الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

«10 جنيهات».. رسوم انتظار!


يوميا كل ظهيرة، أذهب إلى المدرسة لأعود ببناتى إلى المنزل بعد انتهاء اليوم الدراسى، وذات مرة صادفت موظفا من حى المنطقة حاملا "دفتر إيصالات" ويطالبنى بـ ١٠ جنيهات رسم انتظار وإلا توضع السيارة فى قبضة "الكلبش".

رفضت الدفع وتمسكت بحقى المتواضع فى "ركن" السيارة دون أجرة أو غرامة أو إتاوة، ولم يكن أمام الموظف البسيط إلا مقولته المقهورة: "أنا عبد المأمور"، فقد أمرته الحكومة بارتداء ثوب "السايس" لجمع المال من أولياء الأمور أمام مدارس أبنائهم والالتزام بالصف الأول حتى لا يدفع صاحب السيارة المبلغ المطلوب.

والمسألة ليست فى قيمة الـ ١٠ جنيهات، وإنما فى المنطق الكامن وراءها والأسلوب المتبع لانتشالها من جيوب المواطنين!

فى كل مكان تسير فيه الآن تجد قانونا أو إجراءً يطالبك بمقابل لخدمات تقدمها الدولة، وعند كل مناسبة تصطدم بقرارات عليا تفرض رسوما إضافية تستنزف دخول المصريين، وتُحمِّل الأسرة أعباء مادية أكبر وهى فى أمس الحاجة الملحة إلى كل قرش ومليم لسد احتياجاتها وتلبية متطلبات الحياة وشئون أفرادها.

والجميع يتذمر ويشكو من ارتفاع أسعار البنزين والسلع الأساسية، وغرامات التصالح المتعلقة بالعقارات المخالفة والشقق المحظورة المسكوت عنها منذ عشرات السنين، و"فرمانات" الضريبة المفروضة على أملاكك القديمة وبأثر رجعى، ومصروفات التعليم الخاص التى تتلاعب بها الإدارات المدرسية دون ضابط أو رابط، أما ما يحدث فى نقاط المرور عند تجديد التراخيص من "سلسلة رسوم" تكاد أن تصل إلى حد الهواء الذى يتنفسه المواطن، فيحتاج المشهد إلى حملة تحقيقات صحفية وإعلامية مثيرة ومؤلمة!

البيت المصرى فى حالة إرهاق مادى واختناق من هذا الحصار الذى يُغرق الأب والأم فى "حسبة برما" والتفكير المستمر ليلا ونهارا فى كيفية ضبط ميزانية الشهر، ونصيحتى للحكومة الراشدة أن تُسرع بالورقة والقلم فى تحسين أوضاع موظفى الدولة والقطاع الخاص، وتعالج "التشوهات" التى أصابت رواتب وأجور العاملين، وتنصف "كوادر" المهن الحيوية التى تمثل العمود الفقرى للاقتصاد والقطاعات المؤثرة.

ونتشوق ليوم تنجح فيه الدولة عمليا فى تطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية وتضييق الفجوة المخيفة بين فئات المجتمع، بمضاعفة الراتب وزيادة العلاوات السنوية بصورة مقبولة وإقرار حوافز ومكافآت ثابتة للمتميزين والموهوبين وتفضيلهم عن المقربين من دوائر السلطة والمناصب ولا يفعلون شيئا سوى السمع والطاعة والولاء المزيف!

وإذا ما تحقق المراد، وعاش الشعب تحت غطاء مادى مريح يستر عورته ويحترم إنسانيته وكرامته ويُقدِّر إمكانياته وملكات تفوقه ونبوغه، وقتها يحق للدولة أن تطالبه بما تريده ليدفع - عن طيب خاطر وبصدر رحب - أية رسوم أو ضرائب أو إكراميات، حتى لو كانت "١٠ جنيهات"!

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط