نهائى كأس الكونفيدرالية نلمس مدى التعصب ووصول الأمر إلى مشاطرة عناصر لا تستحق إطلاق لقب مشجع عليها لكونها تخطت حواجز الروح الرياضية للفرق المنافسة العربية على حساب قطبي الكرة المصرية والوافد الجديد فى الظهور الإفريقي فريق بيراميدز وتمنى خسارة الأندية المصرية والإقصاء من البطولات القارية وذلك كل بمختلف انتمائه والمجاهرة بذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي بكافة أطيافها.

العلوج من جماهير الأهلي أو الزمالك أظهروا فرحة لدى دخول أي هدف مرمى قطبي الكرة المصرية أمام الفرق المغربية وكذلك وضوح الفرحة من جانب مشجعين يستحقون الحصول على الجنسية المغربية عن جدارة بعد خسارة فريق مصرى بحجم بيراميدز نهائى كأس الكونفيدرالية والتنمر على لاعبيه عبر فيسبوك وتويتر.

غابت الروح الرياضية وباتت المنصات الإلكترونية شعار المرحلة للعلوج لنشر التعصب وزيادة الاحتقان بين كافة أطراف المنظومة الرياضية والجميع ينتظر نهائى دورى أبطال إفريقيا بين قطبي الكرة المصري يوم 27 نوفمبر الجاري لكن لن يتم ترك الأمر من جانب العلوج يمر مرور الكرام دون إشعال الفتن وبدأت اللجان والصفحات القائم عليها أشخاص يفتقدون أبسط قواعد المهنية مبكرا فى نشر الآراء المثيرة للفتن بين جماهير القطبين وأغراضهم معروفة على رأسها أنهم لا يبحثون سوى عن التريند.

فى الزمن الجميل كانت جماهير الأهلي والزمالك تجلس فى المدرجات جنبا إلى جنب وكل يشجع فريقه دون الإساءة للطرف الآخر حتى لو اختلفت الانتماءات لكن الأمور تغيرت عقب المباراة التى تسبب الفلسطيني مروان كنفاني حارس النادي الأهلي آنذاك فى إلغاؤها بعد منحه الضوء الأخضر الى الجماهير للنزول إلى أرضية الملعب واشتعل الموقف فى المدرجات وكانت خناقة نجم عنها إلغاء لقاء القمة.

عقب تلك المباراة صدر قرار سيادي بفصل جماهير الأهلي عن الزمالك ووضع كل جمهور فى مدرج خاص به فى مباريات القمة ومن هنا بدأ التشجيع يأخذ مسارا آخر من جانب جماهير قطبي الكرة المصرية ووصل مداه فى عهد حسن حمدي الرئيس السابق للنادى الأهلى فى إحدى المباريات الخاصة بلعبة جماعية قام بعض عناصر الجماهير الحمراء بإشعال النيران فى جسد مشجع زملكاوى وتم نقله للمستشفى ولم يتم إيقاف تلك المهزلة التى كادت تتطور مداها إلا بعد زيارة رئيس الأهلي رفقة ممدوح عباس رئيس نادى الزمالك للمشجع الذي تم حرقه فى المستشفى.

إحدى الوقائع التي تم وأدها فى بدايتها فى لقاءات القمة وقبل انطلاق صافرة الحكم فى المباراة لاحظ محمود الخطيب نجم الفريق آنذاك أن هجوما ضاريا من الجماهير انصب على حسن شحاتة وما كان من بيبو إلا أن يستأذن حكم اللقاء الأجنبي وأمسك بيد المعلم متوجها به نحو المشجعين وطالبهم بمساندة حسن شحاتة وإيقاف الهجوم عليه ما ترتب عليه إنتهاء الأزمة.  

كرة القدم لعبة للاستمتاع وتغليب الروح الرياضية وليست خناقة هكذا رددها المايسترو الراحل صالح سليم عندما واجه الإسماعيلي نظيره النادي الأهلي في نهائي كأس مصر بين الفريقين على ستاد القاهرة بموسم 1997/1996 والتى لن ينساها عشاق الإسماعيلي خاصة وأنها انتهت بتتويج برازيل مصر بأول لقب في بطولة كأس مصر مع المدرب علي أبو جريشة.

اتحاد الكرة قرر آنذاك إقامة المباراة ليلا ما أثار غضب إدارة النادي الإسماعيلي وقتها برئاسة إسماعيل عثمان ورأى الدراويش أن إقامة المباراة ليلا سيصعب من تواجد جماهير الفريق بالقاهرة والعودة للإسماعيلية مجددا وهنا تدخل صالح سليم رئيس الأهلي وقتها وطالب بتنفيذ رغبة الإسماعيلي مراعاة لظروف سفر جماهيره وقال المايسترو وقتها : الحكاية مش خناقة إنما كرة قدم وطالما أنها كرة قدم فلابد من غالب ومغلوب ولابد من فريق سيحمل الكأس في النهاية، ولكن لا الفوز أو الهزيمة نهاية العالم أو آخر الطريق فلا تزال هناك مباريات كثيرة وبطولات أكثر قادمة وإذا كنت أود وأتمنى أن يفوز فريقي فإن ذلك لا يعني أنني سأتعامل مع الخسارة كما لو كانت فضيحة أو كارثة لي أو للنادي الأهلي ولابد أن أحترم رغبة جماهير الإسماعيلي في حضور المباراة". وأقيمت المباراة عصرا بعد موقف رئيس الأهلي وعقب فوز الإسماعيلي بكأس مصر أهدى إسماعيل عثمان رئيس الدراويش اللقب إلى صالح سليم، وذلك اعترافا بجميله ووقوفه مع النادي وإقامة المباراة نهارا.
   
فى الوقت الراهن مثلما يجب محاسبة من يحرض أو ينتهك خصوصية الآخرين أو يتلفظ بألفاظ نابية عبر وسائل التواصل الإجتماعي بكافة أطيافه يتعين أن يتم محاسبة من يقوم بتهييج الجماهير من القطبين أو العمل على زيادة الاحتقان الجماهيري أيا كان موقعه بإعتبار أن الرياضة أصبحت أمن قومي ولا نتمنى تكرار سيناريو بورسعيد والدفاع الجوى أو أية سيناريوهات تحمل ذكرى مؤلمة لأية عناصر جماهيرية لكونها بالنهاية كرة قدم لا تحتمل أن يخسر الأخ أخيه أو حدوث أي جريمة لا يمكن تدارك عواقبها.

أتمنى من وزير الشباب والرياضة تبني مبادرة لنبذ التعصب بين الجماهير المصرية وتشجيع فرقها وخروج نهائي القرن بين الأهلي والزمالك بنكهة الروح الرياضية ومباراة تليق باسم وحجم الكرة المصرية ويتعين تهدئة الأمور وعدم تغليب النبرة المتعجرفة والخاسر يهنئ البطل لأنها فى النهاية مباراة كرة قدم بين كبار القارة السمراء.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط