الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مراجعة فيلم Zack Snyder's Justice League 2021.. هل نجح زاك سنايدر في إرضاء جمهور الكوميكس؟

صدى البلد



بعد انتظار دام أكثر من 3 سنوات، طرحت شبكة HBO Max العملاقة النسخة المنقحة من فيلم فرقة العدالة Justice League، وهي النسخة التي حملت اسم مخرجها زاك سنايدر، بعد أن أعطته ورارنر تمويلًا ضخمًا بقيمة 70 مليون دولار لإعادة تنقيح النسخة القديمة التي طرحتها شركة وارنر عام 2017 ولم يستكملها سنايدر بسبب وفاة ابنته، لينتقل المشروع إلى المخرج جوس ويدون، والذي كان سببًا رئيسًا في فشله. 

منذ 2017 وحتى 2020، كان جمهور القصص المصورة وعالم DC يطالب شركة وارنر بطرح نسخة زاك سنايدر. استمرت حملات الضغط على الشركة بعد أن أطلق الجمهور هاشتاج بعنوان "أفرجوا عن نسخة سنايدر"، رضخت الشركة للجمهور وتحقق الحلم أخيرًا.. وأخيرًا سيشاهد جمهور الكوميكس وباتمان وسوبرمان ولأول مرة أبطال فرقة العدالة في فيلم جدي ظلامي يحترم ذكائهم.

وأخيرًا سيشاهدون باتمان تراجيدي وغير هزلي يحترم ويضاهي ظلامية أدب الكوميكس وسوبرمان بدون شارب معدل بالجرافيك وشخصيات ذات ثقل درامي وقصة محبوكة.. أهم قصة حتى الآن في عالم DC السينمائي الذي أطلقه سنايدر في 2011 بفيلم Man of steel. 

من شاهد النسخة الأصلية سيدرك مدى أهمية رؤية المخرج في عالم صناعة السينما. كان من الضروري لسنايدر أن يستكمل رؤيته لهذا العالم حتى يحقق نجاحًا على المستوى التجاري على الأقل في الوقت الذي استطاعت فيه شركة مارفل، المنافس العتيق لشركة DC تحقيق أرباح فلكية في شباك التذاكر من خلال عالمها السينمائي والذي شمل أكثر من 21 فيلم حتى الآن. 

نستطيع أن نجادل بأن قطاع كبير من جمهور الكوميكس لم يكن متفائلًا بهذه النسخة، أغلبهم لم يكن يريد لآماله أن تتحطم مرة أخرى، أغلبهم لم يكن لديه سقف توقعات عالٍ ولم يكن ينتظر شيئًا جديدًا من عالم DC السينمائي-باستثناء فيلم باتمان المنتظر للمخرج مات ريفز-وأغلبهم يعرفون أن زاك سنايدر مخرج متواضع ينزع دائمًا للاستخدام المكثف للمؤثرات البصرية والأسلوب الملحمي الذي يعتمد على الحركة بطيئة Slow motion، مثل فيلمه الشهير 300، وذلك على حساب أهم شيء في أي فيلم سينمائي، القصة والشخصيات. 

فهل نجح سنايدر في إرضاء جمهور الكوميكس؟ هل هذه النسخة أفضل من نسخة ويدون الكارثية؟ الإجابة بالتأكيد نعم. كل شيء في هذا الفيلم يختلف عن نسخة 2017، وذلك على الرغم من أن النسختين لهما نفس القصة: بروس وين/باتمان يجمع فريقًا من أبطال خارقين للدفاع عن الأرض من مخلوق فضائي يدعى ستبين وولف يريد السيطرة على العالم. 

إنها أكثر قصة مكررة في تاريخ الكوميكس بل وحتى أفلام هوليوود العادية، لكن ما يمز نسخة سنايدر عن نسخة ويدون هو المنطق الدرامي، قديمًا لم نكن نعرف من هو ستبين وولف هذا وما هي دوافعه، مخلوق فضائي أحمق مرسوم بجرافيك ركيك، لكن الآن عرفنا أن سنايدر أضاف له عمقًا دراميًا مقنعًا، إنه يعمل لدى أقوى شرير في كوميكس DC وعدو سوبرمان اللدود، مخلوق فضائي خارق يدعى دارك سايد، وهو لم يكن موجودًا في نسخة 2017. 

الآن عرفنا أن ستبين وولف عليه دينًا كبيرًا لسيده دارك سايد وعليه تسديده حتى يستعيد مكانته وحظوته لديه، عليه تدمير 50 ألف عالم منهم عالمنا هذا، لكن المشكلة تكمن في أن دارك سايد حاول غزو كوكب الأرض منذ 5 آلاف عام وفشل لأن جميع سكان الكوكب كانوا متحدين، أهل أتلانتس يقاتلون بجانب أعدائهم أهل أمازون، البشر يقاتلون بجانب آلهة الأوليمب، كانت ملحمة وميثولوجيا سينمائية لم نشاهدها إلا في نسخة سنايدر، وكلنا نعرف ولع هذا الرجل بالميثولوجيا. 

قصة الفيلم مُقسمة إلى 6 فصول، ورغم أن من أكبر عيوب الفيلم أن مدته الزمنية تفوق الـ4 ساعات، إلا أنك لو تغاضيت عن هذا العيب في مرة المشاهدة الأولى، فإنك لن تفعل ذلك حينما ترغب في مشاهدة الفيلم لمرة ثانية؛ بيد أن سنايدر استخدم الأسلوب الملحمي واللقطات الطويلة زمنيًا في هذا الفيلم أكثر من أفلامه الأخرى، وبالتالي بات هناك مشاهد كثيرة لم تضف كثيرًا للقصة ولا حتى لرسم الشخصيات، بعيدًا عن غنائها البصري واستعراض عضلات المخرج الفنية. 

بعيدًا عن هذا العيب، استطاع سنايدر أن يجعل القصة مشوقة وفي نفس الوقت بسيطة جدًا في آليات حبكها، لا يوجد أي لعب في السرد القصصي ولا في زمن السرد نفسه،  وهيكل القصة تقليدي: بداية ووسط ونهاية، ومع ذلك استطاع سنايدر خلب ألبابنا طيلة الأربع ساعات بدون لحظة ملل واحدة، اللهم في بداية الفيلم بسبب المَط الزمني للمشاهد لجعل الأحداث أكثر ملحمية، بدون أي ضرورة لذلك.. إنها طريقة سنايدر المعروفة.

على مستوى الشخصيات، كانت مفاجأة الفيلم غير المتوقعة هي شخصية سايبورج/فيكتور، الذي هضم ويدون حقه تمامًا في نسخته، فكان شخصية ركيكة ذات بعد واحد ليس لها أي مبرر درامي لتواجدها في فرقة العدالة على الإطلاق، لكن الآن كرس سنايدر وقتًا طويلًا جدًا في معالجة هذه الشخصية غير الشهيرة حتى على مستوى القصص المصورة، فأصبح فيكتور من أكثر الشخصيات تراجيدية ذات عمق وثقل في الفيلم كله، أكثر حتى من باتمان، وهو الذي يعتبر أكثر الشخصيات تراجيدية في الكوميكس وبالنسبة لي شخصيًا أحد أفضل الشخصيات الأدبية على الإطلاق.

الوقت الذي كرسته القصة لشخصية فيكتور، جاء على حساب الشخصيات الأخرى على رأسها شخصية أكوا مان/آرثر، فإن لم تشاهد فيلم Aquaman عام 2019 أو لم تقرأ عنه شيئًا في الكوميكس، ستجد صعوبة في الاهتمام به. ونفس الأمر يسري بدرجة أقل على شخصية فلاش/باري آلان، وبدرجة أقل على ووندر وومان/ديانا برنس وسوبرمان/كلارك كينت وباتمان/بروس وين وهو الأمر الذي يثير الدهشة، نظرًا لأن باتمان هو أكثر شخصية مفضلة لدى الجمهور، لكن في نفس الوقت يجب عليك أن تشاهد باقي أفلام عالم DC السينمائي حتى ترتبط مع باتمان وسوبرمان.

ورغم أن ستيبن وولف أصبح شريرًا لا يستهان به دراميًا، إلا أنه ليس الشرير الرئيسي للفيلم، بل دراك سايد، لكن للآسف أضاع الفيلم فرصة معالجته لكي نشعر بأنه يشكل تهديدًا حقيقيًا لأبطال خارقين مثل سوبرمان، فقد كان أمام سنايدر المساحة الوقتية الكاملة لرسم هذه الشخصية الممتعة حقًا في الكوميكس، والتي تفوق في قوتها وجاذبيتها شخصية ثانونس في عالم مارفل سواء في الكوميكس أو في السينما، ومع ذلك استطاعت مارفل أن تعطي لثانوس جاذبية وعمق إنساني رائع. 

لكن قد يتغاضى البعض عن هذه النقطة لأن الفيلم يمهد لجزء ثانٍ يكون فيه دارك سايد في مواجهة مباشرة مع أبطال فريق العدالة، وهذا مفهوم، لكن لسوء الحظ يبدو أننا لن نشاهد الجزء الثاني من الفيلم على المدى القريب على الأقل، حيث إن بين أفليك وهنري كافيل أعلنا من قبل انسحابهما من عالم DC، فضلًا عن أن سنايدر لم يعلن حتى الآن عن نيته لإخراج جزء ثانٍ من الفيلم، وهو ما بدا ضرورة ملحة جدًا بعد النهاية الرائعة التي جاءت في الفيلم، والتي مهدت لتوسيع عالم DC السينمائي.

في النهاية، الفيلم كان هدية رائعة لمحبي باتمان وسوبرمان والقصص المصورة وعالم DC الظلامي، والسينما عمومًا. وهو من أفضل الأفلام التي أخرجها زاك سنايدر في حياته المهنية، وبالتأكيد أفضل من النسخة الهزلية التي شاهدناها في 2017.