الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

في الذكرى 20 لأحداث 11 سبتمبر.. تعرف على الدوافع وسبب اختيار التاريخ

صدى البلد

في 6 أغسطس 2001، خرج تقرير وكالة المخابرات المركزية الإخباري اليومي الرئاسي "بّي دي بي" وهو تقرير مخصص «للرئيس فقط» بالعنوان التالي «بن لادن مصمم على ضرب الولايات المتحدة»، وأشار التقرير إلى أن «معلومات مكتب التحقيقات الفيدرالي تشير إلى أنماط من الأنشطة المشبوهة في البلد تتماشى مع الاستعدادات لعمليات اختطاف أو أنواع أخرى من الهجمات»، وهو ما عزز تقرير كان  ريتشارد كلارك المسؤول البارز في مكافحة الإرهاب، وجورج تينيت مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قدماه في أواخر يونيو، وكتبا: «مقتنعين بأن سلسلة كبيرة من الهجمات على وشك الوقوع»، رغم أن وكالة الاستخبارات المركزية اعتقدت أن الهجمات من المرجح أن تحدث في المملكة العربية السعودية أو إسرائيل، إلا أن الحدث الذي زلزل العالم بصفة عامة، والولايات المتحدة بصفة خاصة، كان يوم الثلاثاء 11 سبتمبر بهجمات إرهابية استهدفت  الولايات المتحدة، وجرت بواسطة أربع طائرات  نقل مدني تجارية، تقودها أربع فرق تابعة لتنظيم القاعدة، وُجِهت لتصطدم بأهداف محددة، نجحت ثلاث منها في ذلك، بينما سقطت الرابعة بعد أن استطاع ركّاب الطائرة السيطرة عليها من يد الخاطفين لتغيير اتجاهها، ما أدّى إلى سقوطها وانفجارها في نطاق أراضي ولاية  بنسيلفانيا.

وتمر اليوم الذكرى 20 لأحداث الهجوم الأعنف في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.

بداية مخطط القاعدة للرد على أمريكا

اختطف 19 من تنظيم القاعدة أربع طائرات ركاب تديرها شركتان أمريكيتان رائدتان للنقل الجوي "الخطوط الجوية المتحدة والخطوط الجوية الأمريكية"، وغادرت جميعها من مطارات في شمال شرق الولايات المتحدة متجهة إلى كاليفورنيا، اصطدمت طائرتان منها: الخطوط الجوية الأمريكية الرحلة 11  والخطوط الجوية المتحدة الرحلة 175 بالبرجين الشمالي والجنوبي على التوالي لمجمع مركز التجارة العالمي في منطقة مانهاتن السفلى،  في غضون ساعة و42 دقيقة انهار كلا البرجين المكونين من 110 طوابق، وتسبب الحطام والحرائق الناتجة عن ذلك بانهيار جزئي أو كامل لجميع المباني الأخرى في مجمع مركز التجارة العالمي، بما في ذلك برج مركز التجارة العالمي 7 المكون من 47 طابقًا، إضافة إلى أضرار كبيرة لحقت بعشر مبانٍ أخرى كبيرة محيطة به، وتحطمت طائرة ثالثة هي الخطوط الجوية الأمريكية الرحلة 77 في  البنتاجون (مقر وزارة الدفاع الأمريكية) في  مقاطعة أرلنجتون بولاية فيرجينيا، ما أدى إلى انهيار جزئي في الجانب الغربي من المبنى، أمّا الطائرة الرابعة ألا وهي الخطوط الجوية المتحدة الرحلة 93 فقد كانت متجهة نحو  واشنطن العاصمة، لكنها تحطمت في حقل في بلدية ستونيكريك الواقعة ضمن مقاطعة سومرست  بالقرب من شانكسفيل بولاية بنسلفانيا، بعد أن تصدى ركابها للخاطفين وأحبطو مخططهم.
تُعتبر هجمات 11 سبتمبر الهجوم الذي خلف أكبر عدد من الضحايا في تاريخ البشرية، والحادثة الأكثر فتكًا لرجال الإطفاء وضباط إنفاذ القانون في تاريخ الولايات المتحدة، إذ قُتل 343 و72 منهم على التوالي.
 

أهداف محددة وضربة غير متوقعة

تمثلت أهداف الطائرات الثلاث في برجي مركز التجارة الدولية الواقعة في مانهاتن، ومقر وزارة الدفاع الأمريكية، المعروف باسم البنتاجون، بينما لم تُحدّد التحريات حتى اليوم الهدف الذي كان يريد خاطفو الطائرة الرابعة ضربه، وتسببت هذه الأحداث في مقتل 2977 شخصًا، إضافة إلى 19 من إرهابيي تنظيم القاعدة المسؤولين عن خطف الطائرات، إضافة لآلاف الجرحى والمصابين بأمراض جراء استنشاق دخان الحرائق والأبخرة السامة، ولم تفلح الاحتياطات في صد هجمات الطائرات على البرجين، ووُجهت انتقادات شديدة لمسؤوليها الأمنيين.

الولايات المتحدة تنتقم بهجوم كاسح

سُرعان ما وُجِهت الشكوك نحو تنظيم القاعدة،  وردت الولايات المتحدة بشن الحرب على الإرهاب وغزو أفغانستان، لخلع حركة طالبان  التي رفضت الامتثال للمطالب الأمريكية بطرد تنظيم القاعدة من أفغانستان وتسليم زعيمها  أسامة بن لادن، وعززت بلدان كثيرة حول العالم  تشريعاتها لمكافحة الإرهاب ووسعت من سلطات أجهزة الأمن وإنفاذ القانون والاستخبارات لمنع هجمات مماثلة، ورغم إنكار بن لادن في البداية أي تورط له في الهجمات، إلا أنه أعلن عام 2004 عن مسؤوليته، وذكر تنظيم القاعدة وبن لادن دوافعهم المتمثلة  بالدعم الأمريكي لإسرائيل  ووجود القوات الأمريكية في المملكة العربية السعودية  والعقوبات المفروضة على العراق، بعد التملص من الاعتقال لمدة عقد من الزمان تقريبًا، كان بن لادن موجودًا في باكستان وقُتل على يد «فريق سيل 6» التابع للبحرية الأمريكية في مايو 2011 أثناء فترة إدارة الرئيس  أوباما.

دوافع بن لادن والقاعدة لضرب أمريكا

بن لادن

رأى المحققون، ان إعلان أسامة بن لادن، الجهاد ضد الولايات المتحدة، وفتواه عام 1998، التي دعت إلى قتل الأمريكيين، دليلًا على دافعه، في «رسالة إلى أمريكا» في نوفمبر عام 2002، قال بن لادن صراحةً أن الدوافع وراء هجمات القاعدة تشمل:
دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، ودعم «الهجمات ضد المسلمين» في الصومال، دعم الفلبين ضد المسلمين في صراع مورو، دعم «العدوان» الإسرائيلي ضد المسلمين في لبنان، دعم روسيا «الفظائع المرتكبة بحق المسلمين» في الشيشان، الحكومات الموالية لأمريكا في الشرق الأوسط الذين «يتصرفون كعملاء لأمريكا» فيما يتعارض مع مصالح المسلمين، دعم ظلم الهنود للمسلمين في كشمير، وجود القوات الأمريكية في المملكة العربية السعودية، وحصار العراق.

التخطيط الدقيق وسبب اختيار التاريخ

خالد الشيخ محمد

كان الارهابي خالد الشيخ محمد، أول من تصور الهجوم وقدمه إلى أسامة بن لادن عام 1996، في ذلك الوقت، كان بن لادن والقاعدة ضمن مرحلة انتقالية، بعد العودة إلى أفغانستان  بدلا من السودان، وكانت تفجيرات السفارات الأمريكية في أفريقيا عام 1998 والفتوى التي أصدرها بن لادن في العام نفسه، نقطة تحول في العملية للقاعدة، إذ عقد بن لادن عزمه الهجوم على الولايات المتحدة.

في أوائل عام 1999، وافق بن لادن على مضي محمد في التخطيط والتنظيم، وعقد ونائبه محمد عاطف سلسلة من الاجتماعات، وقدم عاطف دعما تشغيليًا شمل تحديد الأهداف وترتيب سفر منفذي الهجوم، ورفض بن لادن خطة محمد في استهداف أهداف مثل برج مصرف الولايات المتحدة في لوس أنجلوس  بسبب ضيق الوقت، وقدم بن لادن الدعم المالي وشارك في اختيار المشاركين، إذ وقع اختياره بدايةً على "نواف الحازمي وخالد المحظار"، اللذان كان كلاهما جهاديين متمرسين قاتلا في البوسنة، وصل حزمي ومحضار إلى الولايات المتحدة في منتصف شهر يناير عام 2000، وتلقيا دروسا في الطيران في سان دييجو بولاية كاليفورنيا، ولكن لم يتقن كلاهما سوى قليل من اللغة الإنجليزية، وكان أداؤهما ضعيفًا في دروس الطيران، وشغلا في النهاية دور منفذين ثانويين.
في أواخر عام 1999، وصلت مجموعة رجال من هامبورج، إلى أفغانستان؛ كان من بين هؤلاء محمد عطا ومروان الشحي وزياد جراح ورمزي بن الشيبة، وقع اختيار بن لادن على هؤلاء لكونهم متعلمين، ويجيدون الإنجليزية، ولديهم خبرة في الحياة في الغرب، كان يُفحص المجندون الجدد بشكل روتيني لتنمية مهاراتهم الخاصة، وبالتالي وجد قادة القاعدة أن "هاني حنجور" كان يملك بالفعل رخصة طيار تجارية، ما يساعد منفذي الهجوم، وبالفعل ساعدهم حنجور على التخفي بتعليمهم كيفية طلب الطعام في المطاعم وارتداء ملابس غربية، ووصل إلى سان دييجو في 8 ديسمبر عام 2000، لينضم إلى حازمي، وسرعان ما غادر الاثنان إلى أريزونا، حيث تلقى حازمي تدريبًا تنشيطيًا، ووصل مروان الشحي في نهاية شهر مايو عام 2000، في حين وصل عطا في 3 يونيو من العام نفسه، ووصل الجراح في 27 يونيو، وتقدم بن الشيبة للحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، لكن لكونه يمنيًا، رُفض خوفًا من أن يتجاوز فترة إقامته حسب الفيزا، وبقي بن الشيبة في هامبورج، مديرًا التنسيق بين عطا ومحمد، وتلقى أعضاء خلية هامبورج الثلاثة تدريبات تجريبية في جنوب  فلوريدا، ومع بداية عام 2001، بدأ المنفذون الثانويون بالوصول إلى الولايات المتحدة، في يوليو عام 2001، التقى عطاء مع بن الشيبة في إسبانيا، حيث نسّقوا تفاصيل الهجوم، بما في ذلك اختيار الهدف النهائي، وحصل بعض منفذي الهجوم على جوازات سفر من مسؤولين سعوديين فاسدين كانوا من أفراد عائلاتهم، أو استخدموا جوازات سفر مزيفة للدخول، ودارت فكرة حول اختيار منفذي الهجوم ذلك التاريخ لتشابهه مع 9-1-1، رقم الهاتف للإبلاغ عن حالات الطوارئ في الولايات المتحدة، غير أن "لورانس رايت" كتب أن المنفذين اختاروا ذلك التاريخ لأن 11 سبتمبر عام 1683 هو اليوم الذي بدأ فيه ملك بولندا معركة فيينا التي طُردت بنهايتها الجيوش الإسلامية العثمانية التي حاولت الاستيلاء على فيينا، كان ذلك هو التاريخ الذي فرض فيه الغرب سيطرة فوق الإسلام، وبتنفيذ الهجوم في ذلك التاريخ، كان يأمل في خطو خطوة باتجاه «الفوز» في حرب القوة والتأثير العالميين.