الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مَهر «الإمبراطور الفيلسوف»

تسألنى من هو أكثر شخص تحترمه فى الحياة؟ .. أجيب بمنتهى الثقة والسرعة : الإنسان العصامى الذى بنى نفسه بعرقه ودمه وأعصابه .. ولهذا ودعت بقلبى ومشاعرى وعقلى شهبندر الصناعة المصرية محمود العربى الذى ترك لنا جميعا رصيدا من الذهب يفوق فى قيمته وثرائه حسابات المال فى البنوك والشركات .. إنه “ذهب” العمل وشرف الإنتاج ومنطق العطاء السخى لكل من حوله لينام على وسادته بـ “قرش حلال” أغلى من “مليون جنيه” مصدره التربح غير المشروع أو استغلال “جهد الغلابة”!.
لم يكن “العربى” مجرد تاجر طموح شق طريقه ليصبح رجل أعمال ويفتح أبواب الرزق لآلاف العمال والموظفين .. فهم كثيرون ويستحقون الإشادة والتذكير دائما .. ولكن هذا الرجل عاش تفاصيل فى طفولته وصباه صنعت منه “فيلسوفا” يعرف كيف يترجم المبادئ النظرية إلى أسلوب حياة وقاموس سلوك وأخلاق .. فالعامل الذى بدأ مشواره بـ ٤٠ قرشا راتبا شهريا لم يفرط فى شركائه قط، ولم يخدع زبونا واحدا لإغرائه بشراء منتج غير مطابق للمواصفات، ولم يقنط من خسارة تجارة الأدوات المكتبية، وسارع بتغيير نشاطه إلي الأجهزة المنزلية إلى أن نال ثقة أباطرة هذه الصناعة فى اليابان وحصل بذكائه وضميره على “التوكيل الرسمى” حتى تربع على العرش داخل بلده .. ووسط ناسه وأهله .. فلم يتغير جلده ونزع العباءة عن جسده وارتدى السترة الأنيقة دون أن يتخلى عن أصوله وجذوره .. فلم نسمع عن عامل أو موظف فقد عمله داخل مجموعته الاقتصادية، ورأيناه يصرف بالكامل رواتب “زملائه” وليس “موظفيه” كما كان يردد لسانه وتحديدا خلال محنة كورونا القاسية .. ولم تجرده أعلى المناصب من سمات التواضع والكرامة والارتباط النفسى بالفقراء ومن يحتاجون إلى “لقمة العيش” .. والمواقف مختلفة والحديث عنها لايتوقف من فرط الإعجاب والفخر!.
وفى موكب الرحيل، كانت يد تودعه بحب واحترام .. واليد الأخرى تتظاهر لتطالب بمدينة صناعية كبرى تحمل اسمه الرفيع لتعليم شباب الحرفيين والمهن الصغيرة أسس بناء شخصية “رجل الأعمال” .. والمهم فى هذه المدينة هى انتشال متوسطى المؤهلات وجموع العاطلين من مصيدة “المقاهى” وأنياب الإنترنت بمشروعات مدروسة تنمى مهاراتهم وتحتوى طاقاتهم وتمتص رغباتهم فى الارتقاء بأحوالهم المعيشية والمهنية .. نريد نجارين وسباكين وكهربائيين وعمال بناء .. ننتظر خرَّاطين ونسَّاجين فى المصانع وعلى كل آلة أو ماكينة لاتشبع من تفريخ “المنتج الوطنى” .. وما يحتاجه الشباب هو قيادات ورؤساء “ورديات” تشربوا الصنعة وعاشروا الإمبراطور “العربى” فتعلموا منه فن وفلسفة تنشئة “الإنسان العصامى” من وقود الحياة وخبرة السوق وشطارة التجارة .. وتلك الفلسفة العظيمة تنافس بقوة نظريات كبار الأساتذة والمفكرين ومحترفى الكتب والثقافة منذ فجر العصور!.
- ومصر الجديدة الآن “عروس” فى صالونها تعرض مهرها على من يبادر ويتقدم لخِطبتها .. وفى تقديرى أن مدينة “العربى” الصناعية بكل فروعها ومؤسساتها هو أغلى ما يمكن أن تقدمه الدولة لبلدنا الكريمة .. ولأبنائها الكرام السائرين على درب “أشرف التجار”!.
 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط