الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

فن صناعة البطولة


كيف نصنع بطلاً يكون لأهله وناسه وبلده فخراً؟!،.. أقول هذا الكلام بمناسبة ما حققته مصر من إنجاز تاريخي في أولمبياد توكيو2020،.. فمن منا لم يرتجف قلبه،.. وهو يشاهد العلم المصري يرفرف في سماء اليابان على معزوفة نشيدنا الوطني، بعد تتويج فريال أشرف بالميدالية الذهبية لمنافسات الكارتيه.. لتكون أول مصرية تحرز ميدالية ذهبية لبلدها.. 
ومع فرحتي بحسن أداء "فريال" وزملائها الأبطال من مختلف الألعاب الأولمبية،.. بدر إلى ذهني السؤال الذي بدأت به مقالي،.. وأراه هام جداً لكل أب وأم تمنوا أن يلعب أبناءهم دور البطولة ليس في المجال الرياضي فحسب بل الأدبي، الفني، العلمي، أو حتى الأسري والأخير تحديداً هو الأهم!..
فما هي البطولة؟!،.. لو راجعنا ماهية البطولة على حد ما جاء في قاموس المفردات اللغوية بالمعجم العربي لوجدناها كلمة تعني الشجاعة، والبسالة .. وإذا فكرنا في تلك المعاني السامية، للاحظنا أن البطولة الحقيقية صفة أخلاقية، أو بمعنى أدق مجموعة من الخصال التي يجب أن يتمتع بها كل شخص يريد أن يحرز الجوائز والميداليات في أي مجال أياً كان.. 
فالبطولة الفعلية هي التي تؤمن أن الفروسية، الشهامة، النبل، النخوة هم أدواتها الحقيقية.. وتحقيق النجاح يبدأ من التفوق على الذات قبل الغير.. نعم .. الذات بما فيها من عيوب وسلبيات.. فأكبر خطأ يرتكبه أب أو أم في حق صغارهم هو التركيز على الغير.. ماذا حقق؟!،.. وكيف حصل أحدهم على درجة أكبر من درجات أبنه؟!،.. والأخطر،عقد مقارنات لا تجلب إلا الدمار بين صغيره وبين زملائه وأقاربه.. معتبرين أن مهارة أبنهم تكمن في حصوله على رقم 1 "نمبر وان".. ناسين أو متناسين أن أكبر تقدم يحققه أي شخص هو إجادة تغلبه على كل صعب يواجهه حتى يحطم أي سد وحاجز يقف حائلاً أمام تفوقه على نفسه قبل الآخرين.. 
فأجمل تعريف للبطولة يكمن في مقولة لأعب كرة السلة الشهير مايكل جوردن "الموهبة قد تكسبك مباراة لكن العمل الجماعي والذكاء قد يكسبك البطولة".. 
تعالوا معاً نعيد مفاهيم البطولة السليمة لأساليبنا التربوية... علموا أولادكم أن التميز لا يعني التقليل من شأن منافسيهم، فالبطولة عطاء غير قابل رصيده للنفاذ، والنجاح يبنى على أماطه الأذى عن الأعداء قبل الأصدقاء ليس حباً فيهم ولا ضعفاً من مواجهتهم.. لكن لاعتبار الأذية أحد السمات البغيضة، وهو ما يتنافى مع البطولة القائمة على الترفع عن الصغائر.. إياكم أن تربطوا المهارة بمجال معين ، وتذكروا دوماً أن الأسرة الواعية هي التي تكتشف قدرات صغيرها، وتنمي موهبته الكامنة ليس من باب حصد لقب بل للاستمتاع بكل تفصيلة في هواياته.. وقتها فقط، قد يحصل على جوائز لا تعد ولا تحصى.. وأكبر دليل على كلامي ما ذكرته والدة  بطلة مصر فريال أشرف،  في مداخلة  هاتفية على أحد الفضائيات عن تشجيعها لأبنتها منذ صغرها على الكارتيه حين رأت تفضيلها واهتمامها بتلك اللعبة، رغم ممارستها السباحة قبلها، فضلاً عن ما جاءها من عروض للانضمام لفرق رياضية أخرى، وذلك لطول أطرافها..
وبعد كل ما قيل ويقال،.. تظل أعظم  بطولة يحرزها إنسان هي شهادة امتياز ممهورة بحب وتقدير أسرته، أصدقائه، وكل من يتعامل معه، معتبراً إياه بطل حياته.. ويا بخت من يحظى بتلك البطولة..  
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط