غابة هي علاقات الحب، خلابة تأخذ المشاعر بأشجارها الجميلة المتعانقة، بجداول مياهها العذبة الساحرة، بالفطرة البريئة الجميلة التي تحييها فينا، بأحلامها التي يطير بها الخيال، لكن و علي قدر حلاوتها، نكتشف حينًا ما فيها من أفخاخ و مكائد، و ما يحيق بها من مخاطر و افتراس، و ما تسفر عنه أحيانا من خيبات و انكسارات. نكتشف ان هناك من يعبث فيها بالشريك لإرضاء نزوة او جذب الإعجاب، بلا اعتبار لما يلحقه بمن أحبه من أذي، و بلا حدود لقسوة تمجد الأنا علي حساب ما تسببه من انهيار و كآبة لدي الضحية،و لفراغ وحشي لدي جاني يلهث وراء مزيد من ضحايا، يراهم ينزفون ألمًا ليشبع جشعًا لا يهدأ.
لا أحد يريد أن يكون فريسة في لعبة الحب، فأحيانا تتحول الضحية في علاقة قادمة الي جانية، و تمارس نفس العبث الذي عانت منه ، لترضي كبرياءها، و تشعر بقوتها و جدارتها، لكنها رويدا رويدا ستجد انها تفقد أحلي ما فيها من مشاعر بعد أن تحملت و عانت لتستمر، و انها أصبحت شخصا اخر لا يشعر بالأخرين، و لا يروي ظمأه للحب، و لا يرتاح عندما يسكن الي نفسه، لذا لا مناص من ان يكون قادرا علي التفرقة بين الحقيقة و الزيف، بين الصدق و الافتعال، بين الحب الواعي الصادق و لهفة النزوة الأنانية ، لابد ان يتعلم من ألم التجارب ان يكون أصدق حسًا و أوسع وعيا و أعمق تبصرًا بذاته و بواقع الحياة حوله، فهكذا يمكنه ان يحسن الاختيار، و أن يأمن و هو يعطي، و أن يتمتع و هو يشارك و يحس و يحب، و هكذا تتحول الغابة الغامضة الي جنة وسط صحراء الحياة القاسية.
د. هادي التونسي يكتب: غابة الحب
