الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لماذا يبكون «ميسى»؟!

لا أحد يختلف على أن البرغوث الأرجنتينى ليونيل ميسى “معجزة كروية” بما يمتلكه من مهارات خرافية وموهبة رياضية نادرة فى تسجيل الأهداف وإحراز النصر فى أى وقت .. وعلى أى خصم .. وهو ابن الـ ١٧ عاما وتحمل أظافر قدميه سحرا وبريقا، ولذلك اختطفه سماسرة نادى برشلونة الإسبانى ليبدأ مشوار عمره ١٦ عاما متصلة مرصعا بالإنجازات والأرقام القياسية والألقاب الملكية .. فقد خاض أسطورة “التانجو” ٧٧٨ مباراة بمختلف المسابقات سجل خلالها ٦٧٢ هدفا و صنع ٣٠٥ لزملائه .. ونال مع فريقه الكاتالونى بطولة الدورى الإسبانى فى ١٠ مناسبات، وكأس ملك إسبانيا ٧ مرات مع “السوبر” الإسبانى .. وصولا إلى حصد لقب دورى أبطال أوروبا فى ٤ مواسم والسوبر الأوروبى ٣ مرات، ثم كأس العالم للأندية ٣ أعوام.
واحتفظ ميسى - مرتديا زى برشلونة - بجائزة “الكرة الذهبية” متربعا على عرشها كأفضل لاعب فى العالم بعد حصوله ٦ مرات على هذا التاج الثمين لأى لاعب كرة قدم فى التاريخ .. وتلك مجرد حصيلة سريعة لرصيد الفتى الذهبى فى حائط بطولات “برشلونة” وعند جماهيرها المتشوقة دائما للحظة ظهوره داخل المستطيل الأخضر والاستمتاع بكل ثانية تتعانق الكرة مع قدميه لتسكن الشباك فى نهاية مبهرة .. والآن هذا النجم المدلل يحمل حقائبه ليستكمل حياته الحافلة بالكنوز وينهى رحلته التاريخية فى شوارع باريس خلف أسوار نادى “باريس سان جيرمان” لاعتبارات مالية وإدارية فضحت ممارسات وفساد إدارة برشلونة وصفقاته الوهمية مؤخرا بما أدى إلى تراجع المستوى ونزيف النقاط ووقوف “ميسى” وحيدا شاردا فى الملعب تتعلق الآمال والرهانات بموهبته وقدراته الفذة فى لعبة تعتمد على الجماعية وروح الفريق!.
وتلك هى النقطة الجوهرية فى مشهد وداع ابن أمريكا اللاتينية لملعب “كامب نو”، فكلما كنت أشاهد مباراة لفريق برشلونة فى عصرها الماسى، والعين حائرة بين مجموعة من اللاعبين المدهشين سواء فى التمرير الدقيق أو المهارة الفردية أو براعة التسلل من المدافعين والوصول إلى المرمى على طريقة السهل الممتنع .. كانت السيمفونية الكروية تعزفها آلات متقنة الصنع وذات أصوات ناعمة .. فكان بجوار ميسى صانع ألعاب رائع يدعى “تشافى”، ونجم زئبقى متفوق على أقرانه اسمه “أنيستا”، وصخرتا دفاع محفور عليهما “بيول”و“بيكيه”، وجناحان يطيران على طول الملعب فى رشاقة واحترافية هما “ألفيس” و “ألبا” .. وفى فترة معينة انضم إلى مربع العمليات لورد الأوروجواى سواريز، والولد الشقى البرازيلى “نيمار”، واتسع المجال أمام موهبة “ميسى” لمزيد من الانطلاق والتوهج .. وهكذا كانت قلعة برشلونة تدير منظومة الصفقات الصيفية والشتوية ليستقر البرغوث المهاجر وسط كوكبة من النجوم تعمل كـ “تروس” صلبة ومحكمة المواصفات العالمية فى عجلة الفريق، وهى السمة التى تصنع الأمجاد وتحول البطولات إلى ماركة مسجلة على صدر النادى ولاتفارقها بسهولة!.
من حق جماهير برشلونة أن تبكى “ميسى” بعد أن أدمنت مذاق الانتصار فى وجوده وعاشرته لـ “سنوات عسل” مثمرة .. ولكن الدموع الأكبر على أوضاع البيت الكاتالونى الداخلية وما أفرزه الإهمال والتراخى فى الاختيار وتصعيد الناشئين من شباب النادى ليحلوا محل “فريق الأحلام” الذى منه عاش المنتخب الإسبانى أزهى عصوره منذ إحرازه كأس الأمم الأوروبية عامى ٢٠٠٨ و ٢٠١٢ وتتويج الجيل بكأس العالم فى نسخة ٢٠١٠ بجنوب أفريقيا .. ولكل شئ نهاية ونقطة انتهاء .. وبالفعل انتهى عقد “ميسى” مع مدرسة برشلونة .. ولكن يظل نبوغ المعلم النموذجى مرتبطا بمناخ وبيئة المؤسسة التى يعمل بها ويستمد قوته وثبات مستواه من اختلاطه بمن يحظون بالموهبة والمهارة والذكاء .. وبرحيل ميسى، هل يسقط الكيان العريق وتجف منابع المواهب فى نهره الرياضى؟! .. عندئذ يحق لكل مشجع “برشلونى” أن يبكى .. وبحرارة!.
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط